في مثل هذا اليوم الثاني والعشرين من حزيران عام 1986 كان العالم أجمع على موعد مع مباراتين ضمن ربع نهائي مونديال المكسيك الثاني 1986، ورنت الأنظار إلى مباراة الأرجنتين وإنكلترا على خلفية حرب جزر الفوكلاند والتفوق الإنكليزي في مونديالي 1962 و1966، ولذلك كان الأرجنتينيون يتوقون لرؤية منتخبهم يثأر متابعاً طريقه نحو اللقب العالمي.
في ذاك اليوم كانت الترشيحات تصب إلى جانب الأرجنتين المدعومة من جماهير ملعب أزتيك الذين فاقوا مئة ألف متفرج من العدد الإجمالي للجماهير يومها البالغ 114580 متفرجاً، وجرت المباراة تحت أشعة الشمس عند منتصف النهار وهو جو يلائم الأرجنتين أكثر، ولكن الشوط الأول كان متكافئاً وانتهى كما بدأ.
وما هي إلا ست دقائق مطلع الشوط الثاني حتى سجل دييغو مارادونا، الذي وافته المنية يوم 25/11/2020، واحداً من أكثر الأهداف الجدلية في كأس العالم، إذ ارتقى فوق الحارس الإنكليزي شيلتون مودعاً الكرة بيده وتراءى لحكم الساحة التونسي علي بن ناصر ومساعده البلغاري دوتشيف أنه سجل برأسه، وحتى المشاهد على شاشات التلفزة اعتقد ذلك لولا الكثير من الإعادات التي أظهرت حقيقة الغش.
وبعد ثلاث دقائق من الهدف الأول أظهر دييغو جلّ عبقريته عندما سجل هدفاً صُنف حتى يومنا هذا على أنه الهدف الأجمل بتاريخ كأس العالم، عندما سار بالكرة من منتصف الملعب متخلصاً من عدة لاعبين إنكليز وهم بيتر ريد وبيردسلي وهودل وفينويك وغاري ستيفنس والحارس شلتون قاطعاً مسافة 65 متراً خلال 11 ثانية، فرفع العالم أجمع القبعة لدييغو على إبداعاته الفردية التي استحقت الاحترام في الهدف الثاني والمدرب الإنكليزي الراحل بوبي روبسون قال بعد تلك المباراة:
كنا ندرك عبقرية مارادونا وإمكانياته الفردية لتغيير مسار المباراة بلمسة عبقرية أو ركلة حرة أو تمريرة نادرة أو مهارة فردية، ولكن لم نكن نتوقع التسجيل بطريقة خسيسة، في إشارة واضحة من المدرب إلى عبقريته في الهدف الثاني وغشه في الهدف الأول.
أما مارادونا فكان يقول إن يد الله هي التي سجلت وعاقبت إنكلترا.
الرد الإنكليزي اقتصر على هدف غاري لينيكير عند الدقيقة 81 وهو الهدف الذي ساعده على ريادة هدافي المونديال المذكور بستة أهداف، وكل ما قام به الإنكليز توجيه أصابع الاتهام إلى الحكم التونسي علي بن ناصر معتبرينه سبب الهزيمة التي لم تكن شرعية بنظرهم.
ما هو مهم أن تجاوز الإنكليز يومها ساعد الأرجنتين ومارادونا على الفوز بكأس العالم، واعتبرت البطولة بطولة مارادونا الذي قدم خير هدية للأرجنتين في ظل معاناتها ذاك الوقت من جميع الجوانب، فأدخل الفرحة إلى كل بيت عندما كانت الأرجنتين تنزف وتعاني.
بعد سنوات من ذاك الهدف زار مارادونا حكم المباراة التونسي علي بن ناصر في بيته وقدم له قميصه، وللعلم فإن الحكم نال تسع درجات من عشر من مراقب المباراة، علماً أنه ارتكب خطأً غيّر مسار النتيجة، والسبب أن المراقب يمنح العلامة للحكم بأرض الملعب، وهذا معناه أن المراقب والحكام كانوا مقتنعين مئة بالمئة بأن الهدف صحيح، ولم يكن من لمسة يد!