قضايا وآراء

بدء العد التنازلي لحسم الاستحقاقات الانتخابية العراقية

| أحمد ضيف الله

مع نهاية عطلتي عيد الأضحى والمجلس النيابي العراقي، بدأ العد التنازلي لحسم الاستحقاقات الانتخابية، حيث تتجه الأنظار نحو القوى السياسية الكردية وقوى الإطار التنسيقي الشيعية تالياً، بانتظار حسم الأسماء التي ستنال الحظ الأوفر في تولي منصبي أعلى سلطتين تنفيذيتين وهما رئيسا الجمهورية ومجلس الوزراء.

العاصمة العراقية بغداد، شهدت خلال الأيام الأخيرة اجتماعاتٍ مكثفة بين مختلف القوى السياسيَّة لحسم ملفات تشكيل الحكومة المرتقبة والمضي بالاستحقاقات الدستورية الأخرى، حيث يتشاور الإطار التنسيقي مع حلفائه والقوى الأخرى في البحث عن آليات جديدة للتفاهمات بعد استقالات نواب الكتلة الصدرية من المجلس النيابي.

ورغم ضبابية الوضع وعدم اتضاح الصورة حول الملامح النهائية لهذه الاجتماعات، إلا أنها توحي بوجود تفاهمات متقدمة في الطريق إلى حسم الاستحقاقات الانتخابية والذهاب إلى تشكيل حكومة جديدة.

الإطار التنسيقي، دعا في بيان له في الـ15 من تموز 2022، رئاسة مجلس النواب إلى «عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية خلال هذا الأسبوع لغرض إكمال الاستحقاقات الدستورية»، مجدداً «دعوة الأطراف الكردية إلى تكثيف حواراتهم والاتفاق على شخص رئيس الجمهورية أو آلية اختياره، قبل عقد جلسة مجلس النواب من أجل الإسراع في إكمال متطلبات تشكيل الحكومة». وبعد بضع ساعات دعا رئيس المجلس النيابي محمد الحلبوسي في بيان له، «القوى السياسية والكتل النيابية إلى تحمُّل المسؤولية وحسم الحوارات، للمضي بانتخاب رئيس الجمهورية».

وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي المطبعة مع العدو الصهيوني، وكعادتها في التشويش والتشويه وإثارة الفتن، تركز الضوء وتسلطه على قضية المرشح لمنصب رئيس الوزراء فقط، متجاهلة معضلة الاتفاق على مرشح رئاسة الجمهورية الذي لم تتبين ملامحها حتى اللحظة، وهي المشكلة الأبرز في الانسداد السياسي، والخطوة الأساس التي تسبق تكليف مرشح الكتلة الأكبر لرئاسة مجلس الوزراء.

القوى الكردية المعنية بمنصب رئاسة الجمهورية، ووفقاً للعرف السائد، لم تَحسم حتى الآن موقفها من جلسة الانتخاب المقبلة إن كانت ستدخل جلسة المجلس النيابي بمرشح تسوية متفق عليه أو بمرشحين اثنين أو أكثر، حيث عُقدة الخلاف على المنصب لم تحل بعد.

فمنذ الاجتماع المشترك للأطراف السياسية الكردية في الـ9 من حزيران 2022، بجهود الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة جينين بلاسخارت، وحضورها، الذي خصص لتقريب وجهات نظر القوى السياسية الكردية بشأن قانون انتخابات برلمان الإقليم المقبل، وتشكيلة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء في الإقليم، ومواضيع أخرى، لم يجر أي لقاء أو اجتماع بين الحزبين الكرديين الرئيسيين المتناحرين، الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود البارزاني الذي أعلن الإبقاء على مرشحه ريبر أحمد خالد البارزاني لرئاسة الجمهورية، والاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة بافل جلال الطالباني الذي يرى أن مرشحه رئيس الجمهورية الحالي برهم صالح للرئاسة، هو الأوفر حظّاً.

الاتحاد الوطني الكردستاني، أكد مراراً أن ما يجري التفاوض عليه مع الحزب الديمقراطي الكردستاني يتعلق بملفات أخرى، ولا يتعلق برئاسة الجمهورية، وهو غير مستعد أو مضطر لسحب مرشحه، أو التفاوض بشأنه أبداً، حيث بات يعتمد على الثقل النيابي للإطار التنسيقي. فعلى الرغم من أن البعض منهم لديه خلافات مع مرشحه، لكنهم في ظل المتغيرات التي حصلت في الساحة السياسية باتوا مجبرين على تأييد تمريره لوقوف الاتحاد الوطني الكردستاني معهم كجزء من «الثلث الضامن» أو «الثلث المعطل» بحسب رؤية مقتدى الصدر، ليبقى عامل ترشيح رئيس جديد لجمهورية العراق، المعضلة الأكبر في عملية حلحلة الانسداد السياسي الحاصلة في العراق منذ الانتخابات النيابية المبكرة في الـ10 من تشرين الأول 2021.

الإطار التنسيقي يتحرك بحذر في وضع أسس اختيارِ رئيسِ الوزراء المقبل وأعضاء وزارته وبرنامجها، بغية الحصول على تأييد القوى السياسية الأخرى لمرشحه لرئاسة الوزراء حيث أعلن البعض في الإطار التنسيقي دعم ذلك دون المشاركة بالحكومة المقبلة، وحتى تاريخه، لا يوجد مرشّح لرئاسة الوزراء، وما يجري الترويج له هو للاستهلاك الإعلامي.

وفي خضم ذلك بات الحزب الديمقراطي الكردستاني يشترط على الإطار التنسيقي «التوافق والشراكة والتوازن»، قبل التفاوض على الملفات العالقة المتعلقة بتشكيل الحكومة، وهي شروط جديدة لم تكن ضمن أدبياته حين كان مع مقتدى الصدر في «تحالف إنقاذ وطن»، حيث كان كل همه هو تمرير مرشحه لرئاسة الجمهورية فقط!

إن الانفراجة في المشهد السياسي الذي كان متأزماً طوال الأشهر الماضية، ما بين الفشل والانتظار وسحق المدد الدستورية، باتت قريبة، وعقبة المرشح الكردي لرئاسة الجمهورية تتجه نحو الحلحلة، حيث ترى أغلب القوى السياسية أن الخيار الأفضل هو سيناريو 2018، حين ذهب الحزبان الكرديان كل واحد منهما بمرشحه إلى المجلس النيابي لينتخب أحدهما، وقد يسحب الحزب الديمقراطي الكردستاني مرشحه في آخر لحظة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن