الوضع يستلزم «تنازلات» ميدانية وإدارية من «قسد» لدمشق منعاً لتكرار سيناريو عفرين … مخاوف أهلية من غزو تركي لريفي منبج وتل رفعت
| حلب- خالد زنكلو - حماة– محمد احمد خبازي - دمشق– الوطن- وكالات
أعربت مصادر أهلية في تل رفعت ومنبج شمال وشمال شرق حلب عن خشيتها من شن النظام التركي عدواناً لاقتطاع أجزاء من ريف المنطقتين، كمرحلة أولى لقياس ردود فعل القوى الفاعلة على الأرض، ولحفظ ماء وجه رئيس النظام رجب طيب أردوغان، الذي توعد باحتلال ٣٠ كيلو متراً من الشريط الحدودي السوري ثم تراجع مطلع الشهر الجاري ليقتصر تهديده على تل رفعت ومنبج.
ودعت المصادر، في تصريحات لـ«الوطن»، ميليشيات «قوات سورية الديمقراطية- قسد» للإسراع في حوار جدي مع دمشق لتقديم «تنازلات» ميدانية وإدارية إليها تحول من دون التفريط بتل رفعت ومنبج منعاً لتكرار سيناريو عفرين الذي لا تزال تداعياته الكارثية ماثلة في الأذهان، بعدما فشلت في قراءة الواقع وأمعنت في تصلفها ورفضها تسلميها للحكومة السورية درءاً لذرائع أردوغان، الذي يسعى لاستكمال احتلال مناطق سورية جديدة تقع تحت سيطرة «قسد» لإقامة ما يسميه «المنطقة الآمنة».
المصادر رأت، أن المؤشرات الميدانية تشير إلى أن العدوان التركي على تل رفعت ومنبج قائم رغم الجهود الروسية من أجل ثني أردوغان عن المضي بمخططه الهادف لإرضاء الرأي العام التركي، بعد إطلاقه وعوداً بإقامة «الآمنة» لترحيل مليون لاجئ سوري في بلاده إليها، ولذلك لا بد من مسارعة «قسد» للتنسيق مع دمشق لتدارك مأساة إنسانية ستعصف بحاضنتها الشعبية في المنطقتين المهددتين بالغزو.
وخاطبت المصادر متزعمي «قسد» بالقول: إنه لا يكفي للميليشيات الإعلان إعلامياً عن استعدادها للتنسيق مع الحكومة والجيش العربي السوري والسماح برفع علم الجمهورية العربية السورية فوق بعض المواقع أو زيادة تعزيزاته فيها، بل لا بد من إحلال الجيش محل قواتها في المناطق المنتخبة لشن الهجوم لتجريد النظام التركي من ذريعة العدوان، وليس الاعتماد على حفر الخنادق واستقدام مقاتلين إلى تلك المناطق.
مصادر مقربة من «قسد» في تل رفعت ومنبج أكدت لـ«الوطن» أن متزعمي «قسد» مقتنعون بحتمية مغامرة أردوغان بشن عدوان باتجاههما مدفوعاً بحسابات سياسية داخل بلاده متعلقة بالانتخابات ومشاكل الاقتصاد، في انتظار تهيئة الأجواء المناسبة لذلك، حتى ولو لم يحصل على ضوء أخضر من روسيا.
وأكدت أن الاحتلال التركي ومرتزقته يستكملون استعدادات الهجوم نحو تل رفعت ومنبج للبدء بالعدوان في أقرب وقت قبل أن تحول الظروف الإقليمية والدولية من دون تنفيذه. وتوقعت أن يجري العدوان بطريقة سريعة وخاطفة ومحدودة الأهداف، لا يتجاوز حدود ما هو مرسوم له في ريف المنطقتين من دون الوصول إلى حدود المدينتين في المرحلة الأولى، على أمل تراخي موسكو عن استكمالها لاحقاً حسب سير وموجبات الحرب في أوكرانيا.
وأشارت إلى أن أردوغان يرتئي أنه سيحقق مكاسب سياسية وعسكرية من عدوانه المرتقب تفوق الخسائر التي يتوقعها، في ظل عدم تراجعه عن تهديداته، وإن خفتت نبرة التصريحات الإعلامية لنظامه الذي يرى أن استثماره في الحرب الأوكرانية ورقة رابحة وعليه استغلالها عاجلاً غير آجل.
وشددت المصادر على أن المطلوب من «قسد» ومن خلفها ذراعيها السياسية «مسد» والمدنية ما تسمى «الإدارة الذاتية» الوقوف بصدق مع ذواتها تلبية لمصالحها، والابتعاد ولو مرة واحدة عن ابتزاز الإدارة الأميركية لها وإرغامها على الابتعاد عن دمشق وموسكو لمنع توحيد مصير البلاد في وجه أي خطر خارجي وتحت راية دمشق التي ترى في الوجود العسكري الأميركي شرق البلاد مؤقتاً، وقد يضحي بالحلفاء الأكراد في أي وقت مع زوال المصالح الأميركية في المنطقة أو عدم تحمل تبعات احتلالها.
ميدانياً، وجه الاحتلال التركي ومرتزقته أمس فوهات مدفعيتهم ودباباتهم باتجاه بلدات كفر أنطون وعقيبة وتل قراح ومنغ مع مطارها في ريف حلب الشمالي الأوسط من قاعدة قرية ثلثانة العسكرية، من دون تسجيل إصابات في صفوف المدنيين الذين نزح معظمهم نحو مناطق أكثر أماناً، وفق قول مصادر أهلية في تل رفعت لـ«الوطن».
وقالت مصادر محلية في منبج لـ«الوطن»: إن الاحتلال التركي ومرتزقته استهدفوا بالمدفعية وقذائف الهاون بلدة المحيسنلي شمال المنطقة، ما أدى إلى احتراق سيارة وإصابة سائقها ومرافقه بحروق.
أما في ريفي تل تمر وأبو راسين شمال غرب الحسكة، فحافظ الهدوء على رتابته ولأكثر من ١٠ أيام متواصلة بفعل تسيير قوات الجو الروسية لحواماتها ومقاتلاتها باستمرار فوق خطوط التماس والشريط الحدودي مع تركيا.
إلى منطقة «خفض التصعيد» شمال غرب البلاد، حيث بيَّن مصدر ميداني لـ«الوطن» أن وحدات الجيش العاملة بريف حماة الشمالي الغربي، استهدفت بالمدفعية الثقيلة مواقع للإرهابيين في محور العمقية بسهل الغاب الشمالي الغربي، في حين دكت الوحدات العاملة بريف إدلب، مواقع للإرهابيين بالمدفعية أيضاً.
في غضون ذلك ذكرت وكالة «سانا» أن المجموعات الإرهابية بالريف الشمالي لمحافظة اللاذقية شنت اعتداء إرهابياً بقذيفتين صاروخيتين على محيط بلدة كسب بريف اللاذقية ما تسبب بأضرار مادية بسيطة.
كما ذكرت مصادر إعلامية معارضة، أن قصفاً برياً متبادلاً على محور كبانة بجبل الأكراد في ريف اللاذقية الشمالي، جرى بين الجيش العربي السوري من جهة، والتنظيمات الإرهابية ضمن ما تسمى غرفة عمليات «الفتح المبين» التي يقودها تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي من طرف آخر.
وأما في البادية الشرقية، فقد بيَّن مصدر ميداني لـ«الوطن» أن الوحدات المشتركة من الجيش والقوات الرديفة، تواصل تمشيط قطاعاتها في باديتي حمص الشرقية ودير الزور الغربية من خلايا تنظيم داعش الإرهابي.