ثقافة وفن

مؤسسة تاريخ دمشق توزع جائزة «فخري البارودي» على الأبحاث الفائزة في دورتها الثالثة … د. سامي مبيض لـ«الوطن»: نشجع الشباب على البحث العلمي في التاريخ الدمشقي

| سارة سلامة - تصوير: طارق السعدوني

أقامت مؤسسة تاريخ دمشق حفل توزيع جوائز الدورة الثالثة من مسابقتها السنوية (جائزة فخري البارودي للمؤرخين الشباب لعام ٢٠٢٢)، في منزل البارودي في حي القنوات بدمشق بحضور نخبة الثقافة والأدب والإعلام والرعاة لهذه التظاهرة النوعية البحثية العلمية، وتم توزيع الجوائز على الأبحاث الفائزة من بين الأبحاث المقدمة، والتي خضعت للتحكيم من لجنة متخصصة، وتم تكريم جريدة الوطن الراعي الإعلامي ضمن تكريم الجهات الراعية بنك الشام وإذاعة المدينة.

الفائزون

ونالت المركز الأول يارا سمير الحسواني عن بحث بعنوان «الحياة الاجتماعية للأشياء»، حكاية بيت من طالع الفضة دراسة توثيقية تحكي عن تاريخ دمشق انطلاقا منه، تروي تاريخه الذي يعتبر بشكل أو بآخر جزءاً من تاريخ مدينة دمشق وانطلاقاً من ثلاثة مصطلحات: البيت كحامل للذاكرة، المرأة كجزء أساسي من تاريخ المدينة، والجار كمفهوم سلوكي واجتماعي.

وجاء في المركز الثاني أحمد خالد الطبل عن بحث بعنوان «الصالونات الثقافية في دمشق»، دراسة تاريخية من عام 1920 إلى عام 2000، وأثرها على الواقع الثقافي والاقتصادي والسياسي في تلك الحقبة.

وحازت المركز الثالث رهف نزيه الحموي عن بحث بعنوان «كان يا مكان» وما تحويه هذه العبارة من حكايات عصور الجدات وأساطير الفرسان والجان وسهرات الدمشقيين والغناء، حيث تحمل معها عبق الماضي التي بدأت تتلاشى مع انتشار فضاءات الإنترنت والاتصالات.

وتم منح الفائزين الثلاثة الأوائل جوائز مالية على الشكل التالي:

الجائزة الأولى: قيمتها 750 ألف ليرة سورية

الجائزة الثانية: قيمتها 500 ألف ليرة سورية

الجائزة الثالثة: قيمتها 200 ألف ليرة سورية

إضافة إلى تقديم درع الجائزة وشهادة للفائزين الثلاثة الأوائل، كل حسب درجته. كما تم منح بقية المتسابقين الذين لم يحالفهم الحظ بالفوز شهادات مشاركة بالجائزة.

نخلق جواً جديداً

وفي تصريح خاص لـ«الوطن» بين رئيس مجلس أمناء مؤسسة تاريخ دمشق الدكتور سامي مبيض أن «جائزة فخري البارودي تسعى لتشجيع الشباب على البحث العلمي في موضوع التاريخ الدمشقي، خاصة أنهم شباب من خارج الاختصاص ونشجع كل الاختصاصات من حقوق وهندسة وغيرها بأن يبحثوا في التاريخ الدمشقي، لذلك نحن حصرناها بفئة عمرية معينة وسميناها بجائزة الشباب على اسم شيخ الشباب، وبذلك نحن نعمل على خلق جو جديد كي لا يكون التاريخ مادة جافة ومملة ومحصورة بالكتب العلمية إنما مادة متاحة لكل الناس».

من جهته قال جميل مراد وهو عضو في مجلس أمناء المؤسسة: إنه «بعد توقف عام بسبب جائحة كورونا عدنا لنتابع العمل بجائزة فخري البارودي للمؤرخين الشباب وما يميزها أنها لمن هم تحت سن الـ35 ولا يشترط بمقدم البحث أن يكون أكاديمياً فقط أن يقدم بحثاً يحوز على شروط هيئة التحكيم وينتقل إلى المسابقة وحسب النقاط تفوز الأبحاث هذا يخلق شريحة واسعة من الناس مهتمة بالتاريخ الدمشقي، طبعاً لا توجد عناوين محددة وهذا ما يخلق تنوعاً في طبيعة الأبحاث المقدمة، ونحن الآن بالنسخة الثالثة من الجائزة».

بينما قال مدير مشروع الجائزة أحمد وليد منصور: إن «الجائزة تأخذ أهميتها بأنها موجهة لأشخاص غير متخصصين أي للباحثين المهنيين أوعمليا استطاعوا أن يؤلفوا كتاباً أو بحثاً عن العمل الذي قاموا به لاحقاً هذا المنتج أصبح عبارة عن وثيقة تاريخية سنحتفظ بها، وجائزة فخري البارودي لها ميزة خاصة أنها تتم ببيت البارودي راعي الشباب».

وأضاف منصور: إن «الأبحاث تتميز بشكل عام أنها عن البيئة الدمشقية والطابع الدمشقي، ولدينا أبحاث متعلقة بالروايات التي كنا نسمعها في أيام الثمانينيات والسبعينيات والستينيات وأصبحت كقصة تحكى تم توثيقها بدمشق».

من جانبه قال الراعي الرسمي للحفل مدير بنك الشام أحمد اللحام: «نحن سعداء جداً في استمرار مؤسسة تاريخ دمشق في تنظيم جائزة فخري البارودي على مدى ثلاث دورات متتالية لما لها من دور فاعل في الحفاظ على التراث والتاريخ السوري، وتعود أهمية هذه الأبحاث لأنها تصب في مصلحة التاريخ التوثيقي للوطن إلى جانب قيمته المضافة التي تحقق المنفعة العلمية للمجتمع وتعود على الباحث نفسه بفوائد شخصية مهمة».

من جهته بين مستشار وزيرة الثقافة نزيه خوري أن «دمشق من أقدم مدن العالم فإن التوثيق فيها مهم يحافظ على آثارها وما مر بتاريخها من أحداث سواء سياسية أم عمرانية، وهي بمثابة شاهد للأجيال اللاحقة عن تاريخ هذه المدينة وكيف عاشت خلال مراحل تطور عمرانها وحياتها وتشكل حضارتها».

وقال عضو المكتب التنفيذي في محافظة دمشق المحامي فيصل سرور: إننا «نعتز بهذه المؤسسة لأنها تعنى بالمجتمع السوري بشكل عام القديم والحاضر ورجالاتنا وقاماتنا الوطنية والثقافية والأدبية».

كلمة الفائزين

وقالت يارا سمير الحسواني الحائزة على المركز الأول: إن «الفكرة بدأت من البيت عندما يكون شاهد على حيوات عدة في مدينة دمشق وإذا أردنا فهم ذلك أكثر يجب أن نسأل بيوتها قبل أن نسأل سكانها، وركزت بشكل خاص على التاريخ النسائي لمدينة دمشق لأن أحد تلك البيوت كانت تقطنها ماري عجمي».

بينما بين أحمد خالد الطبل الحائز على المركز الثاني أنني «فوجئت أنه ليس لدينا مصادر تخص الصالونات الثقافية التي حدثت في دمشق لذلك كنت مضطراً لأبحث بشكل متواصل في مكتبة الأسد لأجمع سير ذاتية لكل من يحضر تلك الصالونات وأستخلص التعليق عن الصالون الثقافي وأبحث عن أسماء جديدة».

وبينت رهف نزيه الحموي الحائزة على المركز الثالث أن: «الصعوبة الأكبر التي واجهتها من من الممكن أن يروي لي تلك الحكايات القديمة؟ وقد أخذت معي فترة 5 شهور لأجمع كل المعلومات المتعلقة بذلك، استطعت توثيق 11 حكاية من كركوز وعيواظ وسير عنترة والزير وكان يا مكان وتوتة توتة خلصت الحتوتة كانت الفقرة الأصعب، وهي تعتبر جزءاً من تاريخ دمشق حيث كانت لا تحلو الجلسات من دون سرد قصص وحكايات واقعية أو من محض الخيال».

عن المؤسسة

مؤسسة تاريخ دمشق هي مؤسسة وطنية غير حكومية وغير ربحية، تُعنى بتاريخ مدينة دمشق، من خلال إطلاق مشاريع وبرامج تعنى بالحفاظ على وثائق مدينة دمشق وجمعها وتصنيفها، إضافة إلى البحث عن حقيقة تراث المدينة وتاريخها وأنماط العيش فيها وإعادة تصويب ما شابها من أخطاء، وحفظها من الضياع والاندثار، أشهرت المؤسسة بقرار وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل رقم 1041 تاريخ 18 نيسان 2017.

رسالة المؤسسة

في السنوات القليلة الماضية تعرضت مدينة دمشق، شأنها شأن كل المدن السورية، إلى تغيرات جسيمة فرضتها الحرب الدائرة في البلاد، أدت إلى تشويه هوية المدينة البصرية والثقافية، وإلى خراب بعض أحيائها القديمة مع انهيار عدد لا يستهان به من القصور والبيوت الأثرية، وإلى ضياع نسبة كبيرة من أرشيف دمشق المادي والورقي نتيجة القدم والإهمال والفساد.

في خريف عام 2016 قررت مؤسسة تاريخ دمشق الانطلاق في مشروعها التوثيقي وهي مؤسسة غير حكومية وغير ربحية، هدفها الحفاظ على ما تبقى من ذاكرة دمشق، عقدت أول اجتماعات المؤسسة في بيت دمشقي صغير في «حارة الورد» بحي سوق ساروجا، أصبح اليوم مركزاً لأعمال المؤسسة، يدار من مجموعة من المتطوعين، من فنيين وتنفيذيين وأعضاء مجلس أمناء ومؤسسين.

لتمارس سعيها الدائم للبحث عن الصور القديمة والأفلام والصوتيات، إضافة للمطبوعات والأوراق الشخصية والمذكرات غير المنشورة والكتب القديمة والمخطوطات والمراسلات الخاصة والرسمية، جميع تلك الكنوز أو ما تبقى منها موجود إما في مستودعات الدوائر الحكومية وإما داخل دور دمشق القديمة في حوزة أهلها، يتناقلونها بالتوارث من جيل إلى آخر.

الكثير من تلك الأوراق والمستندات قد بدأت تتلاشى وتضيع بسبب الإهمال وسوء ظروف الحفظ، وظهر عدد كبير منها في مراكز أبحاث غربية، في باريس ولندن وواشنطن، بعد أن تم تهريبها من سورية خلال السنوات الماضية.

تسعى مؤسسة تاريخ دمشق إلى جمع تلك الأوراق المبعثرة في متحف إلكتروني والاحتفاظ بالنسخة الأصلية منها عند الإمكان إلى حين انتهاء الحرب الدائرة في سورية، حيث سيتم عرضها في متحف فعلي يكون تحت تصرف المهتمين والباحثين في التاريخ الدمشقي المعاصر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن