على غرار شرق الفرات لاحتواء «فورة» أردوغان وعلى الرغم من الخطر القائم … روسيا نحو تثبيت وقف إطلاق النار في تل رفعت ومنبج
| حلب- خالد زنكلو - حماة - محمد أحمد خبازي - دمشق - الوطن - وكالات
على الرغم من الخطر القائم والمحدق بمنطقتي تل رفعت ومنبج شمال وشمال شرق حلب، جراء تهديدات رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان مطلع الشهر الجاري بغزوهما كمرحلة أولى لإقامة ما سماه «المنطقة الآمنة» المزعومة بعمق 30 كيلو متراً داخل الأراضي السورية، تسعى القوات الروسية المنتشرة في المنطقتين غرب نهر الفرات لتثبيت وقف إطلاق النار بعد نجاحها مبدئيا بمساع مشابهة في الحسكة شمال شرق البلاد وشرقي ضفة النهر.
ويعوّل على الجهود الدبلوماسية الروسية التي تبذل وعلى التحركات العسكرية لقواتها في تل رفعت ومنبج في «احتواء» تطلعات أردوغان الرامية إلى قضم المنطقتين مستفيداً من الظرف الدولي الراهن بفعل الحرب الروسية ضد النازية في أوكرانيا وللخروج من مأزقه الداخلي لأسباب اقتصادية وانتخابية، وذلك على غرار ما فعلته موسكو في ريفي الحسكة الشمالي والشمالي الغربي اللذين كانا مهددين بعملية الغزو إثر إطلاق أردوغان وعيده بشن العدوان في الـ23 من الشهر الماضي.
وأوضح خبراء عسكريون في تل رفعت ومنبج، أن روسيا التي تعمل بهدوء وعلى مراحل بعيداً التصريحات السياسية والإعلامية الطنانة، في تخفيف غلواء و«فورة» نظام أردوغان وبخطوات مدروسة انعكست إيجاباً على وقف التصريحات التركية العدائية والتوسعية في الآونة الأخيرة، بخلاف ما كان عليه الحال عند إطلاق التهديدات بشن عمل عسكري باتجاه تل رفعت ومنبج، على اعتبار المنطقتين الحيويتين تقعان تحت نفوذ موسكو وليس واشنطن كما في شرق الفرات.
وكشف الخبراء، في تصريحات لـ«الوطن» أن تغيير قواعد اللعبة والمس بخطوط الاشتباك من قبل النظام التركي غرب الفرات بحاجة إلى موافقة الكرملين وضوء أخضر منه، وهو ما لم يتوافر إلى الآن، على الرغم من أنه لا يمكن الوثوق بوعود وعهود أردوغان، الذي ماطل أكثر من 27 شهراً ولم ينفذ بنود «اتفاق موسكو» مع روسيا والقاضي بفتح طريق حلب – اللاذقية والمعروفة بـ«M4» في منطقة «خفض التصعيد» بإدلب.
ولفتوا إلى أن من أولويات السياسة الروسية في سورية وضع الجزء المغلق من «M4» في الخدمة، كما في إدلب، وإبقاء القسم المفتوح فعالاً، كما في الجزء الذي يصل الحسكة بحلب مرورا بالرقة، والذي يمر من منبج التي يسعى نظام أردوغان لمد نفوذه إليها لقطع الطريق السريع المار فيها، وهو ما لا تسمح به موسكو.
وأشاروا إلى أن لتل رفعت «حساسية» إقليمية وأهمية بالغة للجيش العربي السوري، ولذلك لا يمكن التفريط بها أيضاً.
الخبراء بينوا، أن التعزيزات العسكرية التي زج بها الجيش العربي السوري في الأيام الأخيرة في جبهات تل رفعت ومنبج، بالإضافة إلى تدعيم القوات الروسية قواعدها في المنطقتين أخيراً وتكثيف سلاح الجو الروسي بمقاتلاته وحواماته طلعاته فوق خطوط تماس المنطقتين وصولاً إلى عين العرب وعين عيسى شمال الرقة والحدود السورية- التركية في الحسكة، لعب دوراً في لجم التصعيد العسكري لجيش الاحتلال التركي في أرياف تل رفعت ومنبج وإن لم يثبت وقف إطلاق النار، ساري المفعول منذ تشرين الأول 2019 بضمانة روسية، بشكل ناجز ومستمر، أسوة بريفي الحسكة الشمالي والشمالي الغربي ومنطقي تل تمر وزركان، حيث تتابع القوات الروسية السياسة والتكتيك العسكري ذاته في ريفي حلب الشمالي والشمالي الشرقي.
وللتدليل على نجاح موسكو نسبياً في كبح جماح نظام أردوغان في تل رفعت ومنبج، حسب قول الخبراء، أعلنت صحيفة «حرييت» التركية المقربة من حزبه «العدالة والتنمية» أخيراً تأجيل العملية العسكرية التركية إلى ما بعد عيد الأضحى، الذي يصادف فلكياً في الـ9 من الشهر المقبل، وهذا يعني أن أردوغان لم يحصل على ضوء أخضر روسي لشن العملية، على الرغم من زعمه أنه ليس بحاجة إلى «أذن» أحد للقيام بها.
في هذا السياق وعلى الأرض، رصد شهود عيان أمس لـ«الوطن» استمرار تسيير مروحيات تابعة لسلاح الجو الروسي في سماء منبج وعلى خطوط تماسها مع مناطق هيمنة جيش الاحتلال التركي ومرتزقته التي يسميها «الجيش الوطني» غرب وشمال غرب المنطقة، وصولاً إلى خطوط اشتباك ريف حلب الشمالي الأوسط.
ونوه شهود العيان بأن القصف المدفعي والصاروخي من جيش الاحتلال التركي ومرتزقته على ريف حلب الشمالي الأوسط، اقتصر أمس على الطريق الذي يصل قرية أبين بقريتي الزيارة وعقيبة والمعروف بـ«3 مفارق»، وذلك بعد استهداف مكثف وممنهج لقرى وبلدات الريف الحيوي المهدد بالغزو التركي، الأمر الذي يعزز المؤشرات الميدانية التي تفترض نجاعة التحركات العسكرية الروسية في وقف تهور أردوغان والذهاب نحو عمل عسكري منفرداً من دون توافق إقليمي ودولي، خصوصاً من روسيا، باتجاه تل رفعت.
في المقابل ذكرت صحيفة صباح التركية وفق ما نقل الموقع الإلكتروني لقناة «روسيا اليوم» أن «قوات الجيش التركي اتخذت وضع الاستعداد القتالي لتنفيذ عملية في شمال سورية».
وفي منطقة خفض التصعيد شمال غرب البلاد، أشار مصدر ميداني لـ«الوطن» إلى أن الجيش العربي السوري فرض أمس «الهدوء الحذر وشبه التام في قطاعي ريفي حماة الشمالي الغربي وإدلب الجنوبي وعلى مختلف محاور التماس. وأوضح أن قطاعات سهل الغاب وأرياف إدلب تحت المراقبة، والرصد لأي تحرك للإرهابيين لاستهدافهم بالوقت المناسب.
وفي البادية الشرقية، أكد مصدر ميداني لـ«الوطن»، أن الوحدات المشتركة من الجيش والقوات الرديفة، وبعد تعزيز عددها وعديدها، كثفت عمليات تمشيطها قطاعات البادية في ريف حمص الشرقي ودير الزور الغربية، من خلايا تنظيم داعش الإرهابي وكبدت خلال عملياتها البرية الدواعش خسائر فادحة بالأفراد والعتاد.
ولفت إلى أن تمشيط الوحدات المشتركة تركز في منطقتي السخنة والمسرب لتطهيرهما من وجود الدواعش.