من دفتر الوطن

بكا..لوريا

| فراس عزيز ديب

في الذاكرة إنها السابعة مساءً، نعم صدرت النتائج، أوراق ملصقة على الجدران، آباء و أمهات يقتربون بخوفٍ و رعب ليقرؤوا بين جنبات الأرقام مستقبل أبنائهم، كان البعض يعيدُ قراءةَ السطر المتعلق بولدهِ عدةَ مرَّاتٍ لكيلا يُخطيء، وجوهٌ تغادر يعلوها الفرحة ووجوهٌ تعود وفي قلبها حرقة، لكنها الحياة التي قد تمنحنا فرص للنجاح حيث سقطنا في المكان الذي نتمناه!

كانت أمراضنا الاجتماعية أقل، لم نكن بحاجةٍ لكي نلعن «نابليون بونابرت» لكونه أوَّلَ من ابتدع هذا النظام، كنا ببساطة نعزِّي أنفسنا بنكتةٍ مرتبطة باسطورة يونانية تتحدث عن الامتحان الذي بكى في «لوريا» فجاءت «البكالوريا».

غالباً ما نسمع عن مقترحات قد تساعد على إصلاح المرحلة الفاصلة بين الجامعة والمدرسة، بعضها يقع في الكثير من المغالطات كأن يطالب أصحابها مثلاً بإلغاء البكالوريا أسوة بالكثير من الدول المتقدمة، للأمانة بحثت كثيراً عن الدول المتقدمة التي اتخذت هكذا خطوة لم أجد، استعنت بالأصدقاء المغتربين في أكثر من دولة جميعهم أجمعوا أن هذه الدول لم تقم بإلغاء «البكالوريا»، هذا منطقي لأنك بالنهاية بحاجة لكي يكون الطالب أمام امتحان مفصلي يحدد قدراته التي سُيبنى عليها مستقبله التعليمي، لكن هناك الكثير من الدول قامت بتعديل الفترة التي تسبقه و الهدف من هذا الامتحان، فاختيار الطالب لاتجاهاته العلمية و الأدبية يجب أن يتم في السنة التي تلي نيله لشهادة الإعدادية مباشرةً!

الفكرة الثانية هي عطاء أهمية للسنة الدراسية التي تسبق الثالث الثانوي للتخفيف من الحشو الموجود في المناهج الدراسية والتي يضطر الطالب لأخذها جميعاً في سنةٍ واحدة، بذات السياق أن يختار الطالب مثلاً ثلاث مواد يقوم بإجراء الاختبار عليها في السنة التي تسبق دخوله الرسمي لامتحان الشهادة الثانوية، تحديداً في المواد التي هي خارج السياق العام لرغبات الطالب، كأن يختار الطالب في القسم العلمي مثلاً الامتحان بـ»اللغة العربية، التربية القومية، التربية الدينية»، و إن كنا أساساً نتمنى إلغاء هذه الأخيرة كي لاتكون عالة تضاف على ما يعانيهِ الطالب أساساً من ضغوطات، وغيرها الكثير من الأفكار التي تساهم فعلياً بتوجيه رغبات الطالب نحو الهدف الحقيقي بعيداً عن المعوقات غير المفيدة.

في الخلاصة: رسالتي الأولى هي لمن يستهدفون النيل من الشهادات السورية، هل تعلمون أيها الحمقى بأن هذه الشهادة كانت في دولةٍ كفرنسا مُعتمدة بغض النظر عن سنة الحصول عليها، كان بإمكانك الدخول لأي جامعة رسمية فرنسية حتى لو كان تاريخ حصولك على الشهادة قبل عشر سنوات من تقديم الطلب، وهي ميزة لم تكن ممنوحة إلا لقلة قليلة من الدول!هل تعلم بأن هذه الشهادة أنتجت خبرات علمية و أدبية سورية كانوا مثالاً يحتذى، لكن مشكلتنا مع الأسف أننا بارعين بجلد الذات لمجرد الجلد لا أكثر.

الرسالة الثانية هي لكل السادة القائمين على العملية التعليمية في سورية، نعم لقد حان وقت الإصلاح المتعلق بآلية الامتحان في الشهادة الثانوية، الإصلاح لايعني أننا نعيش خللاً قاتلاً الإصلاح يعني بأننا نمتلك ديناميكية التماشي مع المتغيرات من حولنا بكل المجالات، الأهم أن نسعى للاستفادة من عراقة هذه الشهادة بما يتناسب مع روح العصر، بالتوفيق لأبنائنا الطلبة في تحديد خياراتهم المستقبلية بإذن الله.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن