ما حقيقة أن معظم السوريين يعيشون على الحوالات؟ … فضلية لـ«الوطن»: ثلث السوريين يعتمدون على الحوالات ومن الصعب الوصول إلى أرقام ونسب دقيقة
| عبد الهادي شباط
تساؤلات كثيرة تدور في الشارع حول كيف يتدبر السوريون أمرهم في العيد أمام حالة التضخم الهائلة في الأسعار مقابل تدني معظم الأجور والمعاشات لحد غير منطقي، فعلى سبيل المثال إذا افترضنا أسرة مكونة من خمسة أشخاص فهي تحتاج حسب رأي بعض المهتمين لنحو مليون ليرة في الحد الأدنى كنفقات خاصة بالعيد تتوزع على 200 ألف حلويات (الضيافة) 100 ألف لباس (قطعة واحدة) لكل فرد من أفراد الأسرة ونحو 200 ألف ليرة (ألعاب أطفال ومصروف وغيرها).
العديد من المهتمين يرون أن حوالات السوريين تسد حيزاً واسعاً من هذه الاحتياجات خاصة في الأعياد حيث ترتفع معدلات الحوالات الواردة من الخارج.
وهو ما حفزنا على إجراء حسبة بسيطة أنه في حال افترضنا متوسط حوالات السوريين بمختلف أنواعها تصل إلى 10 ملايين دولار يومياً أي نحو 300 مليون دولار شهرياً وإذا اعتبرنا أن متوسط الحوالة شهرياً هو 100 دولار يكون لدينا نحو 3 ملايين حوالة في معظمهما يستلمها أرباب أسر، وبمقارنة هذا الرقم مع العدد الكلي للسوريين في الداخل حسب تقديرات المكتب المركزي للإحصاء الأخيرة والبالغ 23 مليون نسمة تكون نسبة المستفيدين من السوريين في معيشتهم من الحوالات هي نحو نصف عدد السكان.
وفي اتصال هاتفي مع الخبير الاقتصادي الدكتور عابد فضلية اعتبر أنه من الصعب جداً تقدير حجم حوالات السوريين من الخارج رغم أن التقديرات شبه الرسمية كانت دوماً تشير إلى أن المتوسط اليومي للحوالات ما بين 5-7 ملايين دولار لكن اتساع عدد وتوزع السوريين في الخارج وارسال الكثير من الحوالات خارج القنوات الرسمية يجعل من الصعب وضع تقديرات حول إجمالي الحوالات، لكن فضلية رجح أن يكون ثلث السوريين يعتمدون في معيشتهم على الحوالات الخارجية بشكل رئيسي والتي عادة ما ترتفع (قيم الحوالات) مع الأعياد والمناسبات الأخرى مثل بداية العام الدراسي ومواسم المؤونة وغيرها.
واعتبر فضلية أنه حتى النفقات الخاصة بالعيد التي في حال تقديرها بـمليون ليرة فإن شريحة واسعة من المواطنين لا تتوفر لديهم هذه النفقات خاصة العاطلين عن العمل وأصحاب الدخل المحدود وغيرهم، وهو ما يفرض عليهم إجراء تغييرات في سلوكهم الاجتماعي مثل الانطواء والتقليل من تبادل الزيارات تجنباً للإحراج وعدم السفر واختصار النفقات إلى الضروريات جداً مبيناً أن هذه التبدلات في السلوك الاجتماعي عادة ما يكون لها آثار نفسية على الأشخاص مثل الانطواء والركون في البيت أو الهروب من البيت في حالات مختلفة حسب كل حالة وحسب كيفية تعاطي كل شخص مع الأزمة المالية لديه.
ويعتبر الكثير من الخبراء أن حالة التناقض بين الأجور وأبسط متطلبات العيش اليومي باتت تمثل ضرورة لإيجاد مقاربات جدية وحقيقية للأجور والمعاشات من دون أن تعود الحكومة لاسترداد أي زيادة على الأجور والمعاشات عبر رفع أسعار بعض السلع والمواد الأساسية، على التوازي مع ضبط حالة الفلتان الحاصلة في الأسواق وإيجاد حلول لحالة الفساد والفشل في عمل أجهزة حماية المستهلك.
حيث يرى البعض منهم أن أجهزة الحكومة فشلت في إيجاد حلول وبدائل لمعضلة الأجور والمعاشات وهناك افتقار للكفاءات القادرة على إيجاد مقاربات للتخفيف من الحالة العامة التي وصل لها الاقتصاد وانه ربما يكون الحل من خلال الاستعانة بالتجارب المشابهة لحالتنا والاستفادة من الحلول التي تم العمل بها، وأنه من غير المقبول أن يكون أجر الموظف شهرياً 150 ألف ليرة وحاجته تتجاوز 1.5 مليون ليرة شهرياً وأن تجاهل ذلك يحتم تعويض العجز بالعديد من الأشكال منها الفساد.