شؤون محلية

العواصف الغبارية

| ميشيل خياط

ليست العواصف الغبارية الراهنة جديدة على سورية، ولطالما كانت تؤذي الكثير من سكان مناطقنا الشرقية ولاسيما دير الزور، لكن جديدها الآن أنها باتت شاملة، لم ينج من شرها حتى مدننا الساحلية، وقد اجتاحت أغلب المحافظات كحلب وحماة وحمص ودمشق… الخ.

وما من شك أننا ضحايا إخفاق بيئي ذريع، عالمي بالدرجة الأولى، من دون أن نغمض العين عن المحلي.

والأمر المخيف الآن، هو ذاك التداخل بين عوامل كثيرة تدفع بكوكبنا نحو الفناء!

يفقد عالمنا سنوياً 12 مليون هكتار من غاباته، علما أن الغابات هي حاضن لـ 75,. من الماء العذب على وجه الأرض. ويتصحر سنوياً مساحة مذهلة من الأرض، قدرت في إفريقيا فقط بثلاثة ملايين هكتار!

وكلما تقلصت الغابات وازداد التصحر، تناقصت الأمطار وانحسرت النباتات، وغدت الأراضي صحراوية تنفث غباراً كلما هبت عليها الرياح. هل ثمة حل دولي؟

عقدت في تشرين الأول الماضي (2021) قمة الفرصة الأخيرة _ المناخية_ في غلاسكو في إسكتلندا، بحضور 200 دولة من دول العالم، في محاولة لكبح جماح الاحترار الحراري، البالغ 1,2 درجة عن العام 1750 – عام الثورة الصناعية الكبري. يقول الخبراء: إن الأرض لا تحتمل حرارة زائدة، ناجمة عن احتراق الوقود التقليدي (النفط – الفحم -الغاز -)، وإنه إذا لم ينجح عالمنا في ذاك الكبح، فإن مدناً كثيرة ستندثر إلى جانب عدة دول حتى نهاية هذا القرن!

وبهذا المعنى، تبدو العواصف الغبارية أمراً عادياً قياساً على الاندثار!

ومن المؤسف أن قمة الفرصة الأخيرة، لم تحسم المشكلة، وظلت مجرد كلام يتكرر في القمم السنوية، ذلك أن عقدة النجار فيها، توظيف 100 مليار دولار سنوياً، لمساعدة دول العالم على التخلص من الانبعاثات الغازية وجلها من غاز (ثاني أكسيد الكربون)، لتجنب ما يعرف بالدفيئة، فغاز ثاني أوكسيد الكربون co2 الناجم عن احتراق النفط والفحم، لا يغادر الغلاف الجوي للأرض ويبقى وهو الدافئ، ضمن الأرض فيزيد من حرارتها. ويحتاج العالم إلى 15ألف مليار دولار للتحول إلى الهدروجين كوقود أخضر حتى العام 2050.

لم يتوصلوا إلى آلية عملية لجمع مئة مليار دولار سنوياً وتوزيعها.

صحيح أن البيئة تجعل عالمنا بلا حدود وأننا نتأثر بما يدور من حولنا من ويلات بيئية، لكننا محلياً، على الصعيد السوري، نستطيع أن نعمل لدرء الخطر عنا.

أرقامنا مبكية للأسف، إذ نحول الكثير من أراضينا الزراعية إلى أراض نبني عليها المنازل والفنادق والمطاعم والمعامل والمستودعات (من أصل 2000 كم2 أبنية بين العام 2000 والعام 2015)، فإن 1700كم2منها بنيت على الأراضي الزراعية…! وما من شك أن الحرب الجائرة على سورية قلصت غاباتنا وقضت على ملايين الأشجار في بساتيننا وأوقفت مشاريع مهمة كتغطية الكثبان الرملية والحزام الأخضر.

نغرس ونزرع ونحرّج حالياً، لكن ما ننجزه ضئيل.

كنا قبل الحرب ننتج في مشاتلنا 30 مليون غرسة، مقابل 6 ملايين حالياً وكنا نحرّج 24ألف هكتار.

نحتاج إلى فزعة وطنية للتشجير، فالأشجار هي دواؤنا الوطني لمواجهة الحر الشديد، والعواصف الغبارية وتقليصها على الأقل.

والكلام ليس موجهاً لوزارة الزراعة وحدها، إنه موجه لكل المؤسسات العامة والخاصة ولكل الوزارات والمدارس والجامعات. بالأشجار الكثيفة نحمي حياتنا الأجمل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن