قضايا وآراء

إسرائيل وحروبها العاجزة

| تحسين الحلبي

يرى الباحث في دائرة أبحاث وزارة الدفاع الإسرائيلية إيهود عيلام، في تحليل نشره في صحيفة «جروزاليم بوست» الإسرائيلية الصادرة باللغة الإنكليزية في السادس من حزيران الجاري أن «أكبر التحديات التي تواجهها القوات الإسرائيلية في هذه الظروف هي الحروب ضد المنظمات المسلحة في المنطقة، وهي حروب «هجينة» تختلط المجابهة فيها بين حروب العصابات وحروب الجيوش النظامية»، ويعترف أن قوات الاحتلال لم تتمكن من تحقيق الانتصار على هذه المنظمات المسلحة بعد حروب خاضتها في لبنان في ظل دعم الجيش السوري لهذه المنظمات والمشاركة إلى جانبها في حزيران عام 1982 حتى عام 2000 وكذلك في تموز 2006 حين شن جيش الاحتلال حربه الثانية ضد لبنان والمقاومة اللبنانية في جناح الجبهة الشمالية نفسها في جنوب لبنان، كما لم يستطع جيش الاحتلال في واقع الأمر تحقيق الانتصار على فصائل المقاومة في قطاع غزة بعد حروب خاضها ضد القطاع في عام 2008-2009 وفي عام 2014 وفي عام 2018 وأخيراً في عام 2021 فيما أصبح يعرف بمعركة «سيف القدس».

وبالمقابل لا بد من الإشارة إلى أن هذه الهزائم التي لحقت بجيش الاحتلال، رافقتها زيادة في عدد المقاتلين المنخرطين في هذه المنظمات المسلحة سواء في جنوب لبنان أم في قطاع غزة ففي هاتين المنطقتين المحررتين واللتين تدير فيهما المقاومة اللبنانية والفلسطينية جبهة الدفاع عن لبنان وعن قطاع غزة، تزداد القدرات العسكرية سنة تلو أخرى أمام أعين قوات الاحتلال طوال العقدين الماضيين من دون أن تتمكن قوات الاحتلال من تخفيض هذه القدرات من الناحية البشرية ولا من ناحية نوعية السلاح الصاروخي الذي يشكل القوة الرئيسة للمقاتلين.

بالمقابل لم يتمكن جيش الاحتلال من زيادة قدراته البشرية المعدة لقواته النظامية بسبب تناقص هجرة اليهود في العقدين الماضيين وتزايد الهجرة العكسية للمستوطنين وعودتهم إلى أوطانهم التي جيء بهم منها منذ وصولهم.

هذه العوامل التي ثبتت وجودها على يد المنظمات المسلحة بدعم من قوى محور المقاومة الإقليمية في دمشق وطهران، أصبحت تشكل جبهة حرب قائمة في ميزان القوى بين جيش الاحتلال وبين القوى المتصدية للمخطط الصهيوني في المنطقة.

ولاحظت معظم الأبحاث الإسرائيلية العسكرية والسياسية هذه العوامل وحذرت من تأثيرها المتزايد على مستقبل الكيان الإسرائيلي الاستيطاني ففي العام الماضي نشر «المعهد السياسي للأبحاث في الشرق الأوسط م -إي -آي» دراسة بعنوان: «كيف سيبدو مشهد الشرق الأوسط في عام 2030» أعدها ثلاثة باحثين من بينهم يوئيل غوجانسكي الباحث في «معهد الأمن القومي – الإسرائيلي»، توقعوا فيها: 1- وجود عالم متعدد الأقطاب على المستوى الدولي تكون فيه روسيا والصين ركيزتين أساسيتين وتنخفض فيه قوة التأثير الأميركية.

2- وجود تنافس إقليمي في منطقة الشرق الأوسط بين القوى الإقليمية مع تنوع عدد المحاور يشكل فيها محور دمشق – طهران ومعهما المنظمات المسلحة أكبر الأخطار على إسرائيل.

3- تحول العامل الديموغرافي في المنطقة وخاصة داخل إسرائيل إلى مصلحة الفلسطينيين بكل ما يحمله من مضاعفات على مستقبلها.

ومع ذلك أصبحت هذه التوقعات التي تطالب الدراسة بوضع الحلول المسبقة لها والاستعداد لمواجهة أخطارها، لا يمكن الاستهانة بها أو تغيير اتجاهها في السنوات المقبلة بل إن الأزمة السياسية والحزبية الإسرائيلية واصطدام الأحزاب بالعجز عن تشكيل حكومة بأغلبية تزيد كثيراً على 61 مقعداً من 120 لا تبدو لها حلول حاسمة أو كافية في الداخل الإسرائيلي وأصبح الزمن لا يعمل لمصلحة المشروع الصهيوني وأهدافه التوسعية أو الداخلية في الأراضي المحتلة نفسها وفي جوارها وهذه الحقيقة هي التي ستجعل قوى محور المقاومة هي التي تفرض جدول عملها في المنطقة لمصلحة استعادة الأراضي المحتلة في الجولان وحقوق الشعب الفلسطيني في وطنه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن