قضايا وآراء

صدمة جديدة لأميركا في حديقتها الخلفية

| دينا دخل الله

فوز المرشح الرئاسي غوستافو بترو في كولومبيا هو صدمة جديدة لواشنطن في «حديقتها الخلفية»، وهناك توقعات كبيرة بأن الصدمة القادمة ستكون في البرازيل، أكبر دولة في أميركا اللاتينية، ففي تشرين القادم ستجري انتخابات رئاسية هناك حيث يتوقع جميع المراقبين فوز المرشح عن حزب العمال لولا دي سيلفا المعروف بمعارضته للسياسة الأميركية في بلاده وفي القارة اللاتينية.

عام 2008 كان لولا دي سيلفا رئيساً لبلاده وقائداً لحزب العمال، قال الرجل في مؤتمر الحزب بملء فمه وبصوت مرتفع: «أبشركم أيها الرفاق فنحن لم نضع في هذا المؤتمر شعاراً يطالب صندوق النقد الدولي بالخروج من بلادنا لأننا قد أخرجناه فعلاً وحررنا اقتصادنا من هذه الأداة الرئيسية في سياسات الاستعمار الجديد».

بعد ذلك بفترة خسر دي سيلفا الانتخابات حيث سيطر اليمين على الحكم ودخل هذا المناضل السجن بتهمة الفساد وإساءة استخدام السلطة وغيره وغيره.

إذا صدقت التوقعات ونجح دي سيلفا في انتخابات تشرين القادمة، ستشعر أميركا بصدمة قوية لأن البرازيل أكبر دول أميركا اللاتينية وأهمها، لكن الصدمة التي حصلت في كولومبيا ليست أقل إيلاماً، فكولومبيا هي توءم فنزويلا، وقد كانت حتى اليوم رأس حربة أميركا التي تُدمي عبرها خاصرة فنزويلا، فالحدود بين البلدين في حالة توتر وحرب مستمرة، وكذلك جميع أنواع العداوات الأخرى والإزعاج الثقافي والبشري والنفسي من جانب كولومبيا لجارتها الشقيقة، والمفاجأة السعيدة أن الفائز الكولومبي أعلن بعد فوزه بأنه سيحسن العلاقات مع فنزويلا فيما يعد ضربة قوية للعم سام.

كوبا وفنزويلا وبوليفيا ونيكاراغوا والآن كولومبيا، وقريباً البرازيل، كل هذا يؤكد أن «الحديقة الخلفية» لم تعد مزرعة مريحة وهانئة لأميركا، ولا شك في أن الرئيس الأميركي الأسبق جيمس مونرو الذي وضع النظرية الانعزالية عام 1823 يتململ في قبره اليوم عندما يرى أن «حصة الولايات المتحدة من الحلوى العالمية» تذوب شيئاً فشيئاً، فالنظرية الانعزالية التي وضعها كانت تركز على شعار أميركا للأميركيين، أي أميركا في القارتين للولايات المتحدة، وعلى هذا الأساس دعمت الولايات المتحدة حروب التحرر في الجزء الجنوبي ضد القوى الأوروبية ليصبح هذا الجزء حديقة خلفية لها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن