اقتصاد

مدير ينفذ مقولة «الناموسة التي زرعـت الحقل»!

| د. سعـد بساطـة

يُروى أن ناموسة طارت ذات يوم ووقفت على رأس بغـل كبير كان يحرث الأرض في الحقل. وبعد انقضاء النهار عادت الناموسة إلى جماعتها من الهوام والذين سألوها: «أين كنتِ؟ وماذا فعلتِ طوال النهار؟»، فأجابت بكل ثقة وغـرور: «لقد كنت أحرث الأرض!».

هذه القصة تتكرر كثيراً في أماكن العمل مع مديرين ومسؤولين لا عمل لهم إلا السطو على جهود الآخرين وسرقة إنجازاتهم ونسبها إلى أنفسهم.

المشكلة الأساسية أن الناموسة تظن أن بجلوسها على رأس البغـل فإن لها الفضل في حركته لحراثة الأرض من دون أن تعلم أن وجودها كان في حقيقة الأمر يضايقه ويعوقه عن أداء مهمته ويفقده تركيزه.

ولا يخفى على أحد أن وجود هذه النوعيات من المسؤولين يجعل الموظف يشعر بالظلم والغبن بسبب عدم التقدير. الأمر الذي يجعل الدافع الوحيد للعمل هو استلام الراتب حتى تحين فرصة عمل أفضل. وأكاد أجزم أن كل واحد مناً مر أو سمع بأشخاص على شاكلة تلك الناموسة.

ولكن، السؤال المهم هنا: كيف يمكن أن تعرف وتميز الناموس الذي يحرث الأرض أو المديرين الذي يسرقون جهود زملائهم ومرؤوسيهم؟ والإجابة سهلة؛ هنالك علامات متعددة ومنها:

المصلحة والمكاسب الشخصية لها الأولوية على المصلحة العامة للمنظمة في القرارات التي يتخذونها.

يركزون على إبراز صورهم ومقاطعهم بشكل مبالغ فيه واستغلال الأخبار لتسويق أنفسهم ويشوهون أي عمل أو إنجاز لا ينسب إليهم.

يدعمون الموظفين الذين لا يعترضون على سرقة أعمالهم ويحرصون على إعطائهم صلاحيات أكثر ماداموا موالين لهم ويحاربون أي موظف طموح يرفض سرقة عمله منه.

لا يستطيعون الحديث بدقـة وتخصص عن الإنجاز أو المشروع الذي تم لأنهم ليسوا على دراسة كاملة به ولم يسهموا عملياً في تنفيذه أو التخطيط له.

لا يحظون باحترام حقيقي أو تقدير من الأشخاص الذين يعملون معهم.

ويبقى السؤال الأهم: ماذا تفعل إذا ابتليت بمثل هذه النوعيات من المديرين؟

أولاً، حاول توثيق عملك وإسهاماتك بشكل احترافي لا يمكن معه إخفاؤه أو تهميشه بسهولة.

ثانياً، استثمر في نفسك وطور قدراتك لتصل لمرحلة من النضج والخبرة تؤهلك لتسلم مهمات قيادية مع توسع المشاريع وتعاظم النجاحات.

ثالثاً، اخلق أصدقاء وزملاء مخلصين يتحدثون عن عملك أمام المسؤولين.

رابعاً، إذا تفاقم الوضع وأصبحت بيئة العمل التي تعمل بها ملأى بالناموس المؤذي، فلا تتعب نفسك بمحاولة تنظيف المكان بالمعقمات بل انتقل إلى بيئة عمل جديدة صحية تقدرك وتمنحك التمكين والدعم.

يستخدم أعـداء العـمل الجماعـي هذه الخاصية للدفاع عـن موقفهم؛ لكون إحدى مساوئ عـمل الفريق هي أن ينسب رئيس الفريق الإنجازات لنفسه؛ مستهتراً بجهود الأعضاء الآخرين ضمن الفريق!

مازال «صاحبنا» يذكر اليوم الذي تُوّج فيه مديره في العمل كأفضل مسؤول ينفذ مشروعاً مبتكراً في قطاعه الوظيفي حيث صعد ذلك المدير على «المنصة» ليعتلي المنبر ويتحدث عن المشروع وعن الدراسة التي أعدها لأشهر طويلة ليصل إلى النتائج الجيدة التي ستتحقق بتطبيق المشروع على أرض الواقع، شعور كبير بالوجع أخذ يتملكه وهو يرى مشروعه الذي قدمه يوماً للمدير حتى يحسن من أداء الموظفين في تلك المؤسسة، حالماً بأن تكون هناك ترقية جيدة له بعد ذلك المشروع ليفاجأ بأن مشروعه الذكي نسب إلى المدير الذي سرق المجهود وادعى بأنه صاحبه، واكتفى بالإشادة بدور الموظفين الأكفياء الذين سينفذون ذلك المشروع وقد اختير ضمن تلك القائمة.

إليكم هذه الطرفة: قال المدير «عـلينا أن نعـرف من المسؤول عـن هذا المشروع»؟ أجبت «بسيطة.. إذا كان ناجحاً؛ فأنت المسؤول الوحيد.. وإن كان فاشلاً؛ فأنا وزملائي: نحن المسؤولون عـنه»…!

بالختام، كما أن سرقة الأموال حرام، فسرقة الجهود حرام، ونسبة الإنجازات إلى أصحابها وتقديرهم أمانة وفن لا يتقنه الكثيرون!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن