وقرن الشيطان.. وموطن الفتنة…الشام خيرة الأرض وإليها خيرة العباد.. الله يتوكل بالشام
شمس الدين العجلاني
وابتدأت الحكايا، وكشَّر الشيطان عن أنيابه، وابتدأ ما اصطلح على تسميته «الربيع العربي» فكان في البدء الاحتجاجات بين عامي 2010 -2011 التي طالت عدداً كبيراً من الدول العربية، فمن ركع منها وبصم لهم وسار في ركبهم عفي عنه من «الربيع العربي» المزعوم ومن رفض السير معهم كان له قرن الشيطان بالمرصاد!
طال ربيعهم العربي تونس ومصر، ونقل السلطة في اليمن، والإرهاب المسلح في ليبيا، وسورية ؛ وقلاقل في الجزائر والبحرين وفي جيبوتي والعراق المدمر بفعل الديمقراطية الأميركية، ووصل فتيل إرهاب الربيع العربي إلى الأردن ولكن ملكه بصم وسار في ركبهم فعفوا عنه!. لم تكن المغرب والكويت ولبنان أفضل من الأردن فخرجوا من معادلة الربيع العربي، واخترعوا للبنان قضية «النأي بالنفس» ولكن بعض قادة لبنان وزعمائه ونوابه لم ينأوا بالنفس، بل انضموا، من تحت الطاولة وخلف الكواليس أو على المسرح مباشرة، للمسلحين في دعمهم وتأييدهم ووصل الأمر ببعضهم أن رفع علمهم وذلك ثمناً لما يتقاضونه من ملايين الدولارات شهرياً من السعودية حسب ما ذكره الرئيس اللبناني الأسبق إميل لحود مؤخراً في لقائه ضمن برنامج الأسبوع في ساعة على قناة الجديد بتاريخ 10/5/2015.
كما احتضن لبنان المؤتمر العربي الذي عقد في بيروت بتاريخ 27 /2/2011م لدعم «الثورات العربية» على وقع انهيار كل من تونس ومصر واتساع رقعة أعمال المسلحين والربيع العربي المزعوم، وقد سلَّط قادة الربيع العربي تيار المستقبل لتكون له اليد الطولى لجعل لبنان مسيَّراً من السعودية وليس له خيار آخر! والأردن الذي عاش على خيرات سورية وشرب من مياه سورية لسنوات وسنوات جعلوه مقراً ومعبراً لإرهاب قادم إلينا!!
السودان وصاحبه الرئيس عمر البشير المحاصر والممنوع من السفر ينشد الود لأصحاب الربيع العربي فيعفون عنه، الشعب في مملكة البحرين اختلف عن ربيعهم العربي المزعوم ونشد أن يطال جزءاً من حريته المسلوبة فقام سلمياً بـثورة اللؤلؤ وهناك من أسماها ثورة الورود، فغزت قوات درع الجزيرة مملكة البحرين بموافقة ملكها وأركان حكمه لمنع الشعب البحريني من المطالبة بحريته، واستدعى ذلك القمع تواجد 1200 جندي سعودي محملين على مدرعات عسكرية و800 جندي إماراتي وقوات بحرية كويتية! واستباحت قوات درع الجزيرة المناطق السكنية وحاصرت الشعب! وقال قائل: «إن دول الخليج أوفدت قوات «درع الجزيرة ليس لمساعدة الشعب البحريني على عدوان خارجي، وإنما لمد يد العون لحاكم البحرين في عدوانه على شعبه وتطلعاته للديمقراطية والحرية».
سلطنة عمان أصابها «البل» ولكن أصحاب الربيع العربي سارعوا إليها كي لا يشملها ربيعهم.
الرئيس الأميركي باراك أوباما قال يوم 4/3/2011 م: «إن الانتفاضات في منطقة الشرق الأوسط تخدم الولايات المتحدة وتمنحها فرصة كبيرة»، ورأى أن هذه الثورات تفتح آفاقاً واسعة أمام الأجيال الجديدة. ووصف أوباما هذه الثورات بأنها «رياح حرية» هبَّت على المنطقة، وقال إن القوى التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك يجب أن تتعاون مع الولايات المتحدة وإسرائيل.
إذاً، المطلوب أميركياً من كل العرب الجلوس في أحضانهم وأحضان إسرائيل، وكل من يعادي ذلك فالربيع العربي له بالمرصاد!!!
وابتدأ «الربيع العربي» وظهر قرن الشيطان!
قرن الشيطان
روي عن رسولنا الكريم في أكثر من مصدر عن الأرض التي يخرج منها قرن الشيطان أنها أرض الزلازل وأرض الفتن وهي منطقة نجد في السعودية الآن، فقد ورد الحديث رقم (990) في صحيح البخاري: «أن الفتنة والزلازل ونفير الشيطان سيخرجون من نجد».
كما ورد حديث نبوي شريف في صحيح البخاري، عن ابن عمر رضي اللـه عنه عن النبي صلى اللـه عليه وسلم قال: «اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا، فقالوا: وفي نجدنا يا رسول الله، قال رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم: اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا، فقال الناس: وفي نجدنا يا رسول الله!!
قال ابن عمر: أظن أنه قال في المرة الثالثة: الزلازل والفتن هناك: وهناك يطلع قرن الشيطان».
لقد أجمع العديد من العلماء والمهتمين والباحثين أن نجد الواردة في الحديث الشريف هي الواقعة الآن في السعودية، ولكن شيوخ الفتاوى السعودية وأئمة الوهابية وزعماء الحركة السلفية ومن يلف حولهم لم يرق لهم ذلك، وأن تكون نجد السعودية هي موطن الفتن ومنها يخرج قرن الشيطان؟؟ خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن كثيراً من زعماء الحركة السلفية ينحدرون من نجد!؟
وهنالك دراسة مهمة وواضحة للشيخ الدكتور أحمد محمود الـمحمود حول نجد أرض الزلازل والفتن يقول فيها: يتغافل السلفيون عن حديث رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم المتعلق بأرض نجد لما يصفها بها عليه الصلاة والسلام بأنها أرض الزلازل والفتن ومنها يخرج قرن الشيطان، وإذا لزمهم التكلم عنه قالوا إن المقصود أرض العراق، ويستشهدون ببعض الوقائع التي حدثت في تاريخنا الإسلامي ويتناسون الواقع والموقع… ويؤكد الدكتور أحمد أنه: «لقد بحثت في فتاوى ابن تيمية وفي فتاوى ابن عثيمين وفتاوى ابن باز رحمة اللـه عليهم فلم أقع على مادة ( نجد أرض الزلازل والفتن) ما يدل على أنهم قد غيبوا الحديث عنها حاجة في أنفسهم والله أعلم».
ويؤكد أيضاً الدكتور أحمد أن: «أرض نجد هي تماماً في جهة المشرق التي أشار إليها رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم، فإذا نظرت في الخريطة الجغرافية تجد أن نجداً تقع شرق المدينة تماماً حيث تشرق الشمس، كما في حديث رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم الصحيح الذي يقول فيه: (إن الفتنة تجيء من هاهنا وأومأ بيده نحو المشرق من حيث يطلع قرن الشيطان) وأما العراق فلا تقع جهة المشرق أصلاً إنما تقع جهة الشمال تماماً ما يدل على أن أرض العراق هذه ليست هي المقصودة في حديث رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم».
ويخلص الدكتور أحمد في دراسته بالقول: «والنتيجة أن أرض نجد الحجاز يصدق عليها واقعاً أنها أرض الفتنة ومنها يخرج قرن الشيطان:
1 – إنها تقع شرق المدينة المنورة تماماً من غير أي انحراف.
2 – إنها الأرض التي تشرق من جهتها الشمس على مدينة رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم وإليها أشار صلى اللـه عليه وسلم: (إن الفتنة تجيء من هاهنا وأومأ بيده نحو المشرق من حيث يطلع قرن الشيطان).
3 – إنها الأرض المرتفعة وبذلك سميت نجداً لارتفاعها عن سطح البحر بنحو 700-1500 قدم.
4 – إنها الأرض التي تخرج منها الفتنة في الدين وقد وقعت في أيامنا العجاف.
ويختم دراسته بالقول: «كان فقهاء السلف ( الحنفية والمالكية والشافعية الحنابلة) يقولون رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب أما في أيامنا هذه فإن كثيراً ممن يتبوؤون منصب الدعوة والإفتاء يقولون رأينا صواب لا يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطأ لا يحتمل الصواب».
«تلك ملائكة اللـه باسطي أجنحتها على الشام»:
لأن الشام مباركة في القرآن الكريم والحديث الشريف، لأن بركة الشام وردت بخمس آيات في كتاب اللـه تعالى، وجاءت أحاديث كثيرة عن النبي صلى اللـه عليه وسلم، تبين مكانة بلاد الشام، وأنها بلاد مباركة: «طوبى للشام، فقلنا لأي ذلك يا رسول الله»؟ قال: لأن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليها «رواه الترمذي» فهذا الحديث الشريف وغيره من العشرات من الأحاديث الشريفة تبين فضل بلاد الشام، وفضل من يقطنها.
لأنها دمشق الشام، دمشق التاريخ، دمشق العرب، وإرم ذات العماد وحضارة الروم وحصن الشام وباب الكعبة وفسطاط المسلمين والعذراء وقاعدة وادي سورية والفيحاء والغناء. لأنها ملتقى المسيحية والإسلام، لأنها جنة اللـه على الأرض، وقرية المسرة.
لأن اللـه كتب لدمشق أن يبدأ وينتهي بها التكوين. لأنها كذلك وأكثر طالها قرن الشيطان الآتي من ديار نجد السعودية..
اليمن المبارك
لليمن وأهله مكانة واضحة في القرآن الكريم والحديث الشريف، جاء في فضل اليمن وأهل اليمن آيات كريمة وأحاديث شريفة لم تجتمع لغيرهم وهنالك العديد من الآيات القرآنية التي تشير إلى ذلك، فقد روى أبو موسى الأشعري قال: تلوت عند النبي صلى اللـه عليه وآله وسلم قوله تعالى (يأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي اللـه بقوم يحبهم ويحبونه) فقال صلى اللـه عليه وآله وسلم (هم قومك يا أبا موسى) وفي تفسير الجلالين أنه صلى اللـه عليه وآله وسلم قال: (هم قوم هذا وأشار إلى أبي موسى) وذكر السيوطي عن جابر أنه سئل صلى اللـه عليه وآله وسلم عن هذه الآية فقال صلى اللـه عليه وآله وسلم: (هؤلاء من أهل اليمن من كندة ثم من السكون ثم من تجيب).
وذكر السيوطي عن ابن عباس في قوله تعالى (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيق) أن أول من أجاب سيدنا إبراهيم إلى الحج هم أهل اليمن؟!
وسأله صلى اللـه عليه وسلم عبد اللـه بن حوالة أن يختار له بلاداً يسكنها، فقال: «عليك بالشام، فإنها خيرة أرضه، يجتبي إليها خيرته من عباده، فإن أبيتم فعليكم بيمنكم، واسقوا من غدركم؛ فإن اللـه يتوكل لي بالشام وأهله». «الراوي:- المحدث: ابن القيم- المصدر: إعلام الموقعين- الصفحة أو الرقم: 4/335 – خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح».
وعن عبد اللـه بن عمرو رضي اللـه عنهما قال: خرج علينا رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم ونحن جلوس، فأوسعنا له فجلس وقال: «أين أصحابي الذين أنا منهم وهم مني؟ وأدخل الجنة ويدخلونها معي؟». فقلنا: يا رسول اللـه أخبرنا! قال: «نعم، أهل اليمن المطروحون في أطراف الأرض، المدفوعون عن أبواب السلطان، يموت أحدهم وحاجته في صدره لم يقضها» أخرجه الطبراني والهيثمي.
وبعد
والآن ذاب الثلج وظهر المرج وكُشف اللثام عن دولة الإجرام ولم يعد أحد يختبئ وراء إصبعه، فأعلنت حرب الإبادة على اليمن المبارك، يومياً لا يقل عن 100 غارة بالطائرات ومئات القذائف والصواريخ تبلغ الحجر والبشر وأهل اليمن لا حول ولا قوة لهم إلا الإيمان بالله والوطن أمام طغيان العربان والغربان.. فهل جاءت الآن نبوءة رسولنا الكبير وظهر قرن الشيطان من نجدٍ وطال أقدس المدن والقرى وأشراف الناس؟