لماذا العمليات الروسيّة ضد أوكرانيا تنتهك القانون الدوليّ في حين الضربات العسكريّة على قطاع غزة والتوسّع الاستيطانيّ في الضفة الغربيّة وممارسة الفصل العنصريّ في القدس لا تنتهك القانون الدوليّ؟
لماذا فرضت أميركا وأوروبا عقوبات شاملة على روسيا، حتى القطط والكلاب الروسية لم تنج منها، في حين أميركا وأوروبا لم تعاقبا يوماً إسرائيل؟
هل في نظر الغربيين أن الدم الفلسطيني من الدرجة الثانية؟ والإنسانية تُصنّف وفقاً للعرق واللون؟
منذ بدء الصراع الروسيّ الأوكرانيّ اتّجهت أنظار كلّ العالم نحو أوكرانيا، واندفع الغرب لتقديم المساعدة الإنسانية وصواريخ ستينغر وتعامل مع مشكلة اللاجئين، في الوقت نفسه، رفعت الولايات المتحدة وأوروبا عصا العقوبات ضد روسيا واستمرت التغطية الإخباريّة الغربيّة للأزمة الأوكرانيّة على مدار الساعة دون انقطاع، ولكن عندما تعرضت فلسطين لاعتداءات الاحتلال لم تتخذ الدول الغربية نفس المواقف.
كشفت الأزمة الأوكرانيّة مرة أخرى النفاق الغربيّ والمعايير المزدوجة التي يطبّقها الغرب على الشعوب بتحيّز وعنصريّة.
«ما كنّا نحاول القيام به على مدار الـ74 عاماً الماضية ولم نتمكن حتى من تحقيقه، نُفّذ في غضون 7 أيام عندما تعلّق الأمر بأوكرانيا» كما قال رئيس دولة فلسطين محمود عباس ووزير خارجية فلسطين رياض المالكي.
أظن أنه لو حصلت فلسطين على نصف الاهتمام والتعاطف والدعم الذي تحظى به أوكرانيا لما استمرت نكبة الشعب الفلسطينيّ لأكثر من نصف قرن، أما الآن فالقضية الفلسطينيّة يتم تهميشها تدريجياً والأراضي الفلسطينيّة تشبه قطعة جبن سويسرية، لكن لحسن الحظ استمر نضال الشعب الفلسطينيّ وممثله الشرعيّ الوحيد منظمة التحرير الفلسطينيّة.
من البغيض أن الإعلام الغربي ينسى أو يتناسى القضية الفلسطينيّة إلا أنه لم يتردد في سرقة القصص البطوليّة للشعب الفلسطينيّ من أجل كسب تعاطف العالم مع أوكرانيا، حيث فبرك مقطع فيديو ظهرت فيه فتاة أوكرانيّة تواجه جندياً روسياً بشجاعة، وحصد الفيديو المفبرك 13 مليون مشاهدة على تيك توك، لكنّ الحقيقة أن الفتاة فلسطينيّة واسمها عهد التميمي التي تحدّت جندياً إسرائيلياً في الضفة الغربيّة عام 2012.
كلّ إنسانٍ مهما كان عرقه أو جنسيته متساوٍ وحياته ثمينة، ويجب معاملة فلسطين وأوكرانيا بإنسانية على قدم المساواة بدلاً من معاملتها كأداةٍ للهيمنة الأميركيّة، وعلى الغرب أن يتوقف عن انتهاج سياسة «الكيل بمكيالين».
أما روسيا فلم تخرق القانون الدوليّ وإنما تقوم بالدفاع عن أمنها القوميّ بعد صبر 8 سنوات على الكذب الأميركيّ الغربيّ حول ضرورة تنفيذ اتفاقيات «النورمنديّ» بشأن أوكرانيا وخرق الغرب أيضاً للاتفاق بعدم ضمّ دول الاتحاد السوفييتيّ السابق لحلف الناتو والسماح له بنشر أسلحة على حدود روسيا.
وفي المقابل فقد اجتاحت أميركا العراق بلا سبب ودمرته وقتلت مليوني عراقيّ ودمرت يوغسلافيا السابقة وقسّمتها، وبقيت 20 عاماً في أفغانستان ودمرته دماراً كبيراً، وكل ذلك بخرق للقانون الدوليّ، إضافة إلى دعمها المستمر لإسرائيل بسياساتها الإجراميّة ضد الشعب الفلسطينيّ وسرقة موارده الطبيعيّة، إضافة إلى التدخل بالشؤون الداخليّة للدول بالتهديد تحت عناوين مختلفة كالحرية والديمقراطيّة وحقوق إنسان.
كلّ هذه شعارات الهدف منها السيطرة والهيمنة، والدولة التي تسير معها تغض الطرف عنها وأكبر دليل على ذلك إسرائيل التي تمارس أبشع أنواع القتل والاستيطان وهدم البيوت ومنع حرية المواطنين الفلسطينيين، في حين الدولة التي لا تسير معها تفتح لها ملفات هذه الشعارات للتدخل في شؤونها الداخلية.
الحرب الإعلامية والنفسية التي يمارسها الغرب بكل وسائله الإعلامية أصبحت مكشوفة وليست لها مصداقية حتى عند المواطن الغربي، والخاسر الأكبر مما يجري هي أوروبا حليفة الولايات المتحدة، التي لا يهمها حتى حلفاؤها الذين تعاملهم كتابعين لها عليهم التنفيذ فقط.