قضايا وآراء

من آسيا إلى الشرق الأوسط نسخ جديدة لـ«الناتو»

| هديل علي

تتعدد نسخ «الناتو» بحسب المصلحة الأميركية، فيما تتوحد جميع تلك النسخ في مواجهة أعداء الولايات المتحدة الأميركية، فأسماء الأحلاف والتحالفات تتغير فيما الهدف يبقى واحداً.

من «الناتو الغربي» القائم على تحالفات الدول الغربية تحت قيادة واشنطن في مواجهة روسيا، إلى «ناتو آسيوي» في مواجهة الصين، وهو أمر حذرت بكين منه وتبعتها بيونغ يانغ، إلى تحالف «كواد» الذي يضم الولايات المتحدة والهند وأستراليا واليابان، تحالف أعلن صراحة بأن أول أهدافه هو مواجهة توسع نفوذ الصين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وخاصة أن الصين لديها العديد من المشاكل الحدودية مع جيرانها.

الاتفاق الرباعي «كواد» ليس أول نسخ الناتو الآسيوي بل سبقه قبل عام تقريباً اتفاق أكوس الأمني، الذي تشكل أستراليا بموقعها المهم والحيوي بالنسبة لآسيا عموماً وللصين خصوصاً، رأس جسر لأي عمل عسكري تفكر به واشنطن في المحيطين الهادئ والهندي.

من النسخة الآسيوية لـ«الناتو» إلى النسخة العربية، أو كما أطلقت عليه وسائل إعلام عالمية وإقليمية ومنها وسائل إعلام العدو الصهيوني بـ«الناتو الشرق أوسطي» بما تمثله هذه النسخة من الموضة السياسية إن صح التعبير في المنطقة العربية، التي استطاعت أميركا فيها قلب مفاهيم العدو والحليف ووجهت كل أتباعها لمعاداة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وعملت على نسخة ناتو حديث هدفه مواجهة طهران وتعويم إسرائيل في المنطقة كقائد لهذه النسخة.

خبراء في العلاقات الدولية قالوا: إن فكرة إنشاء «تحالف إسرائيلي عربي» مقابل عدو خارجي، ليست جديدة، وتُستَحضر اليوم من عهد الاتحاد السوفييتي الذي صورته واشنطن كخطر محدق على المنطقة العربية في ثمانينيات القرن الماضي، ومع تبديل العدو واستحداث الفكرة، فإن إيران تشكل تهديداً كبيراً لا يمكن التسامح معه بالنسبة لدول عربية تقيم علاقات سرية وعلانية مع الكيان الصهيوني، وباتت تنظر إلى إسرائيل على أنها الضامن الذي يمكن الوثوق به كبديل تكتيكي للولايات المتحدة.

زيارة الرئيس الأميركي جو بايدين إلى المنطقة لمباركة هكذا تحالف تحت أي مسمى يتفقون عليه وتحت أي عناوين أمنية وسياسية، لكن مهمته الأساسية الآن تكمن بالحصول على الدعم السعودي اللازم بالنفط والطاقة طبعاً، لمواجهة روسيا، مع ضمان أمن إسرائيل كأولويات تحت سلم أجنداته.

نسخ الناتو المستحدثة ليست سوى بيادق جديدة بإمرة الأميركي الذي يسعى لتطبيق نظرياته بالهيمنة من وراء البحار، والتي تقول بالعمل على الإصلاح الداخلي الاقتصادي والسياسي والاجتماعي للولايات المتحدة الأميركية مقابل إنشاء كيانات وتحالفات محلية ضمن مناطق الهدف الأميركي، هدفها تنفيذ سياسات واشنطن في زعزعة الاستقرار والحفاظ على التوتر في تلك المناطق.

لابد أن نذكر أخيراً أن من يراهن على أن الكيان الصهيوني مستعد للدفاع عنه مخطئ بشكل كبير، فإسرائيل لا تهتم سوى بأمنها فقط، فهل هناك من يستطيع أن يرى تلك الحقيقة أم إن القناعات الراسخة لابد أن تبقى عدوة للحقيقة؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن