الموت يغيب وزير الاقتصاد السوري الأشهر محمد العمادي … اقتصاديون: الراحل خدم سورية في أحرج مراحلها وكان من المؤسسين الأوائل
فراس القاضي
وصفه البعض بـ«فارس الاقتصاد السوري»، والبعض بـ«ملك الاقتصاد»، والبعض بـ«المنقذ، ويحمل له السوريون ذكريات طيبة عما فعله أيام حصار الثمانينيات الاقتصادي في القرن الماضي، وأفرد له الكثير من الصحفيين والباحثين الاقتصاديين السوريين صفحات عن منهجه وحلوله وسياساته الاقتصادية التي يرى البعض أنها لا تزال حتى يومنا هذا تساهم فيما تبقى من أسس الاقتصاد السوري.
ونعت رئاسة مجلس الوزراء الدكتور محمد العمادي وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الأسبق الذي وافته المنية أمس، وقالت في نعيها:
(لقد فقدت سورية اليوم برحيل الوزير الأسبق العمادي إحدى القامات الوطنية الاقتصادية التي لعبت دوراً مهماً في مسيرة تطوير الاقتصاد الوطني وتعزيز دوره بمختلف المجالات، وتشهد له ساحات العمل الحكومي بأدائه المميز في تطوير قطاع الاقتصاد والتجارة الخارجية خلال عمله وزيراً للاقتصاد).
الصحفي والباحث الاقتصادي زياد غصن الذي كتب عن الراحل أكثر من مرة، قال لـ«الوطن» إن من عاش السنوات التي كان فيها الدكتور العمادي في مواقع المسؤولية، يدرك تماماً حقيقة ما أنجزه الرجل وما قدمه من خدمات كبيرة للبلد، ليس فقط على مستوى وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية التي كانت تمسك بملفات كبيرة بدءاً من السياسة النقدية إلى السياسة المصرفية فالسياسة التجارية الخارجية، بل أيضاً بحكم علاقاته المحلية والخارجية والثقة السياسية الممنوحة له، كان يقدم خبرته لباقي القطاعات الاقتصادية والخدمية، ويتولى معالجة ملفات عديدة.
بوفاته أمس تخسر سورية واحداً من رجالها المخلصين الأوفياء الذين عملوا بجهد على وصولها إلى شاطئ السلامة في مرحلة عصبية من تاريخها.
كذلك الدكتور كمال شرف رئيس مجلس إدارة جمعية العلوم الاقتصادية ورئيس مجلس الأمناء في الجامعة العربية الدولية والذي كان أحد تلاميذ الراحل العمادي في كلية الاقتصاد، قال لـ«الوطن» إن الراحل ساهم ببناء الاقتصاد السوري منذ الستينيات حيت كان معاوناً لوزير التخطيط، وساهم حينها ببناء الخطط الخمسية منذ الخطة الأولى وما بعدها، ثم انتقل إلى وزارة الاقتصاد وقام بأدوار كبيرة في المراحل الصعبة التي مرت بتاريخ سورية الاقتصادي، ولم يألُ جهداً بتقديم كل خبرته ومعلوماته لسورية، وكان يحظى بثقة القيادة السياسية وبثقة المجتمع الاقتصادي ورجال الأعمال، وحين كان مدرساً لمادة التنمية الاقتصادية في كلية الاقتصاد، أغنى المكتبة الاقتصادية العربية بالعديد من المؤلفات.
ويتابع شرف الدين: لم تقتصر خدمته لسورية على ما كان يقوم به حين كان يتولى المناصب الاقتصادية، بل حتى عندما أصبح مديراً للصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي الذي مقره الكويت، حينها ساعد سورية في الكثير من المشاريع مثل طرق دمشق – الأردن، ودمشق – لبنان، ومشفى تشرين العسكري، وعندما دُعي للعودة إلى وزارة الاقتصاد، لبى الدعوة وترك الصندوق العربي ورجع إلى سورية وتولى وزارة الاقتصاد مرة ثانية، وفي المراحل الأخيرة من حياته عاد من جديد إلى التدريس وشغل منصب رئيس مجلس الأمناء في الجامعة العربية الدولية، وساهم بتعزيز المفاهيم التربوية وهناك أجيال مدينة له، وموته خسارة كبيرة للوطن السوري.
الراحل من مواليد مدينة دمشق عام 1933، حائز دكتوراه في الاقتصاد، وبكالوريوس في الحقوق، وتولى العديد من المهام في المجالات الاقتصادية والمالية، ويعدّ من أبرز رجالات الاقتصاد في الوطن العربي.