من دفتر الوطن

بين المسؤول والموظف!!

| عبد الفتاح العوض

عندما تتحدث عن وزير فأنت تتحدث عن مسؤول، والمسؤولية تقتضي أن يكون قادراً على اتخاذ قرارات والدفاع عنها مثلما يكون لديه الشجاعة للاعتراف بالأخطاء والتراجع عنها.

أما أن يتحول المسؤولون إلى موظفين ففي ذلك مصيبة كبيرة ندرك نتائجها عندما يلتزم المسؤول بحرفية النص وليس بروح العمل.

وبصراحة..

محاسبة الفساد طالت الكثير من الذين امتلكوا الشجاعة لاتخاذ قرارات لم تلتزم بحرفية القواعد.

لكن الفاسدين لديهم القدرة والبراعة في استخدام القواعد لتكون لباساً يقيهم المساءلة والظهور بشكل الملتزم بالقوانين، وخلال الفترة السابقة بدا واضحاً لنا جميعاً أن الآلية الحكومية تشجع على وجود الموظفين وليس المسؤولين. فالموظف ينفذ أوامر وقرارات، على حين المسؤول يصنع المبادرات ويصدر القرارات والفارق شاسع بين الاثنين.

لهذا أصبح لدينا جيش من الموظفين، على حين نعاني من ندرة بالمسؤولين.

لاحظوا معي كيف نجحنا في إكرام الموظف المطيع الذي ينفذ ما يطلب منه، ولكن لم «يناسب» أولئك الذين لم يعجبهم أو لم يناسبهم ثوب الموظف.

ملاحظة أخرى… كثير من «المسؤولين» ما إن يخرجوا من المنصب حتى يصبحوا «عالة» حتى طروحاتهم ويبدؤوا في تقديم النصائح، بينما التزموا الصمت والطاعة العمياء عندما كانوا في مواقعهم.

عندما يقول لك وزير هذه هي التوجيهات فإنه لا يتصرف كمسؤول بل يتصرف كموظف مؤدب. ومما نفتقر له في هذا المجال أن يكون «المسؤول» مثقفاً.. وهذه النقطة لها علاقة بالقدرة على رؤية الأشياء من وجهات نظر مختلفة.. فالمسؤول ليس بالضرورة أن يكون فقط ملماً باختصاصه، هذا يمثل فعلاً صورة الموظف التقليدي، لكن المسؤول يحتاج إلى أشياء أخرى تشكل إضافات لشخصيته، وهذا ما لا نعرفه عن معظم مسؤولينا.. ربما يكون لدى البعض منهم هذه الصفات، لكننا لا نراها ولا نعرفها، لأنه مصرّ أن يكون مجرد موظف، ويحصر نشاطاته في إطار ما يطلب منه فقط.

من «مزايا» بعض المسؤولين الموظفين لدينا عدم قدرتهم على الحديث أمام الجمهور، وغالباً يتذرعون بالصمت خوفاً من الانتقاد، سواء لمضمون ما يقولونه أو لأسلوب وطريقة تقديمهم لأنفسهم.

سيكون مهماً جداً أن نبدأ بإعداد القادة.. والمسألة تحتاج إلى دورات متخصصة واختبارات حقيقية وأشكال من التنافس في مجال الإدارة فلا يكفي أن تكون «السيرة الذاتية محشوة بالقليل والكثير، بل المهم ما يمكن أن يظهر بالتجربة والاختبار.

في فترة من الفترات كنا نتحدث عن قلة رجال الدولة وندرة وجودهم، لكننا الآن نتحدث عن الفقر حتى في المسؤولين القادة.

أقوال:

– الطيبون لا يحتاجون إلى قوانين ليتصرفوا بمسؤولية.. والسيئون سوف يجدون طريقة للالتفاف حول القوانين.

– نحن نفضل الذنب الجماعي الذي لا معنى له على المسؤولية الفردية ذات المعنى.

– القائد دائماً يسعى إلى إقناع تابعيه لقراراته ومواقفه التي يتخذها.

– ولكن المدير لا يهتم بإقناع الموظفين بقراراته، ويحب أن يسعوا دائماً لتنفيذ ما يؤمَرون به فقط لا غير.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن