سورية

خيارات المناورة أمام أردوغان ضيقة وهدوء ميداني يلف جبهات القتال … قمة «سوتشي» الروسية – التركية: مسارات بديلة للعدوان.. واتفاقا «موسكو» و«أضنة» على الطاولة

| حلب - خالد زنكلو - حماة - محمد أحمد خبازي - دمشق - الوطن - وكالات

لف الهدوء الحذر جميع جبهات القتال شمال غرب وشمال شرق سورية قبل اجتماع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان المقرر في منتجع سوتشي الروسي على البحر الأسود يوم الجمعة القادم، في انتظار «التفاهمات» المتوقع أن يخرج بها الاجتماع، بما يخص الملف السوري.

وذهب مراقبون لتطور العلاقات الروسية- التركية ومآلات اجتماعات القمم الثنائية بين بوتين وأردوغان على الواقع السوري، إلا أن الأخير سيطرق باب «سوتشي» بخيارات محدودة وهوامش مناورة ضيقة، قيدتها قمة رؤساء الدول الضامنة لمسار أستانا، روسيا وإيران وتركيا، في ٢٨ الشهر الماضي بالعاصمة الإيرانية طهران.

ورأى المراقبون في تصريحات لـ«الوطن»، بعدما كشف الكرملين أن الأزمة السورية ستكون حاضرة على أجندة اجتماع الرئيسين، أن بوتين ليس بصدد تقديم تنازلات لأردوغان، عجز الأخير عن الحصول عليها في «قمة طهران»، من دون أن يعني ذلك احتمال التوصل، وعبر مباحثات مفصلة، إلى صيغ واتفاقيات تحكم مستقبل خطوط الاشتباك السورية شمال وشمال شرق البلاد، كما هي عادة القمم الثنائية بين الرئيسين، وخصوصاً في محطات «سوتشي» القادرة على تحقيق اختراقات وإنتاج «تفاهمات» جديدة تقرب مصالح البلدين المتضاربة والمتنافرة.

وفي مقدمة التوقعات لمخرجات القمة المقبلة، حسب المراقبين، استمرار وضع، العملية العسكرية التركية الذي هدد نظام أردوغان بشنها منذ ٢٣ أيار الماضي لاقتطاع أراضٍ سورية جديدة لإقامة ما سماه «المنطقة الآمنة» المزعومة وخصوصاً في تل رفعت ومنبج، على الرف أو في الثلاجة، مع البحث عن «مسارات بديلة» تنقذ ماء وجه أردوغان أمام ناخبيه في الداخل التركي قبيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة في تموز المقبل.

وأعربوا عن اعتقادهم بأنه من تلك المسارات، وضع اتفاق «أضنة» الأمني بين دمشق وأنقرة لعام ١٩٩٨ حيز التنفيذ، ولو على مراحل، بحيث «يقنع» الضامنان الروسي والإيراني لمسار أستانا ميليشيات «قوات سورية الديمقراطية- قسد»، تطبيقه على الرغم من ضغوط واشنطن عليها للابتعاد عن محور موسكو- طهران- دمشق.

ولفتوا إلى أن بوتين بموقع من القوة، اكتسبها بحكم تقدم بلاده عسكرياً وسياسياً واقتصادياً في صراعها مع الغرب على خلفية حربها في أوكرانيا، حيث يضغط على أردوغان لوضع برنامج زمني لتنفيذ بنود «اتفاق موسكو» التي تنص على إعادة وضع المقطع من طريق عام حلب- اللاذقية والمعروفة بـ«M4» والذي يصل بين سراقب وتل الحور شمال اللاذقية في الخدمة، وما يعنيه ذلك من انسحاب الإرهابيين إلى شمال الطريق، بعد مماطلة من أردوغان لتنفيذ الاتفاق استمرت منذ ٥ آذار ٢٠٢٠.

ورجح المراقبون اصطفاف نظام أردوغان في المرحلة المقبلة بشكل أكبر وواضح إلى جانب روسيا في صراعها مع الغرب، بسبب تشابك الملفات الحيوية بين البلدين وأهميتها مقارنة بعلاقة أنقرة بواشنطن، لحاجة الاقتصاد التركي راهناً إلى روسيا التي يمكن أن تضمها إلى منظمة «بريكس» وتفعل تبادلاتها التجارية معها بالعملات الوطنية على حساب الصعبة التي استنزفت بشراء حوامل الطاقة وأودت بالليرة التركية إلى الحضيض.

يدل على ذلك ما أورده معهد الإحصاء التركي أمس بأن صادرات البضائع التركية إلى روسيا في حزيران الماضي، زادت بنسبة ٤٦ بالمئة مقارنة بالعام السابق وبنسبة ٥٢ بالمئة عن الشهر الذي سبقه، ما يؤشر إلى أهمية روسيا اقتصادياً بالنسبة إلى تركيا.

ميدانياً وقبل ٣ أيام من قمة «سوتشي»، فرض الهدوء الحذر نفسه أمس على مناطق الاشتباك في عموم المناطق التي يحتلها النظام التركي ومرتزقته شمال وشمال شرق سورية، وتراجع منسوب التصعيد العسكري الذي انتهجه جيش الاحتلال التركي ومرتزقته منذ مطلع الأسبوع الماضي، وبشكل واضح، وخاصة في ريفي حلب والحسكة الشماليين اللذين شهدا تصعيداً غير مسبوق، وذلك حسب شهادات الأهالي في تلك المناطق لـ«الوطن».

وفي منطقة «خفض الصعيد» بيَّنَ مصدر ميداني لـ«الوطن»، أن وحدات الجيش العاملة بريف حماة الشمالي الغربي، دكت بالمدفعية مواقع للإرهابيين في محاور التماس، وفي القاهرة والعنكاوي وقليدين والسرمانية وخربة الناقوس بسهل الغاب الشمالي الغربي.

كما دكت الوحدات العسكرية العاملة بريف إدلب نقاط تمركز الإرهابيين في شنان ودير سنبل وسان والفطيرة وكفرعويد وسفوهن وكنصفرة وبينين والرويحة والبارة بريف إدلب الجنوبي وفي معربليت بريفها الشرقي، وفق قول المصدر.

وأوضح المصدر أن ضربات الجيش كانت رداً على مجموعات إرهابية مما تسمى غرفة عمليات «الفتح المبين»، التي اعتدت بقذائف صاروخية على نقاط عسكرية، على محور المنارة في سهل الغاب، ومحور حرش كفرنبل بريف إدلب.

وفي السياق ذكرت وكالة «نورث برس» التابعة لميليشيات «قوات سورية الديمقراطية– قسد» أن قوات الاحتلال التركي المنتشرة في إدلب، عززت نقاطها المتواجدة بالقرب من خطوط التماس مع قوات الجيش العربي السوري، بمنطقة جبل الزاوية.

ونقلت الوكالة عما سمته مصادر عسكرية في المعارضة أن قوات الاحتلال التركي عززت نقاطها المنتشرة في كل من كنصفرة وبليون والبارة المحاذية لمناطق سيطرة الجيش العربي السوري جنوب إدلب، بعشرات الآليات العسكرية من بينها دبابات، تحمل على متنها أيضاً عشرات من جنود الاحتلال التركي.

بدوره نقل موقع «أثر برس» عن مصادر، أن قوات الاحتلال التركي شرعت بإنشاء قاعدة عسكرية ثانية بين قريتي سان وجوباش بالقرب من خطوط التماس بريف إدلب الشرقي.

وأشارت المصادر إلى أن القاعدة التركية الأولى تقع بين قريتي سان وداديخ، فيما تقع القاعدة الثانية بين سان وجوباش، لافتة إلى أنه حتى ساعة إعداد هذه المادة لم تستقدم أنقرة أي آليات عسكرية.

وفي البادية الشرقية، بيَّنَ مصدر ميداني لـ«الوطن»، أن الوحدات المشتركة من الجيش والقوات الرديفة، كبدت تنظيم داعش الإرهابي خسائر فادحة بالأفراد والعتاد، خلال عملياتها البرية بتمشيط قطاعات من مدينتي تدمر والرقة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن