شؤون محلية

المنصب الحكومي!

| يونس خلف

من حيث الشكل نشاهد المجتمعات كأنها تعمل بشكل جماعي وروح واحدة ومنهجية واحدة ويتعاون أفراد هذه المجتمعات فيما بينهم للقيام بأفضل الأعمال، أما في المضمون والواقع الفعلي فإن الصورة التي تعكس واقع الحال تبدو غير ذلك حيث نجد أن العمل الفردي يتغلب في بعض المؤسسات على العمل الجماعي الذي يعاني من العثرات والإخفاقات.

منطق الحياة الحديثة يختلف حيث تغيرت تلك النظرة التقليدية إلى العمل الجماعي، فالجماعية لا تعني أن يترابط الأفراد مجرد ترابط عددي بل تعني أن تتكون الفردية تكويناً صحيحاً حيث يشعر كل فرد بأنه يمكن أن يقوم بكثير من شؤون حياته معتمداً على ذاته وعندما يأتي العمل الجماعي فإنه يأتي على أفراد في حالة من النضج التي تسمح بممارسته من دون شخصنة الأمور ولا أحقاد ولا بحث عن مكانة زائفة.

من هنا يمكن النظر إلى غياب روح العمل الجماعي في بعض المؤسسات وأيضاً غياب تقاليد العمل الموحدة، والأمر بلا شك يتصل بظاهرة اختيار القيادات الإدارية في المؤسسات المختلفة التي ربما تكون هي أصل الحكاية حيث تكمن المشكلة في الإدارة ذاتها لأن المكونات التي تخلق المشكلة غير قادرة على حل المشكلة.. إضافة إلى القواسم المشتركة التي يجب أن تتوافر في القائد الإداري من حيث الرؤية الموحدة للعمل على قاعدة العمل المؤسساتي وليس وفقاً لعقلية ومزاجية الأفراد كأن ينفرد مسؤول ما بقرار ينسف به تاريخ وجهد كل الذين يتضررون من قراره، ولعل من بين الأمور التي يمكن أن تؤسس للآلية البديلة التي يفترض أن تكون موجودة هو تبني المعيار الوحيد الضامن للنجاح وهو الكفاءة والتخلص النهائي من الآلية التي أنتجت القيادات الإدارية الضعيفة والمعوقة لأشكال التحديث والإصلاح.

نأخذ على سبيل المثال موضوع المنصب الحكومي الذي يجب أن يكون مسؤولية وليس امتيازاً لجهة معايير الاختيار من جانب والممارسة الفعلية لهذه المسؤولية من جانب آخر، نحن بحاجة إلى مسؤولين يستطيعون قيادة مؤسساتهم وتطويرها بالمبادرات المستمرة ومحاسبة المقصرين في أي مفصل منها مبتعدين في عملهم عن الأنانية والذاتية والمصالح الضيقة.. بحاجة إلى مسؤول يحمل المؤسسة لا أن تحمله المؤسسة فيكون عبئاً عليها وعلى المواطن، ولذلك لا يمكن الحديث عن التنمية والإصلاح والتطوير من دون الأخذ بعين الاعتبار اختيار القادة الذين يتمتعون بالخصائص التي تؤهلهم لقيادة مؤسساتهم بجدارة، ولاسيما أن نجاح أي مؤسسة أو إدارة بتحقيق أهدافها وبلوغ المستوى المطلوب من التطور والازدهار في أدائها مرتبط إلى حد كبير بالقيادة الإدارية التي تشرف عليها، لأن القيادة الإدارية تعتبر بمنزلة الأداة المهمة والضرورية التي يتم بوساطتها تعبئة وتنسيق جهود إمكانات المؤسسة المادية والبشرية للوصول بها إلى تأدية مهامها ويتم ذلك عبر التفاعل المثمر والفعال مع العاملين في المؤسسة والقدرة على تنظيم العمل والاستثمار الأمثل لقدرات العاملين والقيام بتحديد وصياغة أهداف وسياسة وإستراتيجية المؤسسة.

والأمر الآخر الذي لا يقل أهمية في موضوع التطوير الإداري هو وضع ضوابط وشروط لاختيار القيادات الإدارية على أساس موضوعي وليس شخصياً وربما هذا هو أصل الحكاية لأن التطوير الإداري الحقيقي لا يتحقق بالتنظير.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن