السفير الإيراني في سورية يدعو جيرانها لاحترام سيادتها.. والأمم المتحدة: نرفض أي عملية عسكرية أياً كان مصدرها … دمشق: سيادتنا ووحدة أراضينا ليست ورقة ابتزاز ونحتفظ بحقنا في اتخاذ ما يلزم لإنهاء العدوان التركي
| دمشق- موفق محمد - حلب- خالد زنكلو
جددت سورية التأكيد والتحذير من تداعيات الإجراءات العدوانية التي يمارسها النظام التركي على أراضيها، مذكرة عبر رسالة وجهتها وزارة الخارجية والمغتربين لكل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، بأن ما يجري هو أفعال غير شرعية وملغاة ولا ترتب أي أثر قانوني أو واقعي، بل وترقى إلى توصيفها بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
الخارجية أشارت في رسالتها إلى التصريحات الخطيرة التي صدرت مؤخراً عن مسؤولين أتراك، في مقدمتهم رئيس النظام رجب طيب أردوغان حول إنشاء ما يسمى «منطقة آمنة» داخل الأراضي السورية في الشمال، وعزم قوات الاحتلال التركي إنشاء مستعمرات في هذه المناطق السورية، وشن عمل عسكري في عمق الأراضي السورية، لفرض هذه الإجراءات غير الشرعية، وقالت: «إن العدوان والاحتلال والتطهير الديموغرافي هو التوصيف القانوني والواقعي الوحيد، الذي ينطبق على الوجود التركي غير الشرعي في الأراضي السورية».
وشددت الخارجية على احتفاظ سورية بحقها في اتخاذ كل ما يلزم من إجراءات ينص عليها الميثاق والقانون الدولي، من أجل إنهاء ممارسات العدوان والاحتلال والتطهير العرقي التي يرتكبها النظام التركي.
وأكدت الخارجية أن سيادة سورية واستقلال وسلامة ووحدة أراضيها، يجب ألا تكون ورقة ابتزاز وتفاوض بين نظام سياسي راديكالي يحكم تركيا، ويهدد السلم والأمن الإقليميين والدوليين وبين حلف الناتو الاستعماري الذي يسعى بشكل غير مسؤول إلى توسيع دائرة النزاع ليمتد إلى هذه المنطقة من العالم.
وحذرت الخارجية حكومات الدول المشاركة في المشروع التركي الخطير وكذلك الأفراد والمنظمات غير الحكومية والدولية، من العواقب القانونية الناجمة عن الانخراط في تمويل المشاريع والبرامج التي تنفذها حكومة الاحتلال التركي على الأراضي السورية المحتلة، وشددت على احتفاظها بحقها في اتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية تضمن تحقيق المساءلة والملاحقة والتعويض عن الممارسات التي يرتكبها الجانب التركي وكل قوة محتلة.
ودعت الخارجية في ختام الرسالة الأمم المتحدة والدول الأعضاء، إلى متابعة هذا الموضوع الخطير بكل جدية وإلى عدم التجاوب ولا السكوت عن ممارسات النظام التركي الابتزازية، مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بدراسة التأثير الخطير لهذه الممارسات على مساعيه ومساعي مبعوثه الخاص إلى سورية.
في الأثناء شددت الأمم المتحدة على رفضها أي عملية عسكرية في سورية أياً كان مصدرها، وقال المتحدّث باسم الأمم المتّحدة ستيفان دوجاريك للصحفيين، ردّاً على سؤال بشأن العملية العسكرية التي أعلن أردوغان أنه سيشنّها في شمال سورية، وفق ما ذكرت وكالة «أف ب» «نحن ندافع عن وحدة أراضي سورية، وما تحتاجه سورية ليس مزيداً من العمليات العسكرية، أيّاً كان مصدرها»، وأضاف: «ما تحتاجه سورية هو حلّ سياسي، ومزيد من المساعدات الإنسانية، وهذان هما الأمران اللّذان نعمل عليهما».
تأتي هذه المعطيات في وقت نفى فيه مسؤول في البنتاغون في تصريح لقناة «سكاي نيوز»، وجود أي صفقة بين واشنطن وتركيا، تقضي بمنحها الضوء الأخضر لإنشاء ما يسمى «منطقة آمنة» بعمق 30 كيلومتراً على طول الحدود مع سورية، مقابل قبولها دخول فنلندا والسويد للناتو.
طهران وعلى لسان سفيرها في سورية مهدي سبحاني أعلنت في أول موقف رسمي لها عن رفضها ما أعلنه رئيس النظام التركي، مطالبة جيران سورية باحترام وحدة وسيادة أراضيها.
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» على هامش حفل الاستقبال الذي أقامته السفارة اليمنية بدمشق أمس، قال سبحاني: «نحن مع وحدة الأراضي السورية ومع احترام السيادة السورية، ونرفض أي شيء يسبب انتهاك وسلامة وحدة وسيادة الأراضي السورية».
وطالب السفير الإيراني «جيران» سورية باحترام وحدة وسيادة أراضيها، وألا يسببوا الأذى للأمن والأمان فيها، داعياً في الوقت نفسه «الجميع» باحترام قرار الشعب السوري وأن يسمحوا لهذا الشعب بالعيش بأمان وسلام.
ورداً على سؤال حول الخط الائتماني الإيراني – السوري الذي تم توقيعه خلال زيارة الرئيس بشار الأسد إلى طهران في الثامن من الشهر الجاري، ومتى يمكن أن نرى مفاعيل هذا الخط على الأرض في سورية، قال سبحاني: «سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي دعم شامل لسورية الشقيقة والصديقة، ونحن لا ندخر أي جهد للتخفيف عن الشعب السوري من العقوبات الجائرة والضغوط، ونبذل جهودنا سواء الاقتصادية أو السياسية في هذا المجال ونعمل على تنشيط التجارة بين البلدين».
وأكد سبحاني أن زيارة الرئيس الأسد إلى طهران «كانت زيارة ناجحة وجاءت في توقيت مناسب وإن شاء اللـه سنرى نتائجها في المستقبل القريب».
موقف طهران تزامن مع موقف روسي محذر من تداعيات استمرار الاحتلال الأميركي لأجزاء من الأراضي السورية، حيث أشار مبعوث روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا في جلسة لمجلس الأمن إلى أن سورية حقّقت نجاحات كبرى بالتصدّي للإرهاب، لافتاً إلى أن ما يعوق الاستقرار فيها هو احتلال واشنطن لأجزاء كبيرة من أراضيها.
وأكّد نيبينزيا أن أميركا تنهب قمح ونفط سورية، وهما أساس التصدي لأزمة الطاقة والغذاء، مشيراً إلى أن مواصلة الولايات المتحدة فرض الإجراءات القسرية غير المشروعة على الشعب السوري، تؤدي إلى نتائج كارثية على هذا البلد.
في الأثناء أكد مراقبون للوضع شمال وشمال شرق سورية في تصريحات لـ«الوطن»، بأن «الزوبعة الإعلامية» لنظام أردوغان سيخبو وهجها ومفعولها النفسي مع مرور الوقت، مع انسداد أفق حصوله على ضوء أخضر من موسكو وواشنطن للمضي بتنفيذ تهديداته العدوانية التوسعية على حساب الأراضي السورية.
ورأوا أن انتزاع أردوغان المتوقع لموافقة مجلس الأمن القومي التركي، خلال اجتماعه اليوم الخميس، بتنفيذ عملية عسكرية جديدة عبر الحدود وإنشاء «الآمنة»، مجرد «بروبوغندا إعلامية» لن تقدم ولن تؤخر في منح الشرعية أو القوة الكافية لزعيم أنقرة بالتهور أبعد من الخطوط الحمر المرسومة له من ضامني اتفاق وقف إطلاق النار روسيا والولايات المتحدة في شمال وشمال شرق سورية».