سورية

عبد اللهيان لـ«الوطن»: سنبذل قصارى جهدنا للحيلولة دون حدوث عملية عسكرية في الشمال السوري والتركيز على حل سياسي … المقداد: نرحب بأي دور إيراني.. وأي حل يقود لانسحاب تركيا من الأراضي السورية إيجابي

| سيلفا رزوق

أكد وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد أمس «ترحيب سورية بأي دور إيراني»، موضحاً أن أي حل يقود لانسحاب تركيا من الأراضي السورية ووقف اعتداءاتها على سورية وسحب دعمها للجماعات الإرهابية والحفاظ على وحدة الأراضي السورية، هي عناصر إيجابية نأمل الالتزام بها من الطرف الآخر، مؤكداً أن «لدينا ثقة بالجمهورية الإسلامية الإيرانية وليس بالآخرين»، في حين أكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان معارضة بلاده أي إجراء عسكري يأتي تحت أي مبرر في سورية، مؤكداً أنها ستبذل قصارى جهدها للحيلولة دون حدوث «عملية عسكرية» تركية في الأراضي السورية والتركيز على حل سياسي في هذا الأمر.

وخلال مؤتمر صحفي أعقب جلسة مباحثات جمعتهما في مبنى وزارة الخارجية والمغتربين، شدد المقداد على أهمية هذه اللقاءات، مشيراً إلى أن عبد اللهيان أجرى محادثات معمقة مع المسؤولين السوريين وعلى أعلى المستويات حول كل المسائل بين البلدين الشقيقين.

ولفت إلى أن المحادثات تناولت العلاقات الثنائية المتينة بين البلدين وشروط تحسين الوضع العام بالمنطقة، وقال: «رأينا أن إيران منفتحة على التعاون مع أشقائها وأصدقائها في كل دول المنطقة، ورأينا من الضروري تحسين وتطوير العلاقات بين الدول المتجاورة، لأن هذا يأتي كأولوية من أجل تحقيق الأمن والاستقرار والشعور بالطمأنينة من أجل هذه الدول».

وعبّر المقداد عن تقدير سورية الكبير للسياسة الإيرانية في هذا المجال، والتي تدعو لتحسين العلاقات بشكل أولي مع دول الجوار، مؤكداً أن سورية ترى من الضروري التجاوب مع هذه الإرادة لأنها تعبير حقيقي عن سيادة وحرية واستقلال قرار هذه المنطقة.

وبيّن أن المحادثات مع نظيره الإيراني تناولت ما يقوم به البلدان سورية وإيران فيما يتعلق بمسار «اللجنة الدستورية»، وكذلك مسار «أستانا» والذي عقد اجتماعاً قبل أسبوعين تقريباً وأضاف: «رأينا من واجبنا التأكيد أننا نتفق مع إيران على مسار هذه الأدوات الدولية من أجل إعادة الأمن والاستقرار لربوع سورية وبالنتيجة لكل دول المنطقة»، مشدداً على أنه «لا يمكن السماح للإرهاب الاستمرار بقتل شعوبنا بدعم من الغرب، وننظر بارتياح للدور الذي تقوم به إيران في هذا المجال».

المقداد عبّر عن تقدير سورية لكل الدعم الذي يصلها من إيران في هذه الظروف الصعبة، وتقديرها الخاص لمستوى العلاقات بين البلدين القائم على المودة وعلى الاحترام المتبادل والرغبة المتبادلة في تعميق هذه العلاقات، لأنها لا تخدم مصلحة البلدين فقط بل تخدم المنطقة والعالم.

وأدان المقداد كل المحاولات الغربية لنشر الإرهاب للتأثير على مواقف الدول وتوسيع دائرة الحرب الإرهابية لمناطق أخرى في المنطقة، وأكد أن مواقفنا موحدة تجاه التهديدات الإسرائيلية سواء لسورية أو إيران، وقال: «نقول لإسرائيل بأن القوة المدعومة من أميركا والغرب لها حدود، وبلدينا قادران على التصدي لهذه المحاولات الدنيئة والهجمات اللا إنسانية بما في ذلك الهجوم الأخير الذي جرى اليوم (أمس)، أو الهجوم على مطار دمشق الدولي وما سببته هذه الاعتداءات من خسائر في الأرواح».

وشدّد على أنه يجب على إسرائيل أن تعي بأن هذا لن يمر وأن تعي أننا نحن من يقرر متى نرد وبالطريقة التي نرد، ويجب أن تعرف بأن القانون الدولي يتيح لسورية كل الإمكانات من أجل التصدي لهذه الهجمات، ومن أجل تحرير أرضنا المحتلة في إطار سعينا لتحرير الجولان وإقامة الدولة الفلسطينية الحرة والمستقلة، مؤكداً وقوف سورية وإيران إلى جانب «أهلنا في فلسطين الذين يدافعون عن الأقصى وعن كل ذرة تراب فلسطينية».

وأضاف: «نقول لهم إننا إلى جانبهم وهم ليسوا وحيدين في هذه المعركة التي تشن عليهم من قبل المستوطنين الإسرائيليين ونقف معهم في وجه هذه الاعتداءات الإسرائيلية التي تعتبر جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية».

المقداد أشار إلى أن العلاقات السورية – الإيرانية تمتد لأربعة عقود وهي ليست وليدة اليوم أو الأمس وقائمة على الثقة المتبادلة وعلى أساس أن إيران تدعم سورية وخاصة في حربها على الإرهاب، والحفاظ على وحدة أرض وشعب سورية ودعم سورية اقتصادياً وفي كل المجالات الأخرى، مشدداً على أن هذه الثقة هي التي تبنى عليها العلاقات، مؤكداً ترحيب سورية بأي دور إيراني. وأضاف: «لو لم تحاربنا تركيا لما اتخذنا مثل هذه المواقف، ونرى أن أي حل يقود لانسحاب تركيا من الأراضي السورية وإلى وقف أي اعتداءات تركية على سورية وسحب الدعم التركي للجماعات الإرهابية المسلحة والحفاظ على وحدة الأراضي السورية، هي عناصر إيجابية نأمل الالتزام بها من الطرف الآخر، ونحن لدينا ثقة بالجمهورية الإسلامية الإيرانية وليس بالآخرين».

بدوره عبّر عبد اللهيان عن سعادته بزيارته إلى سورية الشقيقة والصديقة التي جاءت بدعوة من المقداد، وأشار إلى أنه جرى خلال هذه الزيارة التطرق إلى مواضيع مختلفة ذات الاهتمام المشترك بين البلدين، والسبل الجديدة للتعاون طويل الأمد والدائم بين البلدين لاسيما في المجالات الاقتصادية والتجارية وإلى التطورات الإقليمية والدولية بما فيها التطورات في أفغانستان واليمن وأوكرانيا وليبيا، كما جرى الحديث حول الجوانب المختلفة للتعاون الثنائي بين البلدين، وتم الاتفاق على وضع الحلول بشأن العقبات المحتملة في مسيرة التعاون بين البلدين.

وجدد عبد اللهيان التأكيد على أن العلاقات بين طهران ودمشق إستراتيجية، وشدد على أن إيران لم ولن تترك أي دولة صديقة أو شقيقة لها وحيدة، وقال: «دماء الشهداء السوريين والإيرانيين اختلطت خلال سنوات الحرب، ونحن نقف إلى جانب سورية بكل ثقلنا في مواجهة ومحاربة الإرهاب والصهاينة، كما نترحم على أرواح المقاومين الشهداء السوريين والإيرانيين لاسيما الشهيد قاسم سليماني».

كما شدّد عبد اللهيان على أن بلاده تدعم وحدة الأراضي السورية، وتعتبر أن أي تدخل أجنبي أمر غير صائب وغير صحيح وهو عنصر يعقد الأوضاع، وأضاف: «نحن نتفهم قلق ومخاوف الحكومة التركية بشأن القضايا الحدودية الخاصة بها، ونعتبر أن أي إجراء عسكري في سورية هو عامل مزعزع للأمن في المنطقة».

وتابع: «قبل عدة أيام كان لدي زيارة لأنقرة وتحدثت هناك للمسؤولين الأتراك، وأكدت أن الحل يكمن بإجراء حوار بين المسؤولين الأمنيين في تركيا وسورية، ومن خلال حديثي مع المسؤولين الأتراك فهمت أن الأتراك يضعون الحل السياسي كأولوية بالنسبة لهم، واليوم أيضاً من خلال زيارتي لدمشق تحدثت مع المسؤولين السوريين وأكدت لهم بأن إيران ستبذل جهودها من أجل الحيلولة من دون وقوع نزاع عسكري في سورية والتركيز على حل سياسي هنا، ونحن نعارض أي إجراء عسكري يأتي تحت أي مبرر في سورية.

ورداً على سؤال لـ «الوطن» حول إمكانية أن تكون إيران تلعب اليوم دور الوسيط بين دمشق وأنقرة، قال عبد اللهيان: «نحن أعلنا عن استعدادنا التام لتقديم حل سياسي والمساعدة في هذا المجال، وسنبذل قصارى جهدنا للحيلولة من دون حدوث عملية عسكرية والتركيز على حل سياسي في هذا الأمر، ونحن متفائلون في هذا الأمر، ونسعى أن تحل كلا الدولتين الجارتين سورية وتركيا هذا الأمر عبر الطرق الدبلوماسية وعبر الحوار».

وخلال لقائه عبد اللهيان أكد وزير الخارجية والمغتربين تطابق وجهات النظر السورية- الإيرانية إزاء التطورات في المنطقة، لافتاً إلى ضرورة تعزيز التعاون الاقتصادي بين سورية وإيران لتجاوز آثار الإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على البلدين من قبل الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها الغربيين والتي تمثل أبشع أنواع الإرهاب.

وشدّد المقداد وفق بيان لوزارة الخارجية والمغتربين حصلت «الوطن» على نسخة منه، على أهمية تفعيل التعاون في الإطار الثنائي والمنظمات الإقليمية والدولية ومتعدد الأطراف لفضح ومواجهة هذه الإجراءات اللاإنسانية.

وتمّ خلال اللقاء بحث القضايا المتصلة بتطوير التعاون الثنائي وسبل الارتقاء به في كل المجالات، كما ناقش الجانبان آخر المستجدات في المنطقة والقضايا ذات الاهتمام المشترك. وأشاد الجانبان بالتنسيق والتشاور المنتظم القائم بين البلدين، مؤكدين أهمية استمراره لمواجهة المخططات الغربية التي تستهدف البلدين ولبحث سبل التعامل مع التطورات في المنطقة لاسيما في ظل الظروف التي تمر بها حالياً.

وعبّر المقداد عن دعم سورية للموقف الإيراني المبدئي بشأن الملف النووي محمّلاً الولايات المتحدة مسؤولية عدم توقيع الاتفاق حتى الآن.

بدوره أكد عبد اللهيان، أن العلاقات السورية – الإيرانية هي علاقات إستراتيجية، وعبّر عن حرص إيران على تعزيز وتوسيع هذه العلاقات لاسيما في المجال الاقتصادي لجعلها ترقى لمستوى تطلعات الشعبين والقيادتين، وذلك عبر إرساء قواعد متينة لعلاقات اقتصادية طويلة الأمد، وجدّد وقوف بلاده إلى جانب سورية وشعبها لتجاوز الآثار السلبية للإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة عليها من قبل الولايات المتحدة والدول الغربية.

واستعرض عبد اللهيان آخر المستجدات المتعلقة بالمفاوضات في فيينا حول الملف النووي الإيراني، والعراقيل التي تضعها الولايات المتحدة أمام العودة لتنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة.

حضر اللقاء من الجانب السوري نائب وزير الخارجية والمغتربين بشار الجعفري ومدير إدارة الدعم التنفيذي عبد اللـه حلاق، ومدير إدارة آسيا وإفريقيا خالد شرف وعمار العرسان وأديب الأشقر من مكتب الوزير، ومن الجانب الإيراني السفير الإيراني لدى سورية مهدي سبحاني وعضو مجلس الشورى الإسلامي كريمي قدوسي، والوفد المرافق للوزير الضيف.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن