توقع أن يقدم على عدوان محدود لحفظ ماء وجهه … سياسي كردي لـ«الوطن»: لمواجهة أردوغان باتفاق بين الجيش و«قسد»
| موفق محمد
اعتبر الناشط السياسي والأكاديمي الكردي، فريد سعدون، أن مواجهة محاولة غزو واجتياح الأراضي السورية من قبل النظام التركي وميليشياته، تحتاج إلى «تمتين الجبهة الداخلية» من خلال «اتفاق» بين الجيش العربي السوري وميليشيات «قوات سورية الديمقراطية- قسد»، لأن نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ولكي يحفظ ماء وجهه وينجح في الانتخابات المقابلة يمكن أن يشن عدواناً محدوداً.
وفي تصريح لـ«الوطن» قال سعدون المقيم في الحسكة: «ترويكا مسار أستانا، روسيا وإيران وتركيا اتفقوا على الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسيادة سورية واستقلالها وكان ذلك بند رئيسي في اتفاق ومخرجات أستانا، ولكن للأسف الطرف التركي لم يلتزم بالاتفاق، وبالتالي هو يخرق اتفاقاً دولياً واتفاقاً قديماً مع سورية في عام 1999، ويقوم باجتياح الأراضي السورية، فهو احتل جرابلس وعفرين ومناطق أخرى (بريف حلب)، كما احتل رأس العين (بريف الحسكة) وتل أبيض (بريف الرقة)».
ولفت سعدون إلى أن النظام التركي «لا يلتزم بالاتفاقيات ولا الوعود وإنما يقتنص الفرص، والآن يرى أن هناك فرصة سانحة لقضم أجزاء أخرى من الأراضي السورية وضمها إلى ما يسميه المنطقة الآمنة».
ومنذ عدة أسابيع يهدد أردوغان بشن عدوان جديد على الشمال السوري لإنشاء ما يسمى «منطقة آمنة» بعمق 30 كيلومتراً حيث تسيطر ميليشيات «قسد» على أجزاء واسعة هناك.
وأعلن أردوغان الخميس الفائت أن العدوان سيشمل تل رفعت ومنبج بريف حلب الشمالي، مشيراً إلى استكمال العمل على التعزيزات التركية تحضيراً له.
وأكد سعدون أن ما يسميه النظام التركي «المنطقة الآمنة» هي المنطقة «الأكثر إرهاباً والأكثر صراعاً ودموية، فقد لاحظنا منذ أيام حصول صراع مسلح واشتباكات بين الميليشيات التي تدعهما تركيا هناك وسقط قتلى بين هذه الميليشيات، فهي «منطقة آمنة» زوراً وبهتاناً، وهذه المنطقة تؤثر بشكل سلبي في حل الأزمة السورية».
وأوضح سعدون، أن النظام التركي يرى في العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وطلب كل من السويد وفلندا الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي «الناتو» فرصة مواتية ويحاول أن يستخدم هذه الأوراق لخدمة أجنداته في المنطقة، لافتاً إلى أن هذا النظام أرسل طائرات بيرقدار إلى الأوكرانيين، وأغلق مضيق البوسفور والدردنيل في وجه روسيا، وأيضاً أغلق أجواء تركيا في وجه الطائرات الروسية، وذلك للضغط على موسكو لتنفيذ مطالبه في سورية.
وأشار إلى أن النظام التركي يضغط على «الناتو» وخاصة أميركا من خلال طلبي السويد وفنلندا للانضمام لـ«الناتو»، وذلك من أجل أن يأخذ الضوء الأخضر لقضم أراض جديدة في سورية.
وبعدما تساءل سعدون: الآن ما المطلوب منا كسوريين؟ أوضح أن «المناطق التي تهدد تركيا بمهاجمتها هي مناطق سيطرة «قسد»، وكان من المفترض أن تقوم «قسد» بالتوصل إلى اتفاق مع الدولة السورية والجيش العربي السوري من أجل حماية هذه المناطق»، لافتا إلى أنه «قبل أسبوع كان هناك عدة لقاءات برعاية روسية ونتج عنها بداية خيرة وهي عبارة عن تسيير دوريات مشتركة بين الجيش السوري و«قسد» على الحدود ترفع العلم السوري بحيث يكون هناك انتشار للجيش السوري على الحدود»، واصفاً الاتفاق بـ«الايجابي».
وأضاف: «لكن هذا لا يكفي لأن الأتراك لم ينظروا إلى هذا التنسيق بعين الاعتبار وقصفوا مناطق تل تمر وأم الكيف في ريف الحسكة وقرى زركان ومناطق عين عيسى في ريف الرقة، وهذا القصف كان المقصود به الجيش السوري وقد أصيب من جرائه عدد من عناصره».
وتابع: «الجيش التركي لم يقم أي اعتبار لوجود الجيش السوري على الحدود والمطلوب هنا الرعاية الروسية، ذلك أن الروس يمكنهم أن يردعوا الجيش التركي ومنع أردوغان من تنفيذ مخططاته، ولكن للأسف حتى الآن التحرك الروسي ليس في مستوى المطلوب»، مطالباً روسيا «بحماية سورية من الاعتداءات التركية».
وأشار سعدون إلى الوجود الأميركي في المنطقة، وقال: «نحن نعلم أنهم في 2019 أعطوا الضوء الأخضر للجيش التركي لاحتلال رأس العين وتل ابيض»، مضيفاً «الأميركيون موجودون في المنطقة ويدعون أنهم يحاربون الإرهاب، ونحن نعلم أن الميليشيات الموالية للاحتلال التركي هي ميليشيات إرهابية وشردت وقتلت الأهالي واستولت على أملاكهم وقراهم، وبالتالي وبحسب ما تدعي أميركا بأنها تحارب الإرهاب فإن عليها محاربة هذه الميليشيات التي تحتل المنطقة وتعيث فيها فساداً».
وبعدما قال سعدون: «نحن أمام معادلة دولية معقدة نوعاً ما بسبب التشابك والتداخل بين عدة جهات متدخلة في الشأن السوري بشكل مباشر»، أضاف: «نحتاج إلى تمتين الجبهة الداخلية لكي نستطيع أن نواجه كل هذه التدخلات وأن نواجه محاولة غزوا واجتياح الأراضي السورية من تركيا وميليشياتها».
وردا على سؤال، إن كان يمكن أن ينفذ أردوغان تهديداته ويشن عدواناً على الشمال السوري، أعرب السعدون عن اعتقاده بأنه «لن يكون هناك اجتياح موسع، لأنه من الصعب القيام بذلك، بسبب المقاومة الشديدة التي ستواجهه، فالجيش السوري أصبح على الحدود وقوات «قسد» موجودة والقوات الروسية موجودة.
ورأى الناشط السياسي والأكاديمي الكردي أن أردوغان في حال تراجع تحت الضغط الدولي ومنه الروسي ولم ينفذ تهديداته فإنه سيواجه مشكلة في انتخابات 2023 «فهو وعد الشعب التركي أنه سيقيم منطقة آمنة وسيرحل اللاجئين السوريين إليها وإذا أخفق بشكل كامل في هذه الوعود فلن تكون لديه فرصة بالفوز بهذه الانتخابات».
وأعرب سعدون عن اعتقاده أنه لكي يحفظ أردوغان ماء وجهه «لابد أن يستولي ولو على أجزاء بسيطة (في الشمال السوري) ويقنع الأتراك بأنه نفذ تهديده».
وحول ما يعنيه بترتيب الجبهة الداخلية، لفت السعدون إلى «أن تتفق قوات «قسد» والجيش السوري برعاية روسية وأن يكون هناك دعم روسي قوي لهذه الجبهة لمواجهة المخاطر الخارجية».