قضايا وآراء

بيلوسي.. «البسوس» الأميركية في جولة استفزازية

| هديل علي

تلك العجوز المستشقرة نانسي بيلوسي ستشعل ناراً لا يمكن إخمادها، «البسوس» الأميركية سيذكرها التاريخ بأنها أيقظت غل النفوس بين بكين وواشنطن.

رئيسة مجلس النواب الأميركي التي ستتقاعد بعد أقل من ثلاثة أشهر لا يمكن أن تسعى لإحراج رئيسها الذي ينتمي لحزبها الديمقراطي، على الرغم من دفع الرئيس الأميركي جو بايدن وزارة الدفاع لإبداء نصيحة لبيلوسي بتأجيل الزيارة، حيث إن وزارة الدفاع ترى أنه من غير المناسب حالياً أن تقوم رئيسة مجلس النواب بزيارة رسمية إلى تايوان.

إذا ما هدف مثل هذه الزيارة إلى منطقة تشهد توتراً كان ظاهراً بشكل جلي، قبل أن يغطي دخان الأزمة الأوكرانية المشهد العالمي، وخاصة أن مضيق تايوان يضج بجميع أنواع حاملات الطائرات والقطع البحرية العسكرية المتعددة الجنسيات.

ورغم كل التحذيرات التي أطلقتها بكين، حطت بيلوسي في مطار العاصمة التايوانية تايبيه، وحتى هذه اللحظة، اقتصر الموقف الصيني على الإعلان عن مناورات عسكرية حول تايوان والتنديد والشجب لما سمته الخيانة الأميركية المتعمدة لمبدأ «الصين واحدة»، والسؤال الذي يفرض نفسه الآن: هل سيكون بايدن على استعداد لتحمل تبعات التدهور الذي سيطرأ على طبيعة العلاقات بين البلدين، مع اقتراب موعد الانتخابات النصفية الأميركية في تشرين الثاني المقبل؟ وخاصة أن الجمهوريين في كثير من الولايات الأميركية يستعدون لتقديم مشاريع قوانين محلية، تسعى لفرض تعديلات على قواعد التصويت من أجل «تعزيز الثقة» بالنظام الانتخابي، الذي اتهمه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب والجمهور الموالي له، بأنه سبب خسارته للانتخابات.

من جهة أخرى، إذا لم تقم بكين بأي رد فعل ميداني على زيارة بيلوسي إلى تايوان، وهو أمر يطرحه بعض المحللين باعتبار أن سياسة الصين لا تسعى في عقيدتها للتصعيد، فسيكون لذلك الأمر منعكسات داخلية سياسية واقتصادية، لأنه بحسب المعلومات فإن بايدن يعيد النظر حالياً في التعرفات الجمركية العالية التي فرضها ترامب على الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة، ومثل هذا التطور يهم الصين كثيراً، لأنه سيرفع من نموها الاقتصادي القائم في الأساس على نمو الصادرات، والذي تدنى في السنوات الأخيرة إلى 3.3 بالمئة، بعد أن كان يفوق 8 بالمئة، بسبب كورونا أولاً وتدهور العلاقات مع كل من واشنطن وبروكسل، لتكون أمام خيارين صعبين هما مبدأ «الصين واحدة»، والحفاظ على نمو اقتصادي متوازن ومتزامن مع أزمة عقارات خطيرة على مستوى البلاد كلها، في الوقت نفسه فإن الولايات المتحدة هي الأخرى لا تريد أن تبدو ضعيفة، ولا تستطيع أيضاً التخلي عن تايوان، وخاصة أن سمعتها في كل أنحاء العالم في الحضيض من جهة تخليها عن حلفائها أو أتباعها إذا صح التعبير، وحكومة كابل قبل طالبان في أفغانستان خير شاهد على ذلك.

قانون العلاقات مع تايوان لعام 1979، الذي يحكم العلاقات الأميركية مع الجزيرة، لا يتطلب من الولايات المتحدة التدخل عسكرياً للدفاع عن تايوان في حالة «غزو» الصين، ولكنه يجعل من السياسة الأميركية ضماناً بأن لدى تايوان الموارد اللازمة للدفاع عن نفسها، ومنع أي تغيير أحادي الجانب للوضع في تايوان من قبل الصين، أي إن الموقف الأميركي من أي تصعيد عسكري صيني سيكون بالآلية ذاتها والأسلوب الذي استخدمته الولايات المتحدة مع أوكرانيا في مواجهة روسيا، وهو التصريحات النارية مع بعض الخردة تحت مسمى مساعدات عسكرية دفاعية، فهل تتحول الأنظار من شرق أوروبا إلى آسيا؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن