قضايا وآراء

حدودنا الوطنية لن تكون مستباحة

| هديل علي

بعد الخذلان الأميركي لميليشيات «قسد» إزاء التهديدات التركية بغزو الشمال السوري في المناطق التي تنتشر فيها الميليشيا، باتت الأخيرة تعي أن أمانها لن يكون خارج التنسيق مع دمشق، التي أعلنت بدورها منذ اللحظات الأولى لتهديدات أنقرة أن حدودها الوطنية لن تكون مستباحة أمام أي غزو وعدوان خارجي.

التاريخ لن يتكرر بمذابح جديدة على يد التركي، فرائحة دماء الأرمن الزكية ما زالت تفوح في المكان، و«قسد» تدرك ذلك تماما، وواشنطن قد باعتها بثمن بخس، بدراهم معدودة، أول تلك الدراهم قبول فنلندا والسويد في حلف الناتو دون اعتراض أنقرة، وليس آخرها مفاوضة موسكو بشأن أزمة الغذاء العالمية كممثل عن الناتو، والقائمة تطول.

دمشق لم تخيب الظن، وأبدت الاستعداد الكامل للدفاع عن تراب الوطن على كامل الجغرافيا السورية، فعزز الجيش العربي السوري من قواته المتواجدة على حدود المناطق المهددة في عين العرب بريف حلب الشمالي الشرقي، وتل رفعت ومنبج بالريف الشمالي، بالتنسيق مع الجانب الروسي.

واشنطن دعت الميليشيات خلال زيارة السيناتور الأميركي ليندسي غراهام غير الشرعية إلى الحسكة، والتقى فيها قادة «قسد» لتسليم مدينتي منبج وتل رفعت إلى الاحتلال التركي، زيارة لاقت ردا من قادة الميليشيات بزيادة التنسيق مع الروس لتسهيل عبور التعزيزات العسكرية السورية إلى مناطق تواجد الميليشيات، رافقه تصريحات مكثفة لهذه القيادات بأنها حسمت خيارها بالقتال مع الجيش السوري في خندق واحد، لصد العدوان والدفاع عن تراب الوطن، وأحدثها تصريحات ما يسمى بالقائد العام «لقوات سورية الديمقراطية – قسد» مظلوم عبدي الذي حذر فيه جيش الاحتلال التركي قائلا: «لم يبقَ أمامنا مكان ننسحب إليه، ستكون معركة الشمال السوري أجمع ولن تبقى محدودة فالجيش التركي والـفصائل الإرهابية المدعـومة منه سيواجهون أولاً قوات الحكومة السورية والسوريين أجمع في هذه الحرب»، منتقداً جهود الاحتلال الأميركي لوقف العدوان، واصفاً إياها بغير الكافية، وبأن المواقف الدولية حيال التهديدات واستمرارها يدل «على عدم كفاية هذه المواقف»، مرحباً بالوقت نفسه بالجهود «الروسية الهامة لإيقاف التصعيد»، وأكد عبدي أن التهديدات التركية ومرتزقتها مستمرة، وسوف «يهاجمون شمال وشرق سورية في أي وقت تسنح لهم الفرصة»، مشيراً إلى التزام ما يسمى بـ«قوات سورية الديمقراطية» ببنود اتفاقية عام 2019، ومنها تراجع قواتهم بموجب تلك الاتفاقية عن الحدود السيادية السورية مع تركيا بمسافة 30 كم، وفتح الطريق أمام الجيش العربي السوري للتمركز في المناطق الحدودية، بالإضافة إلى استمرار الدوريات الروسية التركية في تلك المناطق.

أهداف دمشق تتحقق خطوة خطوة، بمزيد من الحكمة والقوة والصبر الإستراتيجي الذي ضمنت به وحدة البلاد وتمزيق أي مشروع تقسيمي في المستقبل، ودخول الجيش العربي السوري إلى هذه المناطق، دليل على أن من نادى بأي مشروع انفصالي لا يعرف قوة دمشق وصلابة مواقفها، وقدرتها على تحقيق أهدافها الوطنية، طال الزمن أم قصر، والخطوات اللاحقة ستشمل بإذن اللـه تحرير منابع النفط والغاز، وإحكام السيطرة على الثروات الوطنية، التي هي ملك لكل السوريين، بعد طرد الاحتلالين الأميركي والتركي، بجهود أبناء الشعب السوري وتحت قيادة حكيمة تعرف معنى الحق ومآله.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن