لعمامرة لـ«الوطن»: القمة العربية في موعدها والشعب الجزائري مع سورية قلباً وقالباً … المقداد: الهم الأساسي لسورية والرئيس الأسد مصلحة الأمة العربية ولا نتعامل بردة فعل

أكد وزير الخارجية والمغتربين، فيصل المقداد، أن الهم الأساسي لسورية وللرئيس بشار الأسد، هو مصلحة الأمة العربية وأن سورية لا تتعامل مع أي دولة عربية بردة فعل، وتعتبر أن القضية الحاسمة بالنسبة لها هي تحديد مكانتها ومكانة الأمة العربية في عالم اليوم، حيث لا يمكن في ظل العالم المنقسم إثر التطورات الكبيرة التي يشهدها، أن تبقى الأمة العربية كما هي وأن تتعامل بأدوات وآليات قديمة عفا عليها الزمن، في حين أكد وزير الشؤون الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة أن سورية حاضرة بمحيطها العربي والدولي وتحتل مكاناً متميزاً في قلوب الجزائريين وهذه المرحلة من تنسيق العمل المشترك بيننا في غاية الأهمية والإيجابية، مشدداً على أن غياب سورية عن الجامعة العربية يضر بالعمل العربي المشترك.

وخلال مؤتمر صحفي مشترك عقب مباحثاته مع نظيره الجزائري في مبنى الوزارة بدمشق عبّر المقداد عن سعادة السوريين جميعاً باستقبال الوفد الجزائري برئاسة الوزير لعمامرة، موضحاً أنه بحثنا العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الشقيقين وسبل تطويرها وأن هذه اللقاءات تخدم مصالح الشعبين السوري والجزائري والتوجهات الحقيقية لأمتنا وشعوبنا ولكل من يسعى إلى الكرامة والتحرر والاستقلال والسيادة في كل أنحاء العالم».

ولفت إلى أن العلاقات مع الجزائر الشقيقة متجذرة في التاريخ وهي وقفت إلى جانب الشعب السوري طوال السنوات الـ11 الماضية وأدانت الإرهاب وعبرت عن رفضها للإجراءات الاقتصادية الغربية القسرية الأحادية الجانب التي فرضت على سورية وفاقمت معاناة شعبها وعرقلت عملية إعادة إعمار ما دمره الإرهاب.

وأشار المقداد إلى أننا أحيينا أول من أمس في سورية الذكرى الـ102 لمعركة ميسلون التي استشهد فيها البطل يوسف العظمة وما يزيد على 400 من زملائه الذين ذهبوا إلى ميسلون ليوجهوا رسالة للمستعمر الفرنسي بأنه لا يمكن أن يدخل دمشق إلا على أجسادهم، في حين احتفلت الجزائر قبل أيام بالذكرى الـ60 لاستقلالها عن المستعمر ذاته، مؤكداً أن هذه الذكرى عزيزة على قلوب كل السوريين والعرب والأحرار في العالم لأن الشعب الجزائري قدّم أكثر من مليون ونصف المليون شهيد من أجل حريته واستقلاله ويتابع اليوم بقيادة الرئيس عبد المجيد تبون هذا الموقف المشرف المستقل للجزائر وهو حريص على تعزيز العلاقات مع الأشقاء العرب ومع سورية بشكل خاص.

كما أشار المقداد إلى زيارته الأخيرة للجزائر، وقال: «اطلعنا على القوة الكامنة للجزائريين وللجيش الجزائري البطل، والإمكانات المسخرة للدفاع عن حقوق الجزائريين ومواقفهم العادلة والصحيحة في مختلف المجالات، الأمور بيننا متشابهة والوزير لعمامرة في بلده وبين إخوته ومثل هذه اللقاءات تخدم مصالحنا في الجانبين السوري والجزائري وتخدم التوجهات الحقيقية لأمتنا وشعوبنا».

بدوره أكد لعمامرة أنه يشاطر المقداد كل الأفكار التي تقدم بها، سواء للتاريخ المشترك أم علاقات الشعبين الشقيقين، فالجزائر وسورية الشقيقة يتقاسمان الأمجاد والبطولات وأسماء عديدة في النضال الجزائري منها الأمير عبد القادر الجزائري وغيره وهؤلاء مرتبطون بملامح الشعبين الشقيقين.

وأضاف: «سعداء لوجودنا مرة أخرى في دمشق بين أهلنا وأشقائنا، ونحن سعداء كذلك لأن الظرف يتطلب تكريس التشاور والتنسيق بين قيادتي البلدين، فمنذ أسابيع معدودة كان للوزير فيصل المقداد لقاء مطول مع الرئيس عبد المجيد تبون وجاء اليوم اللقاء الذي شرفني به الرئيس بشار الأسد بنفس المغزى ونفس النظرة المتبصرة لمستقبل البلدين وضرورة دفع العلاقات الثنائية المتميزة لمجالات واعدة مستقبلاً بكل المجالات».

وكشف لعمامرة، أن الرئيس تبون حمّله رسالة خطية للرئيس الأسد والذي حمّله بدوره رداً على الرسالة، وعلى جميع المسائل ذات الاهتمام المشترك بين البلدين الشقيقين، معبراً عن سعادته بنقل هذه الرسالة الجوابية للرئيس تبون.

وفيما يتعلق بالمشاورات مع المقداد أشار لعمامرة إلى أن هناك الكثير من المسائل التي تتطلب التشاور والتنسيق سواء الأوضاع في عالمنا العربي أم التوجهات التي تمس حالياً هياكل العلاقات الدولية جراء العلاقة القائمة بين الدول الكبرى، وجراء أزمة «كورونا» وبعض الدوائر السلبية الأخرى على الساحة الدولية بما فيها تفشي الإرهاب في عدد من مناطق العالم، والتصدي القائم للإرهاب وطنياً وقارياً ودولياً.

وأضاف: «نظرنا لعلاقاتنا الثنائية ووجدنا ضرورة تشجيع رجال الأعمال من الجانبين لبذل المزيد من الجهد لتقريب اقتصاديات البلدين وتعميق المبادلات وتوسيعها لمجالات أكبر تفيد الشعبين الشقيقين، ونحن بصدد العمل للتحضير للجنة المشتركة الكبرى للتعاون بين البلدين الشقيقين ونأمل أن يأتي ذلك تماشياً مع عدد من المبادرات الأخرى سواء تعلق الأمر بالتصديق على عدد من الاتفاقيات الموجودة لتصبح سارية المفعول، أم لإثراء العقود والنصوص القانونية القائمة بين البلدين بعقود جديدة تستجيب لمتطلبات توسيع وتطوير التعاون بين البلدين الشقيقين».

وتابع: «أعود إلى وطني من وطني الثاني، فالتاريخ يشهد أن الأمجاد المتقاسمة بيننا هي التي تدفع الأجيال، والجزائر التي احتفلت بالذكرى الستين لاستقلالها ستعمل قدماً نحو تحقيق المزيد من الانتصارات».

ورداً على سؤال حول إن كان خلال المحادثات حديث يؤدي إلى إعطاء صورة بأن هناك ربما متغير أو نتيجة قد تحصل فيما يخص علاقة سورية بمحيطها العربي وأن تكون سورية حاضرة في محيطها العربي في الفترة القادمة بشكل أكبر، أكد لعمامرة أن سورية حاضرة في محيطها العربي وتحتل مكانة متميزة في قلوبنا وقلوب الجزائريين والجو السياسي إيجابي جداً، واصفاً العلاقات الثنائية بأنها تتسم بالتنسيق متجاوزة بذلك مستوى التشاور وتبادل المعلومات والتحاليل، بحيث «ننظر إلى مستقبلنا المشترك ونتفق على خطوات تُتَخذ وعلى أعمال ومشاورات تجرى مع غيرنا، فأي لقاء بين الجزائر وسورية هو لقاء عملي وبنّاء وينطلق من قواعد واضحة وصلبة قائمة على التعاون والدعم المشترك، وفيه قراءة للمصلحة المشتركة للعرب والشعبين الشقيقين»، مشيراً إلى أن «هذه المرحلة من تنسيقنا وعملنا المشترك هي مرحلة في غاية الأهمية».

ورداً على سؤال لـ«الوطن»، إن كان الجهد الجزائري سيثمر عن حضور سورية بالقمة العربية؟، أكد لعمامرة أن القمة العربية ستنعقد بوقتها في الأول والثاني من تشرين الثاني وقال:» الشعب الجزائري مع سورية قلباً وقالباً والشعب الجزائري يحب السوريين».

المقداد ورداً على السؤال ذاته، اعتبر أن علينا ألا نبسط الأمور وأن نتعامل مع الأمور بواقعية، وفي إطار الوضع الإقليمي والدولي، ونفكر بالضغوط التي تمارس على مختلف الأصعدة لحل الكثير من القضايا الإقليمية الدولية، مضيفاً: «أنا أقول بأن سورية ستبقى دائماً في قلب العمل العربي المشترك، وإذا كان هنالك بعض الإجراءات التي اتخذت بما يتناقض بشكل تام مع هذه الحقيقة فيتحمل مسؤوليتها الذي فرضها وهي فرضت بضغوط دولية وظروف معينة والسياسة السورية ليست سياسة فتح الجروح لكن نأمل أن ترمم الجروح بأسرع وقت ممكن».

وأكد أن الهم الأساسي لسورية وللرئيس بشار الأسد هو مصلحة الأمة العربية وأن سورية لا تتعامل مع أي دولة عربية بردة فعل وتعتبر أن القضية الحاسمة بالنسبة لها هي تحديد مكانة سورية والأمة العربية في عالم اليوم، حيث لا يمكن في ظل العالم المنقسم اليوم إثر التطورات الكبيرة التي يشهدها أن تبقى الأمة العربية كما هي وأن تتعامل بأدوات وآليات قديمة عفا عليها الزمن لذلك فالهم الأساسي هو إعادة المزاج إلى الوعي العربي من أجل توحيد كلمتنا ومن أجل السير سوياً لمواجهة التحديات القادمة.

وأضاف: «لا تنظروا إلى أمور نعتبرها في السياسة السورية ليست على قدر كبير من الأهمية، وما يهمنا علاقتنا الإستراتيجية وعلاقتنا مع الجزائر ومع كل الدول العربية، أما بالنسبة لمن لا يزال يفكر بالطريقة القديمة فنقول إن مهمتنا القول بأن الطريقة القديمة لم تعد مناسبة لمواجهة تحديات هذا اليوم».

المقداد ورداً على سؤال آخر حول الترتيبات القائمة لانعقاد القمة العربية، أشار إلى أنه خلال الأشهر الثلاثة والنصف القادمة، سيكون هناك عمل هائل في هذا الإطار، لافتاً إلى أن «التنسيق مع الجزائر وبعض الدول العربية قائم بغض النظر عن وجود سورية في الجامعة العربية أو خارج الجامعة العربية وهذا ما يجب أن يفهمه البعض بأن وجود سورية في الحضن العربي هو مهم جداً لهذا الحضن العربي، وما يهم الآن تنسيق السياسات والخروج باستنتاجات صحيحة تخدم العمل العربي، ونحن مع أي إجراءات تجدد التضامن العربي لأن التحديات التي تواجه العرب مشتركة وإذا اعتقد البعض أنه خارج هذه التحديات فهو مخطئ جداً».

وأكد أن سورية لا تحتاج لوساطات بين الدول العربية والوزير الجزائري في دمشق للبحث والتشاور حول أفضل الخطوات والتنسيق لمواجهة التحديات المشتركة، ونرحب بأي تنسيق عربي – عربي وأي مشاورات عربية – عربية، لمواجهة هذه التحديات التي تحيط بنا.

بدوره ورداً على سؤال، قال لعمارة «أنا أستمع إلى الرسميين كما أستمع إلى الصحفيين وإلى الشارع العربي، فإن طرحتم السؤال على الشارع العربي هل لسورية مقعد مشروع في الجامعة العربية فالجواب نعم من طرف الجميع، هل غياب سورية عن شغل المقعد في مصلحة أي واحد كان، الجواب: لا غياب سورية يضر بالعمل العربي المشترك، هل هناك طرق لمعالجة هذا الوضع؟ هذا في صلب المشاورات التي نقوم بها مع كل الأشقاء وموقف الجزائر معروف والكثير من المسؤولين العرب يتواصلون مع دمشق ونتفاءل خيراً».