رياضة

هل ستبقى أم الرياضات تعيش على الطفرات؟ … فياض: ما قُدّم لمجد غزال يفوق ما تمَّ تقديمه لغادة شعاع .. ألعاب القوى بخير وانتظرونا في أولمبياد 2028

| ناصر النجار

هناك الكثير من الحقائق في الرياضة غائبة، وهناك الكثير من الروايات الرياضية التي تصلنا عن الأحداث والتفاصيل التي جرت وتجري متناقضة، بعضها يشوبه الكذب وبعضها معطّر بروائح الصدق والكثير منها مغموس بالنفاق.

الجالسون على الكراسي وفي المناصب الرياضية يدافعون عن اتحاداتهم، وعن غيرهم ممن تربطهم معهم المصالح المشتركة، ومن هم خارج الدائرة الرياضية يتحدثون بطلاقة عن أخطاء وعثرات، ربما تصل حد الفضيحة.

من هم داخل الدائرة الضيقة يحفظون الأسرار إلى أن يخرجوا فتتسرب الكثير من القصص والروايات.

من هم داخل العمل الرياضي يخشون على مقاعدهم ويحمون مصالحهم، وهذه أهم بكثير من الحفاظ على المصالح الرياضية العامة.

رياضة ألعاب القوى هي أم الألعاب، وهي لا تخرج عن هذا النطاق، والاتحاد كغيره من الاتحادات الرياضية التي تخفي وراءها الكثير من الأسرار، قد لا تكون هذه الأسرار خطيرة، لكنها تفاصيل قد تعيق التطور الرياضي المفترض.

لذلك نجد أن الحفاظ على المناصب والمكاسب بات أولوية في رياضتنا، ولأن الرياضة باتت تعتمد سياسة (هذا معي وهذا ضدي) فإن هذا الشعار بات مطبقاً حتى في أصغر مؤسسة رياضية.

عندما نتحدث مع فياض بكور رئيس اتحاد ألعاب القوى، فإننا لا نتحدث عنه كبطل رياضي أو قائد لمؤسسة رياضية، إنما نتحدث عن المؤسسة الرياضية بالذات وعملها وأسلوبها ونتاجها.

اتحاد ألعاب القوى كغيره من الاتحادات الرياضية فيه الكثير من العمل الإيجابي، وفيه الكثير من السلبيات، والتقييم هنا يتم من خلال آلية التطبيق وسلاسة العمل والنتائج التي تكون الفيصل في التقييم النهائي، ونحن لا نغفل الظروف المحيطة والإمكانيات المتاحة، وغيرها من التفاصيل التي تحيط بالعمل فتدفعه نحو الأمام أو ترجعه إلى الخلف.

بطبيعة الحال فإن رئيس اتحاد ألعاب القوى متحدث ولبق ويتكلم بشجاعة مطلقة وهذا ما لمسناه في الحوار السريع الذي أردنا فيه معرفة بعض التفاصيل التي يتداولها الشارع حول أم الرياضات.

ألعاب القوى هي لعبة أرقام، لذلك من السهولة أن نعرف أين تقع هذه الرياضة على الخريطة العربية والآسيوية والدولية، أيضاً في بطولات غرب آسيا نعرف أقدامنا إلى أين تصل، لذلك عندما نتحدث عن رياضة رأس مالها الرقم فالمفترض ألا تغيب الحقائق، وأن نعرف الداء لنقدم له الدواء المناسب.

في ألعاب القوى مسابقات كثيرة 24 مسابقة للذكور ومثلها للإناث، أين نحن من هذه المسابقات؟

في الزمن القديم كان لدينا الكثير من الأبطال في مسابقات مختلفة (الجري، الماراثون، المشي، رمي الرمح والمطرقة والوثب وغيرها) ومنذ زمن غادة شعاع غاب أولئك الأبطال فاقتصرت ألعاب القوى على غادة شعاع ومجد الدين غزال. وهذه حقيقة جلية لكن المشكلة تكمن في المعالجة، وفي أسباب النهوض، ووسائل التطوير.

وهذه المشاكل صعبة الحل لأن رياضتنا تعاني من أمراض عديدة، أولها وأهمها أنها سلسلة منقطعة، فكل اتحاد جديد يقطع عمل من قبله، ويعتبر أن من سبقه لم يقم بالمهام على أكمل وجه، فكل اتحاد جديد ينسف عمل من قبله ويبدأ من الصفر، وقد ينسف أيضاً بعض الخبرات والأكاديميين لأنهم موالون للاتحاد السابق.

ومن الأمراض أننا ما زلنا نضع اللوم على الأمة وهي شماعة لم تعد مقنعة بعد كل هذه السنوات، والدليل أن رياضتنا لم تتوقف وأن قطار مشاركاتنا الخارجية لم يتوقف أيضاً، وضمن سنوات الأزمة حققنا الكثير من الإنجازات ولم ننقطع عن المشاركة بدورات المتوسط وحققنا في دورة مرسين ميداليتين وفي دورة تاراغوتا سبع ميداليات، كما شاركنا بالأولمبياد ولم نتخلف عنه ،فضلاً عن الأسياد وبطولات هنا وهناك بكل الألعاب، ونحن لا ننكر أن رياضتنا لم تتأثر بالأزمة، لكن التأثر كان جزئياً، فالحياة بقيت مستمرة والنشاطات لم تتعطل ومثلها المسابقات المحلية.

المشكلة أن البعض نام على شماعة الأزمة والبعض الآخر سعى وحاول واجتهد.

رئيس اتحاد ألعاب القوى يعتبر أن اتحاده الأكثر تضرراً في الأزمة والسبب أن ممارسيها كان أغلبهم من المناطق الساخنة كدرعا وريف دمشق والجزيرة والرقة، ومع ذلك نقول: إن مركز ألعاب القوى الرئيسي في دمشق وهناك أندية كبيرة ترعى اللعبة ولديها إمكانيات كبيرة ولم تتأثر بالأزمة كنادي الجيش والمحافظة وأندية الساحل وغيرهما.

لذلك كان الاستغراب محقاً، فهل عقمت ألعاب القوى عن ولادة بطل آخر يوازي مجد الدين غزال؟ وهذا العقم لم يكن وليد الأزمة، لأن قبل الأزمة لم نسمع إلا بغادة شعاع أيضاً؟

حديث ألعاب القوى لا ينتهي بموضوع واحد، لكننا في هذه الوقفة السريعة التي تلت مشاركة مجد الدين غزال في المتوسط كان لنا بعض التساؤلات التي نتناولها ببعض الأسطر.

المدرب الأجنبي

الكثير من المراقبين والمتابعين يرون أن مجد الدين غزال كان بحاجة إلى مدرب أجنبي يطور مهاراته، ولو توافرت له العوامل والإمكانيات لما غاب عن منصات التتويج العالمية في بطولات العالم وآسيا وفي الأولمبياد، وكما نرى في البطولات فإن اللاعبين الذين يكونون بمستوى مجد غزال يكون معهم فريق عمل كامل، لكن غزال كان يسافر وحيداً وفي أحسن الأحوال يسافر معه مدربه عماد السراج.

ومن كواليس الغزال سمعنا أنه كان يعاني من بعض الصعوبات التقنية واللوجستية دون أن يجد المعنيون حلولاً لذلك، وهذا قبل سنوات، مع العلم أن الغزال نفسه لم يصرح بذلك رسمياً لأننا نعرف ضريبة أي تصريح من لاعب أو غيره.

رئيس اتحاد ألعاب القوى يقول: نحن مع فكرة المدرب الأجنبي ومع هذا الطرح، وطالبنا بذلك، وكنا على استعداد لجلب المدرب الأجنبي مع موافقة المكتب التنفيذي، لكن للأسف لم تتحقق الفكرة مع إصرار اللاعب على عدم استقدام أي مدرب أجنبي ما قطع الطريق أمام تنفيذ هذه الفكرة.

كان مجد مصراً على مدربه السراج، ومجد وصل إلى رقم 236 سم مع مدربه، لذلك كنا نقول: أي مدرب يمكنه تحقيق هذا الرقم مع مجد؟ وهذا يعطي إشارة إلى أن السراج مدرب جيد ومطوّر.

من الممكن أن نفكر الآن بمدرب يعيد الغزال إلى ذاك الرقم أو أقل منه بقليل، لأن 236 أو 233 سم سيضعه على عرش العالم في الوثب العالي.

لكن السؤال (والكلام لفياض): أين هذا المدرب؟ وهل يقبل العمل معنا؟

أغلب المدربين يرفضون القدوم إلى سورية، ربما الآن بسبب العقوبات، أو الحملة الإعلامية على بلدنا، ونحن لا نحتاج إلى أي مدرب، نحن نحتاج إلى مدرب يضع الغزال على قمة البطولات العالمية وأن يعيده إلى رقمه القياسي.

كل ما يحتاجه الغزال تم تأمينه من المكتب التنفيذي السابق والحالي من مستلزمات وتجهيزات وأموال ومعسكرات، ودوماً معسكراته تبدأ من اللاذقية إلى عُمان إلى الدوري الماسي العالمي، وعلاقة مجد مع المكتب التنفيذي لا نتدخل بها، وعملنا معه خاص بالمراسلات مع الجهات الأخرى.

مكافآت مجد المالية كبيرة وراتبه الشهري يفوق المليوني ليرة سورية، والمكتب التنفيذي يقدم له كل التكاليف والنفقات من سفر وإقامة وغيرها، وبالمختصر فإن ما قدم لغزال يفوق ما تم تقديمه لغادة شعاع.

خطة عمل

رياضة ألعاب القوى حظيت بدراسة مستضيفة من اتحاد اللعبة، ويقول عن هذه الدراسة فياض بكور رئيس الاتحاد: وجدنا بعد الأزمة أن هناك حلقة مفقودة بالفئات، فالكثير من اللاعبين الشباب ولاعبي الرجال هجروا اللعبة أو هاجروا خارج البلاد، وبذلك فقدت اللعبة الكثير من أبطالها ومواهبها وكوادرها.

لذلك قررنا البدء من جديد، والبداية من المراكز التدريبية والمدارس واتجهنا إلى الريف لأنه الخزان البشري لهذه اللعبة، ولدينا الكثير من المواهب، ولصناعة البطل فنحن نحتاج إلى عشر سنوات ونحتاج إلى إمكانيات كثيرة وكبيرة قد تفوق قدرتنا.

مجموعة المواهب التي نملكها الآن كثيرة وجيدة وأعد بنتاج جيدة بعد سنوات وانتظرونا في أولمبياد 2028.

وأضاف المستحيل أن تحيط أي دولة بأربع وعشرين مسابقة للذكور ومثلها للإناث، لذلك تتجه الدول إلى الاختصاص، فهناك دول تختص بسباقات السرعة، وأخرى بالمتوسطة وغيرها بالوثب والرمي وهكذا وكل دولة معروفة باختصاصها التي تتفوق به.

نحن نركز على 400 متر موانع وعلى السباعي والوثب العالي والطويل والرمي والسباقات المتوسطة والطويلة أقمنا العديد من المراكز التدريبية في المحافظات ولدينا أكثر من 60 مدرباً وعدد جيد من اللاعبين وكلفة هذه المراكز تعادل أجر راتب شهري واحد لمدرب أجنبي.

نسير في الخطة حسب المتوفر من المنشآت والملائم للبيئة الجغرافية، فالاختصاص في السباقات يجب أن يكون ملائماً للمنطقة ومتناسباً مع طبيعتها.

أحد أهم الصعوبات التي تواجه رياضتنا غلاء التجهيزات الرياضية وهو عائق كبير أمام الاتحاد واللاعبين مشاركاتنا الخارجية كانت متوقفة بسبب الحصار والعقوبات، واستطعنا فك الحظر اعتباراً من 2020 فشاركنا ببطولة غرب آسيا للناشئين وحققنا المركز الثاني، كما شاركنا ببطولة العرب بتونس وحققنا ميدالية وهي إنجاز أمام أبطال المغرب العربي وغيرهم.

وشاركنا مؤخراً ببطولة غرب آسيا للشباب والشابات في لبنان وحققنا نتائج ممتازة، وكان قوام البعثة أربعين شخصاً بين لاعبين ولاعبات وكوادر، ونحن نفضل هذه المشاركات لأن الكلفة المالية فيها مقبولة بعكس المشاركات البعيدة التي تحتاج إلى تذاكر طيران وهي مكلفة جداً فيتم اختصار المشاركين من أجل ذلك، والمشاركة في غرب آسيا من جهة أخرى تعتبر معسكراً خارجياً واستعداداً جيداً للعديد من لاعبينا ولاعباتنا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن