يقول فيلسوف روماني اسمه سنيكا: «ما الإنسان؟ إناء يمكن لأدنى اهتزاز أو حركة أن تكسره… جسد ضعيف وهش ومعرض لجميع إهانات القدر».
كل هذا الضعف يعيش في عالم مجنون، العالم مجنون بحكم طبيعته لكنه الآن أكثر جنوناً.
مقولات التاريخ تتجلى في هذا الكم الهائل من الصراعات والخلافات والتحالفات والانقلاب على التحالفات، ولا أحد يفكر كثيراً بأمر مستقبل البشرية بشكل عام.. أكثر البشر على هذه الكرة أقرب إلى الفقر، وفي الوقت ذاته تشهد الصراعات الساخنة في أكثر من منطقة.. صراعات معلنة وأخرى مخفية بقليل من الدبلوماسية وبكثير من المصالح.
هل هذه الحال جديدة على البشر؟ أبداً فدوماً كان العالم مجنوناً لكنه في هذه المرة يكاد الجنون غير قابل للسيطرة عليه.
ماذا يفعل الإنسان في هذه الحال؟
أحد الفلاسفة قال: «علينا التخلي عن فكرة أن العالم منظم بطريقة عقلانية، وآخر قال جوهر كل شيء ليس المنطق وإنما الإرادة العمياء».
هنا لا أحاول أن أناقش قضايا العالم ولا السياسات والصراعات المتوترة فيه، ما أحاول أن أناقشه هنا كيف يتصرف الإنسان وسط هذا الجنون، وسط هذه المشاكل الكبيرة والصغيرة، علماً أن بعض المشاكل الصغيرة بالنسبة للشخص العادي هي مشكلة كبيرة جداً.
عندما تتوالى هذه المصاعب ويصبح العالم مجنوناً فما الذي يمكن أن يقوم به الإنسان للحفاظ على «نفسه» على الأقل من الناحية العقلية؟
سأنقل لكم بعض الإجابات عن هذا السؤال من خلال مجموعة من المفكرين، مع الإشارة مسبقاً إلى أن قائمة الإجابات ليست كاملة وأن كل شخص يمتلك طريقته الخاصة للتعامل مع كل ما حوله من جنون.
أحدهم اقترح ما أسماه «الانفصال المسلي عن العالم»، عالم آخر رأى أنك وأنت وسط عالم مجنون ليس عليك إلا «الهروب إلى عالم خاص»، مفكر آخر تحدث عن البحث عن عالم أكثر جدوى.
في كل واحدة من تلك النصائح سيل من السبل والوسائل المختلفة، فليس هناك طريق واحد «للانفصال المسلي» عن العالم، كما ليس هناك درب واحد يمكن أن يأخذك إلى عالمك الخاص.
وإذا نظرت حولك يمكنك بكل بساطة أن تجد كثيراً من النماذج المختلفة لتعامل الناس مع «مشاكلهم».
البعض منهم يواجه المشكلة كما هي أحياناً، يتغلب عليها، وإن لم ينجح فإنه يمتلك مناعة مقاومة مشكلة مثيلة لها أو بحجمها وقوتها.
الكثير من البشر يتعايشون مع آلامهم وكانت دوماً ميزة البشر عن الكائنات الأخرى التأقلم مع الطبيعة، والتعايش الإيجابي يحوّل المشاكل إلى فرص، ويمكن لحالة التكيف أن تساعد الإنسان للمرور من الأوقات الصعبة إلى أوقات يمكن فيها حل هذه المشاكل بأسهل ما يمكن.
بعض من الناس- أغلبية الشرق- يشعرون بالحاجة للاستسلام للمشاكل، لحظة الاستسلام صعبة جداً وبعدها تصبح الأمور شيئاً فشيئاً طبيعية، وآخرون يعيشون اللحظة من غير أن يعرفوا من أتباع أبيقور الذي قال: «الأحمق هو من يتأهب للحياة دائماً».
أقوال:
• تنتمي الحياة إلى هؤلاء الذين يتقنون ترويضها.
• عندما لا أستطيع أن أعالج الأزمات التي أصادفها، فإنني أدعها تعالج نفسها بنفسها.
• ليست الفكرة في أني فائق الذكاء، بل كل ما في الأمر أني أقضي وقتاً أطول في حل المشاكل.