ثقافة وفن

إحياء الأغنية السورية المعاصرة بوجوه شابة … محمود الحداد لـ«الوطن»: غايتنا هي توثيق بعض الأعمال السورية القيمة بجودة عالية

| سارة سلامة

شهد مسرح الدراما في دار الأوبرا السورية أمسية غنائية بعنوان «ترامواي سوري» أحياها الفنان الشاب محمود الحداد، الذي عمل على اختيار الأغاني السورية الخالصة لكتاب وملحنين ومغنين من هذه الأرض، كنوع من التوثيق والأصالة وحفظ التراث، فكان الجمهور يشيد بالأغاني التي تنوعت بلهجات أهل الشام وحلب وحماة ودير الزور.. متعطشين وشغوفين إلى الفن السوري العريق الذي حمل على مر تاريخه أجمل المقطوعات.

هذا التفاعل والغلو حمّل الحداد مسؤولية كبيرة تجاه هذا الفن المغمور بالحب وبدأ يطمح أكثر إلى تخليده والعمل عليه للعبور به إلى مختلف المحافظات وتقديمه عربياً، فهو منتج سوري عريق يخاطب الفؤاد ويذكرنا بأيام الزمن الجميل.

وعلى مدخل دار الأوبرا احتشدت الناس التي يبدو أنها مازالت مندهشة بتراثها ومتعلقة بأغاني أجدادنا؛ هذا الجمهور يقف في طابور ليحجز مقعداً ويملأ المدرجات حباً؛ متفاعلاً بشكل كبير مع الحداد الذي تماهى بروحه مع الأغنيات وقدمها بطريقة صوفية تحاكي الروح والفؤاد.

حيث تماهت الأغنية السورية المعاصرة على المسرح فكانت الأمسية بمنزلة فرصة لتخليد التراث الغنائي، من خلال التوزيع الموسيقي الذي أنجزه قائد الفرقة الموسيقية طارق سكيكر.

عن الأمسية

بدأت الأمسية ببعض الأغاني التي تغنى بها أهل الشام مع الملحن رفيق شكري وأغنيته «يا حنينة»، ومنها إلى حلب «يمر عجباً» و«يا ذا القوام» ألحان عمر البطش، ومن الفلكلور الحموي كانت «ليش الزعل ياخالة» للملحن نجيب السراج، وعرج الحداد على التراث الصوفي «ياساقي القوم».

وركز في حفله على الأغنية السورية المعاصرة ألحان نهاد نجار من خلال «ليش أنا» و«طول البنية يوم»، ومن ألحان عبد الفتاح سكر «يابو ردين».

وبالطبع لا يمكن أن يمر الحفل من دون التطرق إلى القدود من خلال «اسقِ العطاش»؛ ومن مقام الحجاز قدم وصلة فيها المعاصر «ميلي ما مال الهوى» ألحان سهيل عرفة، ومن تراث اللاذقية «لارسل سلامي لسالم»، وختاماً بعث تحية للشام مع الملحن سمير حلمي وأغنية «هي هي يا شام».

لامس الجمهور

وكشف محمود الحداد في تصريح خاص لـ«الوطن»: إن «الأغنية السورية المعاصرة لم تغب عن حفلنا من خلال عمل ليش أنا حبك جنون وطول البنية يوم وهما من ألحان نهاد نجار وكلمات صفوح شغالة غناء شادي جميل».

وبين الحداد أن: «من الضروري أن يحتضن نهاد نجار وهو من يعرف كتّاباً تتناسب كتاباتهم مع مشروع الأغنية السورية لينتجوا أعمالاً سورية، وهذه الأغاني مطلوبة في مختلف البلدان العربية، فهي هوية يجب أن نحافظ عليها ونعمل على استمراريتها، مؤكداً أن: «الحفل لامس جمهور الأوبرا السورية لأنه عاد بهم إلى زمن الأغنية الجميلة؛ ونحن كسوريين متعلقون إلى درجة كبيرة بالماضي الجميل والإرث الحضاري الذي يمتد إلى مئات السنين؛ وخصوصاً أغاني التراث التي تشكل هويتنا وحقيقة كان تفاعل الجمهور فوق الوصف».

وأضاف الحداد إننا: «أولينا اهتمامنا لأن يكون البرنامج أغاني سورية خالصة من كلمات وتلحين وغناء؛ ولم أكتف بالقدود لأنها تاريخيا في أغلبيتها غير سورية إنما مصرية، وهذا موثق وموجود لدي».

لذلك اخترت الأغنية السورية البحتة مثل يا مايلة على الغصن هي لفنانة تدعى فيروز ماميش من مدينة حلب ويمر عجبا ويا ذا القوام لعمر البطش ابن مدينة حلب ويا حنينة لرفيق شكري من الشام وليش الزعل يا خالة لنجيب السراج من حماة».

وقال الحداد إن: «العمل الصوفي عمل قديم اخترته لأن الصوفية هي الأساس في القدود وأول من قدد وأول من أتى بلحن أجنبي أعجمي وأول من وضع عليه كلاماً عربياً هم جماعة الزوايا والتكايا، التي بدأت عن طريق الشيخ أمين الجندي وغيرهم، وبعدها ذهبنا للأغنية المعاصرة لنهاد نجار؛ وعدنا إلى رائد الأغنية السورية عبد الفتاح سكر من خلال «يا بردين» وكانت اللهجة قريبة من أهل الشرق دير الزور من كلمات سعيد دياب، وتعتبر الصوفية أكثر الأعمال التي أثرت في الناس لأنها تحوي عمقاً وتفاصيل روحانية».

وأضاف الحداد إن: «غايتنا من البرنامج هو توثيق بعض الأعمال السورية القيمة بجودة حديثة وعلى طريقة المايسترو طارق سكيكر الذي يكتب موسيقا ويوزعها بطريقة معاصرة».

وأخيراً أشكر وزارة الثقافة بأنها تتيح للفنانين السوريين فرصة سنوية لإنتاج حفل؛ إلا أننا نحتاج إلى دعم أكبر، والظهور في دمشق على الأقل مرتين كل عام؛ وبحاجة أن نزور المحافظات ونذهب بعثات للدول العربية لننقل مشروعنا السوري إلى الخارج؛ وهناك المشروع الشخصي الذي يفترض ألا يكون حكومياً بل من شركات الإنتاج؛ حيث إننا بارعون في صناعة الدراما ولكننا لسنا بارعين بصناعة الفنان المغني ولا توجد لدينا حاضنة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن