قضايا وآراء

الطريق المسدود أمام بقاء المشروع الصهيوني

| تحسين الحلبي

بدأت المصادر الإعلامية في تل أبيب وبعض العواصم الأوروبية تعترف أن عدد الفلسطينيين على كل مساحة فلسطين المحتلة منذ عام 1948 وعام 1967 يزيد على عدد اليهود بنسبة تزيد على نصف مليون واعترفت منظمات أوروبية غير حكومية تدافع عن حقوق الإنسان أن الفلسطينيين يتعرضون لنوعين من جرائم التنكر لحقوق الإنسان الأولى في فلسطين المحتلة منذ عام 1948 وهي جريمة الفصل العنصري لما يقرب من مليونين من الفلسطينيين يضاف لها جريمة استمرار الاحتلال في الضفة الغربية والقدس وجريمة الحصار والتجويع في قطاع غزة.

كانت قيادة الكيان الإسرائيلي السياسية والعسكرية تدرك منذ أعوام تقريباً خطر هذه الوقائع على الأرض ومضاعفاتها على مستقبل المشروع الصهيوني وما تسمى «دولة اليهود وحدهم»، فمنذ أربعة أعوام حذّر رئيس «مجلس الأمن القومي الإسرائيلي» سابقاً الجنرال المتقاعد يعقوب عميدرور في بحث نشره في «مركز بيغين – السادات للدراسات الإستراتيجية» الإسرائيلي جاء فيه أن «استمرار الوضع الراهن بين الفلسطينيين واسرئيل سيولد خطراً وجودياً على مشروع دولة لليهود وحدهم لأن ضم أراضي الضفة الغربية والقدس مع سكانها الفلسطينيين سيولد بالضرورة كيانا ثنائي القومية ويقضي على مشروع دولة اليهود لوحدهم».

ويضيف عميدرور أن «مشروع الحل القائم على السماح بإنشاء دولة فلسطينية فوق أي نسبة من أراضي الضفة الغربية لن يحقق هو الآخر أهداف إسرائيل بدولة لليهود وحدهم ولن ينهي صراع الفلسطينيين ضد إسرائيل ولن يوقف عمليات استهداف المستوطنين».

ويقر عميدرور أن جميع الخطط والمشاريع التي وضعتها الحكومات المتعاقبة في تل أبيب وحاولت تنفيذها لم تنه هذه المعضلة وتحدياتها الوجودية على مستقبل مشروع «دولة اليهود لوحدهم» أو دولة «الأغلبية اليهودية» في أدنى الاحتمالات، ويعترف أن هذه النتيجة لن تحول دون إدانة إسرائيل بفرض نظام فصل عنصري على الفلسطينيين حتى لو كانوا أقل عدداً من اليهود، ويحذر من أن يتعرض الكيان الإسرائيلي لمثل ما تعرض له البيض المستعمرون في جنوب إفريقيا وعجز واشنطن ولندن وعواصم أوروبية عن الدفاع عنه والتسليم بالهزيمة.

وحين يتحدث عميدرور بهذه الطريقة والاستنتاجات فهو يدرك أن الكيان لم يعد قادراً على إقناع يهود العالم بالهجرة إلى فلسطين المحتلة لزيادة عدد المستوطنين لأن استمرار المقاومة الفلسطينية والعربية ضد الاحتلال طوال أكثر من سبعين عاماً ونتائجه على الأرض بهزيمة قوات الاحتلال في لبنان وفي قطاع غزة بعد ذلك واستمرار تزايد نسبة الردع الذي حققته المقاومة ومحورها الإقليمي، لن يشجع الكثيرين من يهود العالم على المجيء لأراض ما زالت تشهد حروباً وعمليات مقاومة ولم يتمكن جيش الاحتلال والمستوطنون من إيقافها أو منع تزايد قدراتها النارية والصاروخية والبشرية من جميع الجبهات المحيطة بفلسطين المحتلة، بل إن عميدرور يعرف عدد المستوطنين الذين غادروا مستوطناتهم خلال العقود الثلاثة الماضية عائدين لأوطانهم بهدف التخلص من عبء الحروب والمقاومة والنزاعات المسلحة، بعد أن أصبحوا يدركون أن وجود سبعة ملايين من الفلسطينيين أصحاب الحق في أراضي فلسطين من غزة حتى رأس الناقورة لن يتيح لهم وجوداً آمناً ولا «دولة لليهود وحدهم». سيجدون أنفسهم في مواقع قوات الاحتلال أو المستوطنات المسلحة أهدافاً لعمليات المقاومة ولن ينسى الفلسطينيون أن هؤلاء المستوطنين لصوص سرقوا بقوة الإرهاب والسلاح أراضيهم وممتلكاتهم وتاريخهم وسيظل من المستحيل على الضحية والجلاد أو السجان القاتل الاجتماع في بيت واحد ناهيك عن أن مشروع المحتل هو التوسع في السيطرة والاستيطان وتهويد البلاد.

ويكشف الجنرال المتقاعد غيرشون هاكوهين في صحيفة «يسرائيل هايوم» في 8/6/2017 أن وزير الخارجية الأميركي في عام 2016 جون كيري كان قد جمع اثنين من المسؤولين الإسرائيليين وهما الجنرال غادي شيمني مسؤول قوات الاحتلال في الضفة الغربية، ومعه نيمرود نوفيك، مع إيلان غولدينبيرغ والعقيد كريس باومان المسؤولان عن الملف الإسرائيلي في «مجلس الأمن القومي الأميركي» لوضع تصور شامل وتفصيلي لدولة فلسطينية على جزء من أراضي الضفة الغربية تنتشر عند حدودها قوات أميركية لضمان أمن إسرائيل، فرفضته حكومة بنيامين نتنياهو وطوي ملفه بحجة أن أمن إسرائيل الدائم لا يمكن رهنه بوجود قوات أميركية على حدود الدولة الفلسطينية.

ومع ذلك يعود عميدرور ويعد الاتفاق على دويلة فلسطينية في جزء من أراضي الضفة الغربية سيحمل سوءاً أقل من بقاء ملايين الفلسطينيين تحت حكم الوضع الراهن الإسرائيلي الذي يؤدي إلى زيادة عددهم وعدم إمكانية تخفيضه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن