فاز بمسابقة عالمية وهو طفل.. أرّخ لتراث مدينته.. الفنان رشيد شخيص: أعتز بمهنتي كمعلم
جورج إبراهيم شويط
هو فنان تشكيلي، وأديب، وشاعر، ومصمّم شعارات، وخطاط، وقائد رياضي وشبابي، وقبل كل هذه الصفات هو المعلم، الذي أسس لأجيال وأجيال..
هي محطات مشرقة، وأرشيف لذاكرة مدينة بحرية، بأوجُهِ نشاطاتِها المختلفة، خلال أكثر من نصف قرن، نقلبها مع الفنان رشيد شخيص:
فقد عشق مدينته اللاذقية، التي وُلد فيها عام 1944 وأرّخ لهذه اللؤلؤة المتوسطية بالكثير من اللوحات النادرة، حتى إن اللاذقية القديمة، والقديمة جداً، ارتبطت بذاكرة اللاذقانيين، من خلال لوحاته التي غطت تاريخ وعمق حضارة هذه المدينة، الآتية من أحضان أوغاريت وعراقتها..
منذ بدايات الفنان رشيد شخيص وهو يعتمد منحيين، اشتغل عليهما، وهما إحياء تراث مدينة اللاذقية، وخاصة الطرُز المعمارية، ودراسة اللوحات العالمية.
شارك في الكثير من المعارض الفردية والجماعية التي شهدتها المدينة، ومنها تلك التي أقيمت في المتحف الوطني الأثري باللاذقية، وفي مهرجان المحبة، أو في النادي الموسيقي.
وخلال مسيرته الفنية نال الفنان شخيص الكثيرَ من الجوائز والتكريمات.
كما صمّم شعارات الأندية الرياضية في محافظة اللاذقية (حطين- تشرين- جبلة- القرداحة)، ويُرجِع الفضلَ في ذلك إلى تشجيع مدرّسيه، حين كان طالباً في مدرسة جول جمال، الأساتذة الأوائل الذين كانوا مخلصين لمهنة التدريس، وكانوا موسوعات علمية وثقافية وفنية وفكرية متنقلة، أشبه بدائرة معارف، (وهذا ما فتح لنا المجال لأن نعشق ونبدع بكل أنواع الفنون، ومن هؤلاء الفنان والموسيقار محمود عجان، وخالد فرحات، وسيف الدين كباش، والمعتصم بالله الأيوبي، وجميل حمادة، ومن الإقليم المصري أيام الوحدة الفنانان القديران علي ربيع وأحمد حمزة).
كتب شخيص القصة والمسرحية والشعر، واختصَّ بالشعر المغنّى، ومارس الرياضة، وكان من مؤسسيها، وشارك في وضع الهيكل التنظيمي التأسيسي لمنظمة اتحاد شبيبة الثورة في مبنى البرلمان.
له 15 مسرحية تمَّ تجسيدُها على المسرح، من خلال مواهب شابة صارت فيما بعد النبض الفني للحركة المسرحية في مدينته، ومنهم من وصل إلى مرحلة النجومية.
كما كتب الكثير من كلمات الأغاني التي كان يلحنها الفنان والموسيقار زياد عجان، ويغنيها مطربو اللاذقية الشباب آنذاك، مثل سمير سمرة، ميشيل نعمة، نقولا مانولي، صفوان بهلوان، كنانة دقنوش، منال كوجللي، وسواهم. كما كتب الأناشيد المدرسية والأناشيد العامة.
عن افتخاره بالمهنة التي أحبها وأخلص لها، وترافقت مع مواهبَ متعددة، توازي لديه، المطلقَ في الحلم يقول:
(أجمل السنوات هي تلك التي كانت في رحاب مهنة التعليم، ومعها باقي الهوايات، من كتابة الشعر والمسرح والتمثيل والرسم والزخرفة والخط وكرة القدم، مارستها كلها مجتمعة وكانت السبب في سعادتي المطلقة، لكنني لم أحترفها، وبقيتُ أميناً على رسالتي التربوية، التي أجل وأعشق).
وفي قراءته عن جمالية الخط العربي وأهم الخطاطين، يلفت إلى أن الخط فن زخرفي جميل، والحرف العربي طيّع، وفيه من الجمال ما يتبدّى لنا في هندساته، التي تنتظم في تشكيلات احتوتها عناوين عريضة لأنواع الخط، التي تأتي في مقدمتها خطوط الرقعي والنسخي والفارسي والديواني، ومن ثم مشتقاتهم من الخطوط. ويضيف:
(في اللاذقية عددٌ من كبار الخطاطين، وفي مقدمتهم الراحل عبد الجواد زين العابدين، وعدنان وابنه كمال حداد، وتوفيق دمياطي، وأحمد ناصر، وعبد الرحمن جمل، وأميل وكميل كحالة، ومحمد سينو، وريمون شخاشيرو، وسواهم)
وعن النادي الموسيقي والنادي السينمائي يضيف:
النادي الموسيقي باللاذقية هو من الأندية العريقة على الصعيد المحلي والعربي، وقد أسسه وأداره كبارُ مثقفي وفناني مدينتنا (جبرائيل سعادة- محمود عجان- سليمان الزين- وعبد القادر وابنه زياد عجان) وله الفضل في تنشئة أجيال من المواهب التي رفدت الساحة الثقافية والفنية في سورية.
أما تأسيس أول نادٍ للسينما فيعود للفنان التشكيلي والقاص زكريا شريقي، وكنا نجتمع في النادي الموسيقي، ونحضر أفلاماً من روائع السينما العالمية والعربية وتتم مناقشتها مع الحضور.
وعن أهم الفنانين التشكيليين الذين عاش إبداعاتهم يقول:
إنّ أهمّ 3 فنانين خلّدهم التاريخ، وكانت لديهم ملكات إبداعية وعبقرية، هم ليوناردو دافنشي ورافاييل ومايكل أنجلو.
وكان دافنشي ينصح طلابه الذين يتبعونه ويعشقون فنه وعبقريته وأخلاقياته العالية، كان ينصحهم بأن يمرنوا نظرهم على الرؤية السليمة، وقياس المسافات، وتحليل الأشياء إلى أصولها الهندسية بالنظر وليس بالمسطرة. وكان يؤكد أن السرعة تسيء إلى الموهبة، فسرعة تنفيذ اللوحة تحوّلها إلى عمل تجاري، ولذلك يقال إن الجوكندا أخذت منه أكثر من 4 سنوات حتى أكملها. وحين طلب البابا من آنجلو أن يرسم قبة سقف أهم كنيسة في الفاتيكان، بقي مستلقياً على ظهره على سقالات عالية جداً لمدة 6 سنوات، حتى أتمّ هذه التحفة الخالدة. وهو المعروف عنه حين أنجز تمثال النبي موسى وتجسد أمامه كحقيقة، ذُهل وشعر بأنه يجب أن ينطق لأنه حقيقة، فضربه بالإزميل على أنفه لكي ينطق.
هناك قول مأثور يقول: غاية الفنون الجميلة سعادة الإنسان، فإن لم تسعد الإنسان فليست هي (بفنون) وليست هي (بجميلة).
للفنان والأديب رشيد شخيص مجموعتان قصصيتان، وأكثر من 10 مسرحيات، والعديد من القصائد التي تمّ تحويلها للغناء أو كأناشيد.. كما كانت له مئات الزوايا والمقالات التي نشرها في جريدة الوحدة وبعض المجلات المحلية.