رياضة

«الميركاتو» الصيفي بدأ والأندية في سباق … حركة نشطة في أندية الفتوة وتشرين وأهلي حلب والوثبة … تغيير المدربين سمة الدوري فهل تتغير المعادلة؟

| ناصر النجار

بدأت حركة التنقلات الصيفية في أغلب فرق الدوري الممتاز خلال الأيام السابقة، وكانت واسعة في بعض الأندية ونائمة في العديد من الأندية الأخرى، مع العلم أن هذه التنقلات ستبقى حتى نهاية الشهر القادم (تموز).

والحركة النشطة كانت واضحة في أندية الفتوة وتشرين والوثبة وأهلي حلب، بينما تبدو الحركة سريّة في ناديي الجيش والوحدة، ونائمة تماماً في الكرامة والجزيرة اللذين ينتظران تشكيل إدارة جديدة، والغموض يكتنف أندية حطين وجبلة والطليعة، أما نادي المجد فسيبدأ تحركاته هذا الأسبوع بعد أن تم تعيين رئيس جديد للنادي نهاية الأسبوع الماضي.

حركة التنقلات التي نستعرضها اليوم في صورتها الأولى لا تشمل أكثر من عشرين بالمئة من المتوقع، فهناك الكثير من اللاعبين سواء كانوا بمستوى لاعبي المنتخبات الوطنية أم المميزين من لاعبي الدوري في المواسم السابقة ما زالوا ينتظرون العرض الأدسم والأفضل.

الشيء الجديد الذي قد يشهده الموسم القادم عودة العديد من لاعبينا من الدوريات العربية، فالموسم الماضي خسر الدوري السوري أكثر من خمسة وعشرين لاعباً غادروا إلى دوريات العراق والبحرين والكويت وعمان وقطر والسعودية، واليوم نجد أنديتنا تخطب ودّ هؤلاء اللاعبين وأول القادمين كان أحمد الأشقر من الحد البحريني إلى أهلي حلب، وثاني المحترفين محمود البحر وقد غازله نادي الفتوة ولم يعط اللاعب جوابه حتى الآن.

والعقود الأولية بعضها ثابت وقليلها يحتمل التغيير والتبديل كما يحدث في الكواليس بشأن انتقال حارس تشرين أحمد مدنية إلى الفتوة، فناديه الأم يحاول استرجاعه والمفاوضات قائمة على قدم وساق ولم تحسم حتى الآن.

اللاعبون الأكثر طلباً هم حراس المرمى، وعلى ضوء هذا الطلب فقد رفع بعض الحراس عقودهم إلى مئتي مليون ليرة في السنة، والحقيقة أن حراس المرمى في سورية عملة نادرة.

اللاعبون الأربعون الذين شاركوا مع المنتخب الوطني في الموسم الماضي هم الأكثر طلباً على رادار الأندية، ويأتي بعدهم لاعبو المنتخب الأولمبي، وهناك بعض اللاعبين الشبان مرغوب بهم وتحاول أنديتهم عدم التفريط بهم من دون عقود الرعاية الخاص باللاعبين الشباب.

فكرة السماح بالتعاقد مع لاعبين محترفين بواقع لاعبين اثنين لكل فريق من خارج سورية لم تأخذ حتى النصيب المتوقع من اهتمام الأندية ولم نسمع عن أي حديث مباشر أو جانبي عن هذا الموضوع، وعلى الأغلب فإن الأندية القادرة على التعاقد مع أجانب ستبقي الأمر حتى نهاية المطاف بعد أن تنهي عقودها المحلية، فتتعاقد مع محترف خارجي حسب نواقصها بالمراكز.

الشيء الغريب الذي قد لا ينم عن ثقافة احترافية أن الأندية التي تهرول إلى العقود مع اللاعبين لا تجري الفحوص الطبية المطلوبة التي تكشف عن سلامة اللاعبين صحياً والتي تكشف عن الإصابات المزمنة وغيرها، فالعديد من عقود الموسم الماضي وغيره وقعت في هذه المعضلة ولم تستفد الأندية من هذه العقود وكان اللاعبون عالة عليها وبعضهم لم يلعب في الدوري إلا بضع دقائق قليلة، ولتكن الدوريات العالمية إمامنا في هذا النهج الصحيح، فعندما ينتقل لاعبون بمستوى ميسي أو رونالدو أو غيرهما إلى ناد جديد فسيخضعون إلى هذه الاختبارات واسمهم وشهرتهم وتاريخهم لا يشفع لهم بتجاوز هذه الاختبارات الصحية.

الفصل الأول من التنقلات يوحي إلينا أن أندية أهلي حلب وتشرين والفتوة والوثبة قادمة إلى المنافسة على اللقب في الموسم القادم، وإذا انضم إليها ناديا الجيش والوحدة، فهذا يعني أننا سنشاهد منافسة شرسة على بطولة الدوري بين فرق أعدت العدة الكاملة لهذا الموسم.

المهم أن يكون استعداد اتحاد كرة القدم على قدر استعداد وجاهزية الأندية، والاستعداد يكون بتجهيز الحكام عبر دورات ومعسكرات ضمن الفترة القادمة من خلال اختصاصيين بإعداد الحكام ولو كانوا خبراء عرباً أو أجانب، ومن خلال ضبط مسابقة الدوري بروزنامة واضحة تخدم المسابقة والأندية، ومن خلال ضبط الدوري وقمع أي مخالفة أو شغب من الصافرة الأولى، فكرتنا تحتاج إلى دوري مقدس بكل فصوله وتفاصيله.

الحلقة الأضعف

المدربون في الدوري السوري هم الحلقة الأضعف وهم دوماً يدفعون ضريبة الدوري من جيوبهم ومن سمعتهم.

المشكلة في هذا الاتجاه عامة وكبيرة ومسيطرة على فكر وثقافة كل أنديتنا وكأننا نشعر أن إدارات الأندية تختبئ خلف المدربين في كل حالة من حالات إخفاق الفرق في الدوري.

والمقولة المعروفة في كرة القدم تقول: تغيير المدرب أسهل من تغيير الفريق.

والتغيير في عالم كرة القدم حالة طبيعية قد نشهدها في الدوريات الأوروبية الكبرى وفي الدوريات العربية، لكن التغيير في أوروبا يكون (عقلانياً) ولأسباب معللة وهي نادرة الحدوث، وقلما نجد (على سبيل المثال) تغييراً في الدوري الإنكليزي أو الإسباني وإن حدث فلا يطول أكثر من ناديين من أصل عشرين نادياً تلعب في الدوري.

وفي الدوريات العربية فإن التغيير محصور في الدوريات الصيفية وهو أقل بكثير مما يحدث في الدوري السوري.

ولو عدنا إلى الموسم الماضي لوجدنا أن أحد عشر فريقاً غير طاقمه التدريبي وفي مرات متعددة، وحافظت ثلاثة فرق على مدربيها فقط وهي تشرين (طارق الجبان) والوثبة (عمار الشمالي) والطليعة (فراس قاشوش).

الأرقام التي بين أيدينا مخيفة ودلالاتها سيئة جداً في أهمها أن أنديتنا بعيدة كل البعد عن الاستقرار الفني، وأن الفكر الذي يقود أنديتنا لا يدل على منطق بعيد النظر في رعاية كرة القدم وقيادة فرقها، وما يزيد من آلام هذا التغيير أن الإقالة أو الاستقالة تشمل طاقم الفريق بأكمله، فعندما نقول: استقال مدرب الفرق الفلاني، فهذا يؤدي إلى استقالة الطاقم كله على الأغلب، أي استقالة ثلاثة مدربين على الأقل دفعة واحدة.

فرق الوحدة والفتوة وعفرين وجبلة وحطين ضربت الأرقام القياسية بتغيير طواقمها التدريبية فتجاوزت مرات تبديل المدربين أكثر من أربع مرات وما يدل على سوء إدارة كرة القدم أن بعض المدربين يستقيلون ثم تعيدهم الإدارة مرة أخرى في حالة تخبط واضحة، فلماذا تمت إقالة المدرب؟ ولماذا عاد؟ وهذا الأمر كان أكثر وضوحاً في نادي الفتوة الذي بدأ الدوري بأنور عبد القادر وختمه معه، واستقال أحمد الجلاد، ثم عاد مرة أخرى، بقية الأندية: الجيش والشرطة وأهلي حلب وحرجلة والنواعير والكرامة غيرت مدربيها ثلاث مرات في الموسم الماضي.

الدوري السوري في المواسم الأخيرة ابتدع تسمية مدرب الطوارئ عندما يتم تكليف المدرب المساعد ليكون بديلاً حتى الاتفاق مع مدرب جديد، وهذا يتم أيضاً على سوء التصرف في إدارات الأندية والمفترض أن يتم تأمين البديل المناسب قبل صرف المدرب الحالي، وهذا الأمر كان عاماً في الكثير من الأندية، وشهدنا مدرب الطوارئ في أندية حطين والشرطة وجبلة وأهلي حلب والوحدة واستعان عفرين أكثر من مرة بأحد لاعبيه ليقود الفريق في عدة مباريات.

وقد يكون المدرب المساعد في الأندية غير السورية مؤهلاً لقيادة الفريق، لكن ثبت أن المدرب المساعد في أنديتنا غير مؤهل والدليل أن جميع المدربين المساعدين فشلوا في مهامهم، وهذا يرسم الكثير من إشارات الاستفهام العريضة حول مستوى المدربين المساعدين؟

في العموم فإن تغيير المدربين لم يغيّر من الواقع شيئاً فبقيت الأمور على حالها، فلم يستطع أحد إزاحة تشرين عن لقبه والوثبة عن وصافته، ولم تمنع كل التغييرات فرق الشرطة وحرجلة والنواعير وعفرين من تفادي الهبوط.

حركة المدربين

الوحدة كان السباق بين الأندية بتعيين طاقمه الفني منذ نهاية الدوري فأسند مهمة التدريب إلى الصربي سنسيا دوبرا موفيتش، ويساعده وليد الشريف وإسماعيل فتوت وصفوان الحسين مدرباً لحراس المرمى، وقيل هناك مفاوضات مع غياث دباس ليكون مدير الفريق.

تشرين بطل الدوري تعاقد مع عمار الشمالي خلفاً لطارق الجبان، الشمالي اختار مدربين مساعدين هما أيهم الشمالي وهشام كردغلي وأحمد نايف مدرباً لحراس المرمى.

الوثبة الوصيف كان اختياره للمدرب فراس معسعس خلفاً للشمالي الراحل إلى تشرين، المعسعس سبق له تدريب حرجلة والمجد الموسم الماضي وقبل ذلك درب عدة أندية كالنواعير والساحل وغيرهما وكان مساعده مدرب المنتخب الوطني مؤخراً.

الفتوة تعاقد من ابن ناديه ضرار رداوي، ضرار سبق أن درب الموسم الماضي فريق الوحدة وله تجارب عديدة ناجحة في أندية أخرى، وجاء خلفاً للمدرب أنور عبد القادر الذي قد يصبح مديراً للفريق.

الفتوة كالوثبة لم يعلنا حتى الآن أسماء بقية الطاقم التدريبي.

الجيش حتى الآن مستمر مع مدربه رأفت محمد وطاقمه ولا يوجد أي شيء رسمي عن تغييرات قادمة، ورأفت مدرب معروف بالدوري وفي المنتخبات الوطنية.

الطليعة حافظ على مدرب الموسم الماضي فراس قاشوش وطاقمه دون أي تغيير، أهلي حلب جدد تعاقده مع المدرب ماهر بحري من دون الإفصاح عن أسماء بقية الكادر التدريبي، البحري جاء خلفاً لأنس صابوني ومعن الراشد.

ماهر بحري مدرب غني عن التعريف بدأ من الطليعة وحاز مع تشرين لقب الدوري مرتين وله تجارب غير ناجحة مع الوحدة والنجمة اللبناني وتجربة مع جبلة لم تستمر أكثر من مباراة، وتجربته مع أهلي حلب في الموسم الماضي وصفت بالناجحة.

حطين تعاقد مع المدرب أحمد عزام الذي سبق أن درب المجد والكرامة قبل موسمين وله تجربتان لم تكللا بالنجاح في الموسم الماضي مع الجيش والفتوة، العزام جاء خلفاً لأحمد هواش.

جبلة ما زال في حالة سكون ولم يعلن عن أي شيء للموسم الجديد سواء على صعيد الكادر الفني أم اللاعبين، وكان الفريق أنهى الدوري مع مدربه علي بركات.

الكرامة ينتظر تشكيل إدارته الجديدة، النادي واقع تحت وطأة العسر المالي الشديد، وهو بحاجة إلى إدارة تنقذه من حالة العجز التي يعيش بها، من المتوقع أن يتأخر استعداد النادي هذا الموسم مع العلم أن آخر مدربي الكرامة كان أيمن الحكيم.

من المقرر أن يبدأ فريق المجد رحلته مع الدوري الكروي الممتاز هذا الأسبوع بعد تعيين رئيس جديد للنادي نهاية الأسبوع الماضي، المجد ودع دوري الدرجة الأولى بقيادة المدرب فراس معسعس.

الغموض يكتنف فريق الجزيرة الذي ما زال يعاني ضائقة مالية أسفرت عن استقالة إدارة النادي، ولا جديد حتى الآن تحت الشمس.

في الحسابات فإن الدوري القادم استناداً إلى رأي لجنة المسابقات سيبدأ أوائل أيلول القادم، وهو موعد غير ثابت حتى الآن، وبهذا الموعد الابتدائي فإن موعد الانطلاق يبتعد عنا أكثر من شهرين بقليل، وهذا يمنح إدارات الأندية الفرصة الكاملة للاطلاع على مستوى مدربيها ومدى تفاعلهم مع الفرق، والنصيحة لأنديتنا تقول: من يرد تبديل مدربه فليكن قبل الدوري وليس أثناءه، ونأمل أن تمنح إدارات الأندية الفرصة الكاملة لمدربيها ما دامت وثقت بها ووقعت معها وهو خير من استعجال النتائج، فالبناء والاستقرار هما عاملان مهمان في تطوير كرة القدم.

ومن أراد البطولة فإنها لا تحتاج مدرباً محظوظاً فقط، بل تحتاج توافر عوامل عديدة هي من مسؤولية إدارات الأندية قبل أن تكون مسؤولية المدربين واللاعبين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن