سورية

نأمل أن تمتنع أنقرة عن أعمال تؤدي إلى تدهور خطير.. وليس لدينا أي منافسة مع إيران في الأراضي السورية … السفير يفيموف لـ«الوطن»: دمشق حليف إستراتيجي ولا نعقد صفقات من ورائها

| سيلفا رزوق - تصوير: مصطفى سالم

أكد السفير الروسي بدمشق الممثل الخاص لرئيس روسيا الاتحادية لتطوير العلاقات مع سورية ألكسندر يفيموف أن عدد القوات الروسية في سورية وانتشارها وتحركها في أنحاء سورية تحدده فقط المهام والوضع العسكري والسياسي داخل هذا البلد، وليس لها علاقة بأي شيء آخر، مشدداً على أنه لا يوجد أي منافسة أو أي «توازن قوى» خاص مع إيران في الأراضي السورية، والقوات الروسية والإيرانية توجد في سورية على أساس قانوني وبدعوة من حكومة السورية الشرعية، وبالتنسيق معها وتعمل على حل مهام مختلفة دون منافسة، بغض النظر عن رغبة الأعداء الذين ينشرون مثل هذه الأكاذيب.

وفي لقاء مطول خص فيه صحيفة «الوطن» أدان يفيموف بشدة الغارة الإسرائيلية الاستفزازية على مطار دمشق الدولي، معتبراً بأن هذه الأعمال غير المسؤولة تشكل مخاطر جسيمة على الحركة الجوية الدولية، مطالباً إسرائيل بوقف مثل هذه الممارسة الشريرة.

وشدد يفيموف على أن غياب موافقة الحكومة الشرعية للجمهورية العربية السورية على أي عمل عسكري تركي سيشكل انتهاكاً مباشراً لسيادة سورية وسلامة أراضيها، وسيؤدي إلى تصعيد إضافي للتوتر في البلد، معبراً عن أمله بأن تمتنع أنقرة عن الأعمال التي قد تؤدي إلى تدهور خطير للوضع في سورية والذي يبقى معقداً حتى من دون ذلك، معتبراً بأن ضمان الأمن الثابت على الحدود السورية التركية فقط من خلال نشر القوات الحكومية السورية في المنطقة المجاورة منها، وسيكون هذا انعكاساً عملياً لتصريحات أنقرة الرسمية أكثر من مرة حول احترام سيادة سورية وسلامتها الإقليمية.

يفيموف أكد أنه على الرغم من شن العملية العسكرية في أوكرانيا والوضع الاقتصادي العالمي غير المواتي بشكل عام، بما في ذلك عواقب جائحة فيروس «كورونا»، فإن التعاون الاقتصادي بين سورية وروسيا مستمر بل يظهر ديناميكية إيجابية، كاشفاً عن أن الشركات الروسية تواصل تنفيذ مشاريع كبرى اقتصادية في مجال البنية التحتية، كما يتم العمل على وضع خطط جديدة لا تقل طموحاً ويجري التحضير لتوقيع اتفاقيات ثنائية.

وأوضح يفيموف أن القضية السورية حظيت باهتمام كبير في المحادثات التي أجراها وزير الخارجية سيرغي لافروف خلال جولته الخليجية الأخيرة ومشاركته في اجتماع للحوار الإستراتيجي بين روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي، مبيناً أن الجانب الروسي جدد قناعته بضرورة عودة سورية إلى جامعة الدول العربية، وقال: «رأينا تفهّماً لهذا الطرح من جانب شركائنا في الخليج».

وبخصوص العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا جدد يفيموف التأكيد على أن هذه العملية ذات طبيعة اضطرارية، ولها أهداف واضحة وهي تحرير جمهوريتي دونباس الشعبيتين، وكذلك نزع السلاح والقضاء على النازية في أوكرانيا، والتي ستحققها روسيا بغض النظر عن الوقت الذي تستغرقه، وبغض النظر عن محاولات رعاة كييف إطالة أمد الصراع عن طريق إمدادها بالأسلحة والمرتزقة، مبيناً أن بلاده لم تفاجأ بالعقوبات بالتأكيد، وهذه العقوبات تشبه في نواح كثيرة الهستيريا أو محاولات يائسة لمعاقبة روسيا بأي طريقة على استقلال سياساتها وعدم رغبتها في الانصياع للنظام العالمي أحادي القطب الذي تفرضه واشنطن.

سفير روسيا في سورية شكك في قدرة خصوم بلاده بالحفاظ على نظام العقوبات هذا لفترة طويلة من دون إلحاق أضرار جسيمة باقتصاداتهم واستقرارهم السياسي الداخلي.

وفيما يلي النص الكامل للقاء:

• نفذت إسرائيل اعتداء على مطار دمشق الدولي فجر يوم الجمعة ضمن سلسلة اعتداءات متتالية تشنها على سورية، ما هو تعليقكم على ما جرى؟

من الجدير الإشارة مجدداً إلى أن الضربات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية تشكل انتهاكاً للأحكام الأساسية للقانون الدولي، وهي أمر غير مقبول على الإطلاق، وتدين روسيا بشدة هذه الغارة الإسرائيلية الاستفزازية على موقع مهم للغاية للبنية التحتية المدنية السورية، وأن مثل هذه الأعمال غير المسؤولة تشكل مخاطر جسيمة على الحركة الجوية الدولية، وتعرض حياة الأبرياء لخطر حقيقي، ونطالب الجانب الإسرائيلي بوقف مثل هذه الممارسة الشريرة.

• كثرت في الآونة الأخيرة تسريبات وحتى تصريحات رسمية وآخرها صدر عن البنتاغون، حول انسحابات للقوات الروسية من سورية بهدف مشاركة هذه القوات في العملية العسكرية في أوكرانيا، وقيل إن هذه الانسحابات تمت في الجنوب والمنطقة الوسطى وحلب، ما صحة هذه التسريبات؟ وهل روسيا في وارد تنفيذها أو القيام بإعادة تموضع لقواتها في سورية؟

يمكنني أن أؤكد لكم أنه لا علاقة بين المجموعات العسكرية الروسية في سورية وأوكرانيا. لكل منهما أهدافها الخاصة ولديهما القوى والوسائل المناسبة لتنفيذها، وبعبارة أخرى، فإن عدد القوات الروسية في سورية وانتشارها وتحركها في أنحاء سورية تحدده فقط المهام والوضع العسكري والسياسي داخل هذا البلد، وليس لها علاقة بأي شيء آخر، وبالمناسبة، اسمحوا لي أن أذكّركم أنه منذ ظهور قواتنا في سورية في عام 2015، تغّير عددها بشكل متكرر، سواء في اتجاه الانخفاض أو الزيادة.

• الحديث عن انسحاب للقوات الروسية من سورية ترافق مع تصريحات عدة صدر بعضها عن الأردن بأن إيران ستملأ الفراغ الذي ستتركه القوات الروسية إن صح التعبير، وهذه النقطة شكلت على ما يبدو ذريعة جديدة لتكثيف إسرائيل اعتداءاتها على سورية، كيف تنظر روسيا لهذه المعطيات وهل الحديث عن معادلة إيران بدل روسيا صحيحة؟

الجواب عن هذا السؤال ينبثق من السؤال السابق، لا يدور الحديث حول انسحاب القوات الروسية من سورية، ليس لدينا أي منافسة أو أي «توازن قوى» خاصة مع إيران في الأراضي السورية فلا يوجد ولا يمكن أن يكون هناك أي فراغ، ويتحمل الجيش السوري السيطرة على الوضع قبل كل شيء، اما القوات الروسية والإيرانية فتتواجد في سورية على أساس قانوني وبدعوة من حكومة السورية الشرعية، وبالتنسيق معها وتعمل على حل مهام مختلفة من دون منافسة – بغض النظر عن رغبة الأعداء الذين ينشرون مثل هذه الأكاذيب.

• يطلق الرئيس التركي تهديدات بخصوص الشمال السوري ويتحدث عن استعداد قواته للمضي في إنشاء منطقة آمنة في سورية بعمق 30 كيلومتراً، ما هو الموقف الروسي من هذه التصريحات؟ وماذا عن الاتفاقيات التي جرى توقيعها بين روسيا وتركيا والتي لم يجرِ تنفيذها حتى الآن؟ كذلك يجري الترويج حالياً عن إمكانية حصول صفقة روسية – تركية على حساب سورية، فما هي الحقيقة حول ما يتم ترويجه وهل روسيا بوارد الدخول في صفقات مع تركيا؟

الأنباء عن إمكانية تنفيذ عملية عسكرية تركية محتملة على الأراضي السورية تلقتها موسكو بقلق، وننطلق من أنه في غياب موافقة الحكومة الشرعية للجمهورية العربية السورية على مثل هذه الخطوة ستشكل انتهاكاً مباشراً لسيادة سورية وسلامة أراضيها وستؤدي إلى تصعيد إضافي للتوتر في البلد، نأمل بأن تمتنع أنقرة عن الأعمال التي قد تؤدي إلى تدهور خطير للوضع في سورية الذي يبقى معقداً حتى من دون ذلك.

نعتقد أنه من الممكن ضمان الأمن الثابت على الحدود السورية – التركية فقط من خلال نشر القوات الحكومية السورية في المنطقة المجاورة لها، وسيكون هذا انعكاساً عملياً لتصريحات أنقرة الرسمية أكثر من مرة حول احترام سيادة سورية وسلامتها الإقليمية.

بالطبع، شكل هذا الموضوع، بما في ذلك تنفيذ تركيا للاتفاقات التي تم التوصل إليها سابقاً بشأن سورية، أحد الموضوعات الرئيسة خلال الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى أنقرة.

وفي الختام أود أن أؤكد لكم أن روسيا لا تعقد أبداً أي صفقات من وراء حلفائها وضد مصالح أصدقائها.

• ألا يمكن أن تؤثر كل هذه المعطيات على جولة أستانا التي ستعقد خلال هذا الشهر؟

حتى الآن وحسب معرفتي، فإن خطط عقد الاجتماع الدولي الثامن عشر حول سورية بصيغة أستانا في منتصف شهر حزيران في مدينة نور سلطان لم تتغير، كما لا نزال ننطلق من أنه في الوقت الحالي تبقى صيغة أستانا إطاراً فاعلاً وقابلاً للحياة للدعم الخارجي لعملية التسوية السورية.

• ماذا عن التعاون الاقتصادي بين سورية وروسيا وهل موسكو مستمرة في توريد المشتقات النفطية والقمح وفقاً لما سبق وما جرى الاتفاق عليه سابقاً؟

نعم، يمكنني أن أؤكد أنه على الرغم من شن العملية العسكرية في أوكرانيا والوضع الاقتصادي العالمي غير المواتي بشكل عام، بما في ذلك عواقب جائحة فيروس «كورونا»، فإن تعاوننا الاقتصادي مع سورية مستمر بل ويظهر ديناميكية إيجابية، على سبيل المثال، في عام 2021، ولأول مرة منذ عدة سنوات، شهدنا زيادة في حجم التبادل التجاري الثنائي.

على الرغم من وجود المزيد من التحديات الجديدة، تواصل الشركات الروسية تنفيذ مشاريع كبرى اقتصادية في مجال البنية التحتية وتلعب دوراً حاسماً في عودة سورية إلى الحياة السلمية والاستقرار الاقتصادي، كما يتم العمل على وضع خطط جديدة لا تقل طموحاً ويجري التحضير لتوقيع اتفاقيات ثنائية.

في شهر أيار 2022 تمت مناقشة عدد من القضايا الرئيسة للعلاقات الاقتصادية الروسية – السورية بالتفصيل في موسكو خلال اللقاء للرؤساء المشاركين في الجنة المشتركة الروسية – السورية للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والتقني، اسمحوا لي أن أذكّركم أنه من الجانب الروسي يترأس اللجنة نائب رئيس الوزراء يوري بوريسوف، ومن الجانب السوري وزير شؤون رئاسة الجمهورية السيد منصور عزام.

بالإضافة إلى ذلك، نتطلع في المستقبل القريب لعقد الاجتماع العام للجنة المذكورة بمشاركة طيف كامل من الجهات والشركات المعنية من روسيا وسورية وذلك – بعد توقف مطول لأسباب وبائية.

كما سينظر خبراء روس وسوريون في بعض القضايا المطروحة على جدول الأعمال الاقتصادي والفني في إطار الاجتماع المخطط في دمشق في الأسبوع الجاري للهيئات التنسيقية الروسية والسورية الخاصة بعودة اللاجئين.

فكما ترون العمل مستمر والاهتمام بسورية متواصل من قبل بلدنا، لذلك لا أستبعد أنه في ظل العقوبات الحالية ضد روسيا سيكون هناك المزيد من المستعدين لدخول السوق السورية.

• زار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف البحرين والسعودية، وهناك حديث عن عودة سورية إلى جامعة الدول العربية، هل ترى موسكو أن هناك تجاوباً عربياً مع مبادراتها؟

رحلة سيرغي لافروف الإقليمية في أوائل شهر حزيران شملت البحرين والمملكة العربية السعودية، حيث شارك الوزير في اجتماع للحوار الإستراتيجي بين روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي وعقد اجتماعات ثنائية مع زملائه من الدول الخليجية الأخرى.

بالطبع، حظيت القضية السورية باهتمام كبير في المحادثات وجدّد الجانب الروسي قناعته بضرورة عودة سورية إلى جامعة الدول العربية، وقد رأينا تفهّماً لهذا الطرح من جانب شركائنا في الخليج.

تنطلق موسكو من الأمر أن المشاكل المختلفة في الملف السوري بما فيها السياسية والاجتماعية والاقتصادية – ستكون تسويتها أكثر فاعلية في حال استعادة سورية مشاركتها في جامعة الدول العربية. وبقدر ما نستطيع أن نلاحظ من اتصالاتنا في العالم العربي بشكل عام فإن أغلبية أعضاء الجامعة العربية يؤيدون حلاً يسمح بإعادة عضوية سورية الكاملة في هذه المنظمة.

• هل تسير العملية العسكرية الخاصة التي تخوضها القوات الروسية في أوكرانيا وفق ما تخطط له موسكو وهل أنتم مرتاحون من نتائجها حتى الآن؟

بداية، أود أن ألفت انتباهكم إلى حقيقة أن العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا ذات طبيعة اضطرارية، وأصبحت استجابة حتمية لأخطر التهديدات التي واجهتها بلادنا منذ ما يقرب من 30 عاماً.

فمنذ تفكك الاتحاد السوفييتي، حاولنا بإصرار وصبر التوصل إلى اتفاق مع الدول الغربية الرئيسة على مبادئ الأمن المتكافئ وغير القابل للتجزئة في أوروبا، ولسنوات عديدة، على وجه الخصوص، كنا نحاول إقناع هذه الدول بأنه ليست هناك حاجة لجر أوكرانيا إلى حلف الناتو، وكنا نحث على عدم جعل ما يسمى بـ«روسيا المضادة»، وعدم إنشاء تهديد عسكري للدولة الروسية من أراضي أوكرانيا، بالإضافة إلى الكف عن محاولة قمع اللغة الروسية والتعليم والثقافة الروسيتين هناك، ومع ذلك تمّ تجاهل نداءاتنا المتكررة كلياً.

في الألفينات قمنا بمكافحة الإرهاب عسكرياً في القوقاز ودافعنا عن وحدة دولتنا، وفي عام 2014 قدمنا الدعم لسكان القرم وسيفاستوبول، أما في عام 2015، استخدمت روسيا قواتها المسلحة لمساعدة سورية الصديقة وإنشاء حاجز ثابت لمنع تمدد الإرهاب من سورية إلى روسيا، وفي الواقع لم تكن لدينا خيارات أخرى.

والآن يحدث الشيء نفسه وببساطة لم يترك لنا أي فرصة أخرى لحماية روسيا، وكذلك جمهوريتي دونباس الشعبيتين اللتين لجأتا إلينا طلباً للمساعدة، واللتين تعرّض سكانهما ولمدة ثماني سنوات للتنمر والقصف المستمر، وكان كل ذلك في الواقع عبارة عن إبادة جماعية من قبل نظام كييف، حيث أدت هذه الإبادة إلى مقتل أكثر من 14 ألف شخصاً، علاوة على ذلك، كنا على علم وتأكدنا مرة أخرى خلال العملية العسكرية الحالية من أن أوكرانيا كانت تستعد لإجراء عملية عقابية أخرى في دونباس في المستقبل القريب جداً، ولغزو أراضينا التاريخية، بما في ذلك شبه جزيرة القرم.

كما أدرك الجميع جيداً أنهم في كييف أعلنوا حتى عن احتمال اقتناء أسلحة نووية، ناهيك عن حقيقة أن حلف الناتو كان يزود أوكرانيا عن قصد بأحدث الأسلحة، بالإضافة إلى إنشاء بنية تحتية عسكرية هناك، كما تّم إرسال مستشارين عسكريين، ومن الواضح أن هذه الإجراءات كانت أكثر من حاجة أوكرانيا لضمان أمنها فقط، وبتشجيع من الغرب وضع نظام كييف خططه العدوانية الخاصة.

ونتيجة لذلك، كان على روسيا أن تتصرف بشكل استباقي، لقد كان قرار القيام بالعملية العسكرية اضطرارياً وصحيحاً والوحيد الذي تمّ اتخاذه في وقته.

لقد أكدت الحملة العسكرية الجارية بوضوح أن أوكرانيا بالنسبة لرعاتها الغربيين ليست أكثر من مادة قابلة للاستهلاك يحاولون بواسطتها تسوية حساباتهم مع روسيا، ومن الواضح أنهم سيشنون حرب استنزاف مع بلدنا «حتى آخر جندي أوكراني».

إنّ عمليتنا العسكرية لها أهداف واضحة وهي تحرير جمهوريتي دونباس الشعبيتين، وكذلك نزع السلاح والقضاء على النازية في أوكرانيا، والتي سنحققها بغض النظر عن الوقت الذي تستغرقه وبغض النظر عن محاولات رعاة كييف إطالة أمد الصراع عن طريق إمدادها بالأسلحة والمرتزقة.

بالحقيقة يتحرك الجيش الروسي دون عجلة ببطء وحذر، وذلك بهدف تجنب وقوع خسائر في صفوف المدنيين، في حين يعتمد أعداؤنا – وهم الجيش الأوكراني وكتائب النازيين الجدد –على تكتيكات «الأرض المحروقة»، ويستخدمون المدنيين كـدروع بشرية، ويقصفون عن قصد المناطق السكنية وغيرها من البنى التحتية المدنية، وذلك على الأراضي الأوكرانية نفسها وكذلك في المناطق الحدودية لروسيا، وبوجه عام يتمسكون بنفس أسلوب الإرهابيين في سورية.

وتجدر الإشارة إلى الدعم الإعلامي الذي تتلقاه كييف من الخارج، فعلى غرار ما يحدث في سورية تمّ شن حرب إعلامية وحملة معلومات مضللة لصالح نظام كييف ضد روسيا، ترافقت مع استفزازات دموية ونشر أخبار كاذبة، وأهداف هذه الحرب الإعلامية واضحة جداً– وهي تشويه الأسباب الحقيقية للصراع بالإضافة إلى تشويه سمعة الجيش الروسي بغرض صرف انتباه المجتمع الدولي عن جرائم الحرب الفظيعة التي ارتكبها نظام كييف نفسه.

• ماذا عن تداعيات العقوبات التي فرضتها الدول الغربية والولايات المتحدة الأميركية على الداخل الروسي، وهل روسيا قادرة على تجاوز هذا الكم من العقوبات؟

لم تفاجأ بلادنا بالعقوبات بالتأكيد، لقد واجهنا هذا التحدي في عام 2014، عندما لم يُعجب الغرب أن موسكو دعمت رغبة سكان شبه جزيرة القرم في استعادة العدالة التاريخية ولم شملهم مع روسيا.

بالطبع، كانت الإجراءات القسرية ضد روسيا حينذاك أخفّ بكثير على عكس تلك السارية اليوم، ولكن حينها تعلم بلدنا طريقة الحياة الكاملة في ظروف صعبة جديدة، وذلك بالاعتماد قبل كل شيء على قدراته وموارده الداخلية، وبناء اتصالات وآليات للتعاون المتبادل الجديدة مع العالم.

وهذه التجربة لم تذهب سُدى – واليوم أصبح من الأسهل علينا التكيّف حتى مع ضغوط العقوبات القوية جداً، كما يجب ألا ننسى أن العقوبات الأحادية الجانب يقف وراءها عدد قليل من الدول، في حين أن بقية دول العالم بما في ذلك عدد من الدول الغربية لا تدعم هذا الأمر الطائش والمضر، ويحاولون معنا إيجاد فرص لمواصلة التعاون الطبيعي.

إن العقوبات الحالية ضد روسيا تشبه في نواحٍ كثيرة الهيستيريا أو محاولات يائسة لمعاقبة روسيا بأي طريقة على استقلال سياساتها وعدم رغبتها في الانصياع للنظام العالمي أحادي القطب الذي تفرضه واشنطن، ونتيجة لذلك يعاني الجميع، بما في ذلك المواطنون العاديون ودوائر الأعمال في الولايات المتحدة وأوروبا نفسها، أما روسيا فهي تربح أحياناً – مثل ما حدث بعد تخفيض مشتريات الدول الأجنبية لموارد الطاقة من روسيا حيث لا يزال الطلب قائماً والأسعار آخذة في الارتفاع.

والآن يتم إلقاء اللوم على روسيا في أزمة الغذاء العالمية، لكن أزمة الغذاء العالمية في الواقع أصبحت أيضاً نتيجة لسياسة العقوبات غير المسؤولة التي انتهجها الغرب، والتي أدت إلى قطع العلاقات في مجال الخدمات اللوجستية العالمية والبنية التحتية للمواصلات، ناهيك عن انخفاض الإمدادات إلى السوق العالمية، على سبيل المثال، من القمح والأسمدة من روسيا نفسها.

إنني أشك بشدة في أن خصومنا سيتمكنون من الحفاظ على نظام العقوبات هذا لفترة طويلة من دون إلحاق أضرار جسيمة باقتصاداتهم واستقرارهم السياسي الداخلي.

• ما صحة ما يتم الترويج له بأن عدداً من السوريين يشاركون في العمليات القتالية إلى جانب الجيش الروسي في أوكرانيا؟

وردتنا بالفعل مقترحات من هذا النوع من العديد من السوريين، ومع ذلك، فإن الوضع الحقيقي هو أنه لا توجد حاجة لمشاركتهم في الأعمال القتالية إلى جانب الجيش الروسي، وعلى أي حال، أودّ أن أشكر هؤلاء الأشخاص، الذين تؤكد دوافعهم الروحية مرة أخرى قوة العلاقات الودية بين الشعبين الروسي والسوري.

• كيف تنظرون للموقف السوري تجاه العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا؟

إنّ موقف سورية الصديقة فيما يتعلق بالعملية العسكرية الخاصة لروسيا في أوكرانيا جدير بتقدير عالٍ، فمنذ بداية الأزمة عبّرت وتعبر كل من السلطات السورية والمواطنين السوريين عن تضامنهم مع بلدنا، وتفهّم لأسباب ومعنى ما تعمله روسيا في أوكرانيا بالإضافة إلى تفهم لأهمية اللحظة التاريخية الحالية بشكل عام، لقد تحدثنا أيضاً حول عدد كبير من مواطني سورية الذين أعربوا طواعية عن رغبتهم في مساعدة روسيا بالسلاح في أيديهم.

نشعر دائماً بدعم أصدقائنا وحلفائنا السوريين في معارضة الحملة الإعلامية ضد روسيا، ومحاولات تقويض مواقفها في مختلف المنتديات الدولية.

بالنسبة لبلدنا وبالنسبة للشعب الروسي بأكمله، من المهم للغاية أن يشعر بهذا الدعم من حليف إستراتيجي طويل الأمد في الشرق الأوسط، ويظهر هذا مرة أخرى بوضوح عمق ومتانة العلاقات الروسية – السورية التي سنواصل تطويرها على الرغم من كل الاضطرابات والتحديات التي يفرضها النظام العالمي المتغيّر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن