اقتصاد

الهيبة المفقودة..!

| يونس خلف

لعل السؤال المطروح اليوم إزاء ما يحدث في أسواقنا المحلية: كيف يجب أن نتعامل مع هذه الحالة ونحن نجد أنفسنا تحت سيطرة الأسعار التي يتحكم بها تجار الجملة والمفرق وفق ما يريدون ويشتهون؟ الجميع يتحدث عن أهمية ضبط الأسواق وقمع المخالفات لكن هل تكفي تعاميم وزارة التجارة وحماية المستهلك وهل تكفي لجنة أو فريق عمل واحد أم إن هناك إجراءات أخرى يجب أن تتوافر بالتوازي مع هذا العمل وفي مقدمة ذلك وفرة المواد والسلع الأساسية وتفعيل مؤسسات التفعيل الإيجابي.

وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك تطلب دائماً من مديرياتها في المحافظات تشديد الرقابة على الأسواق وضبط المخالفات المتعلقة بزيادة الأسعار أو بعدم تداول الفواتير وعدم حيازتها أو المتعلقة بمواصفات المادة وصلاحياتها.

بعض باعة المفرق يقولون عادة ليس بيدنا رفع الأسعار ونحن لا نرغب برفعها ولكننا أجبرنا على ذلك فقد رفعها التجار واضطررنا للحاق بهذا السباق في رفع الأسعار.

أصحاب الشأن في وزارة حماية المستهلك يناشدون المواطن بالتعاون والإبلاغ عن أي حالة تلاعب بالأسعار أو الامتناع عن البيع من أي بائع قد يتعرضون لها وألا يخجلوا من الشكوى أو أن يشفقوا على من يسرقهم وأن أرقام الشكاوى معروفة والدوريات مناوبة ومستنفرة.

البعض أيضاً يرى أن الإشكالية في أسلوب الرقابة والاعتماد على شكوى من المواطن في حين يفترض أن يذهب المراقب التمويني إلى المحال بصفة المستهلك ولا يعرف عن نفسه لتجنب التلاعب بالأسعار وأن الرقابة يجب أن تكون حتى على المراقب نفسه.

لكن أصل الحكاية أن الرقابة التموينية فقدت هيبتها ولم يعد أحد يحسب لها حساباً بدليل أن هناك من أصبح يقول علناً هذه هي الأسعار ومن لا تعجبه ليذهب إلى التموين ويشتكي. ترى هل المشكلة هنا تقتصر على مخالفة الأسعار فقط أم إنها أخطر بكثير عندما تصبح ظاهرة بحد ذاتها عنوانها المخالفة والتجاوز والاستغلال وعدم احترام الأنظمة والقوانين وعدم الخوف من أي محاسبة وأكثر من ذلك الهيبة المفقودة في الأسواق.! والسؤال الآخر: عندما لا يشتكي المواطن هل يجوز أن تكون آلية العمل تعتمد على الشكوى فقط؟!

لقد أصبح المواطن يسخّر كل إمكانياته لتوفير المواد الأساسية التي تجعله على قيد الحياة أما الرفاهية والتغذية الجيدة واللبس الفاخر فأصبحت من الأحلام المفقودة وربما على صفحات القصص والروايات وفي الأفلام والمسلسلات.. لكن في نهاية الأمر علينا أن نقر بحقيقة أن السبب الأساسي هو غياب الحكومة ودورها الرقابي في الأسواق الأمر الذي فتح مجال الحرية للتجار بأن يمارسوا أعمالهم الاحتكارية ضد المواطنين الذين أصبحوا غير قادرين على شراء الأشياء الأساسية، ولذلك ثمة إجماع من الذين يتداولون الأحاديث حول الأسواق والأسعار بأن غلاء الأسعار والتلاعب فيها تتحمله الجهات الحكومية المعنية بالرقابة وليس التجار فقط لكون هؤلاء التجار لا يستطيعون التحكم بالسلع والتلاعب بها لولا التساهل الرقابي الذي فتح الباب لهم لتنفيذ مطامعهم. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا ماذا يجب أن يحصل وما الدور المأمول من أصحاب الشأن في الحكومة؟

لا ندعي هنا أننا نعرف أكثر من الحكومة بمهامها ومسؤولياتها لكننا بالمقابل نعلم أن الحل بالتأكيد يتمثل في مراقبة الأسواق ومنع التلاعب بالأسعار للحد من استغلال التجار في التحكم بالأسواق والقيام بفرض العقوبات القاسية للمخالفين والذين يبيعون بأسعار غير مبررة وتشديد الرقابة على الجودة والنوعية لأن ارتفاع الأسعار قد يغري بعض التجار إلى التلاعب بالكميات والأوزان والنوعية وتشكيل لجنة خاصة تقوم بتقصي الأسعار حول مختلف السلع الاستهلاكية وبجميع المحافظات وذلك لرفع توصياتها إلى الجهات المعنية لتقوم باتخاذ التدابير اللازمة. فهل يحدث ذلك بكل جدية؟ نترك الإجابة لمن يعرفها لكننا بالتأكيد جميعاً نعلم أن ما تشهده الأسواق من ارتفاع في مختلف السلع خاصة السلع الغذائية يؤكد غياب الرقابة على الأسواق وترك المواطنين فريسة أمام جشع بعض التجار الأمر الذي بات يتطلب توضيح خطة الحكومة بشأن فوضى ارتفاع أسعار السلع وغياب الرقابة على الأسواق.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن