سورية

دير مار موسى الحبشي ينتظر زواره بعد سنوات من افتقادهم

| وكالات

ينتظر دير مار موسى الحبشي الذي شيد على إحدى الهضاب شرق مدينة النبك في القرن السابع الميلادي على أنقاض برج روماني، زواراً افتقدهم جراء سنوات الحرب الإرهابية على سورية.
ونقلت وكالة «ا ف ب» أمس، عن الأب جهاد يوسف، رئيس الدير قوله: «مشتاقون لعودة الناس، ونرغب برؤيتهم مجدداً بيننا وهم يصلّون ويتأمّلون، لعلّهم يجدون في هذا المكان مساحة للهدوء والصمت والتفكّر».
وذكرت الوكالة، أنه خلال سنوات الحرب، لم تلحق بالدير أي أضرار مادية مباشرة، لكنّ الضرر المعنوي كان كبيراً مع اختفاء الأب الإيطالي باولو دالوليو الذي يعود له الفضل في ترميم الدير عام 1982 وتجديد الحياة الرهبانية فيه، حيث اختفى في مدينة الرقة صيف 2013.
وقال يوسف «خطفه داعش على الأرجح، لا يوجد لدينا أي خبر مؤكد عن حياته أو موته. لم يتواصل أحد معنا بشأنه من أجل فدية أو أي مطالب أخرى».
ويضمّ الدير الذي يفتقد بناؤه لأي شكل من أشكال البذخ أو الزخرفة، كنيسة تعود إلى القرن الحادي عشر وفيها أيقونات وجداريات أثرية وكتابات باللغات العربية والسريانية واليونانية، بينها عبارة «بسم اللـه الرحمن الرحيم» و«الله محبة».
في عام 2010، وصل عدد زوار الدير إلى ثلاثين ألفاً، قبل أن تنقطع الحركة تماماً إثر بدء الحرب الإرهابية على سورية منتصف آذار 2011.
وأشارت الوكالة إلى أنه يقيم اليوم في الدير المؤلف من ثلاث طبقات ويضم غرفاً للزوار ومكتبة ضخمة ومزرعة للطيور، راهبان وراهبة مع شابين يختبران حياة الرهبنة، يأكلون مما يزرعون أو يحصلون عليه ويشربون من بئر مجاورة، في حين يقصد الدير بين الحين والآخر رهبان من أديرة أخرى.
وأوضحت أنه عند ساعات الصباح الأولى، يخرج رئيس الدير إلى ساحة مطلة على الغرف المحفورة في الجبل، وينادي الموجودين للانضمام إلى الرهبان في تناول الفطور.
وقال يوسف: «نحن هنا في دير بسيط يفتقر للكماليات، لا تتوفّر تغطية إنترنت أو هاتف، ويُفسح الابتعاد عن صخب المدينة».
وذكرت «ا ف ب»، أن المنطقة المحيطة بالدير لم تكن سابقاً بمنأى عن الحرب التي شنت على سورية، موضحاً أنه في عام 2013، وقعت معارك عنيفة في مدينة النبك الوقعة على بعد 16 كيلومتراً عن الدير الذي سرعان ما أصبح تحت مرمى نيران تنظيم داعش الإرهابي الذي سيطر على ريف حمص الشرقي المجاور في الفترة الممتدة بين العامين 2015 و2017.
ويستعيد رئيس الدير تلك المرحلة بالقول «كنا قلقين للغاية، خشينا من الخطف أو القتل في أي لحظة، ولاسيما بعد وصول تنظيم داعش إلى بلدة القريتين وخطف مسيحيين منها»، إثر سيطرته عليها عام 2015.
وقالت الوكالة: «بعد زوال أسباب العزلة، أعلن الدير الشهر الحالي إعادة فتح أبوابه أمام الزوار الذين لطالما تكبّدوا عناء تسلّق 300 درجة لبلوغه، بسبب موقعه على تلة صخرية وعرة».
وتفرض طبيعة الدير وخصوصية موقعه سكينة لا مثيل لها، ويتردد صدى كل كلمة أو صوت يصدر في أنحائه.
من جانبه قال الراهب يوسف الحلبي (48 سنة): «خلا الدير من الزوار تقريباً، صرت أبحث عن طريقة أملأ بها وقتي الطويل، إذ مرّت سنوات كان عدد الزوار فيها صفراً»، معرباً عن أمله أن يقصد الناس الدير مجدداً «ليشاركونا طريقة حياتنا، هنا فسحة للتنفّس بعيداً عن الضجيج والضوضاء».
ويتميز الدير بمقام القديس جاورجيوس، كما يشتهر بإيقوناته البيزنطية التي ترقى إلى القرنين السابع عشر والثامن عشر، وكذلك برسوماته الجدارية «الفريسك» المنتشرة في كنيسته والمرسومة بثلاث طبقات لكل منها أسلوبه الخاص: الطبقة الأولى تعود إلى الأعوام 1058-1095، والطبقة الثانية من نهاية القرن الحادي عشر، أما الطبقة الثالثة فترقى إلى بدايات القرن الثالث عشر.
وتم تسجيل الدير في لائحة المواقع الأثرية الوطنية بالقرار الوزاري رقم 63 / أ تاريخ 4/11/1957.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن