من دفتر الوطن

خصيصاً للأغنياء

| عبد الفتاح العوض

هل صورة الأغنياء لدى المجتمع السوري سلبية أم ايجابية؟

السؤال له إجابة واحدة عند معظم السوريين وهي أن صورة الأغنياء مرتبطة بشكل عام بالفساد وأشياء أخرى ليست ذات انطباع جيد.. ، وفي الحديث عن سيكولوجيا الفقر فإن المسألة لها علاقة بالحسد من ناحية والناحية الأكثر عمقا أن الفقراء يحملون المسؤولية لمعاناتهم للأغنياء.

معظم الإنجازات الكبرى تذهب خصيصا للأغنياء والجزء الأكبر من الاستثمارات المالية هو من نصيب الأغنياء.. فقرية سياحية ومنتجعات رفاهية يكون الاستثمار المالي فيها يعادل إنشاء مدن لإسكان البسطاء لكن المال يبحث عن المال وهو أمر يمثل قانونا بشريا وأزليا. ومعظم الاستهلاك من حيث القيمة يكون من نصيب الأغنياء وكثير من ثروات البشرية يملكها ويتصرف بها الأغنياء فقط.

لا يمكن تعميم السوء في مجتمع الأغنياء مثلما لا يمكن تعميم الفضيلة في مجتمع الفقراء لهذا كانت دوما الطبقة الوسطى حامية المجتمع من الانكسارت أو الجنوح باتجاه متطرف نحو سوء الأخلاق أو نحو مثالية الفضائل.

يمكننا أن نقدر عدد الأثرياء في سورية ويمكن معرفة الأسماء فهم قلة وهم كمقارنة بمستوى الثراء عالمياً يعتبرون من الفقراء. أضف إلى ذلك أن عادات السوريين في التكتم على مستواهم المادي يشكل واحدة من الطباع المشتركة ناهيك عن الخوف التقليدي من المالية أو من الطامعين الذين لا يعدمون الوسيلة لأخذ ما يعتبرونه حصتهم.

ثلاث صفات مشتركة عند الفقراء.. أولاها البيئة التي لا تصنع أغنياء.. يسمونها دائرة الفقر فأنت ابن فقير وصديق فقير وجار فقير وأب لفقير سيعيد الكرة.. لكن ماذا عن العصاميين الذين بدؤوا من الصفر.. يأتي الرد هنا ليس فقط من العبارة التقليدية لا تسألني عن المليون دولار الأولى لكن أيضاً كنسبة من الأثرياء يشكل العصاميون طفرة وهم بسبب أن بيئتهم فقيرة يتباهون كثيراً بإنجازهم.

السمة المشتركة الأخرى أنهم يتحدثون دوماً عن قذارة المال وأن ثمة أشياء أخرى تمنحهم الرضا الداخلي أكثر من المال. أما الصفة الثالثة فإنهم يحبون ويهتمون بالأشياء اللامعة مثل الماركات العالمية وسلوك المشهورين وغير ذلك من الأشياء الثمينة ومغرمون بمتابعة أخبار الأغنياء وتقليدهم بقدر محدود جداً ما أمكنهم ذلك.

أما عن سيكولوجيا الأغنياء ففيها صفات كثيرة لكن أود أن أركز على جانب واحد أنهم لا يخافون من الفشل كثيراً ويعتبرونه جزءاً من تجربتهم الحياتية ولا يستسلمون له ويقاومون حتى الشعور به.

كل هذا لا يغير من الأمر شيئاً فالأغنياء يستمتعون بالحياة فعلاً والندرة منهم الذين لا يجيدون ذلك.. والفقراء يبحثون عما يشبه الحياة…

آخر ما أقوله على مستوى العالم يشكل الفقراء نحو 40 بالمئة من البشر ويشكل الأغنياء أقل من 10 بالمئة… الباقون يحاولون ألا يصبحوا مع الأغلبية.

أقوال:

– الأنبياء كلهم فقراء مثلنا … راع وحداد ونجار وبائع … لكن الأثرياء اختطفوا أديانهم وحوّلوها إلى مجرد طقوس، لامتصاص غضب المقهورين

– أنا ضد الأثرياء لكن أن أكون منهم فهو أمر آخر.

– لن تكون ثريًا حتى يكون لديك شيء لا يشتريه المال.

– الرجل الثري والحكيم لا يصافح الناس، بل يمد يد العون.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن