سورية

في مقابلة مع «صنداي تايمز» البريطانية.. أكد أن الروس يحمون سورية والعراق وأوروبا من الإرهاب.. ومؤتمر الرياض ليس حدثاً مفصلياً.. الرئيس الأسد ينتقد انضمام لندن للتحالف «الوهمي».. ويؤكد: سنستخدم أي وسيلة متاحة لحماية مجالنا الجوي والأولوية لمحاربة الإرهابيين على الأرض.. الانتخابات المبكرة تجري فقط كجزء من حوار سوري شامل ومن حقي الترشح

انتقد الرئيس بشار الأسد انضمام بريطانيا إلى التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي في سورية، واصفاً حديث رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عن وجود 70 ألف مقاتل «معتدل» بأنه استمرار «لمسلسله الهزلي»، واعتبر أن مؤتمر الرياض «لن يغيّر شيئاً على الأرض» لأن السعودية ما زالت تدعم الإرهاب، ومبينا في الوقت ذاته أن لا مشاركة لقوات روسية برية في القتال على الإطلاق، وأكد أن الجيش العربي السوري هو أكبر داعم للأكراد بوصفهم مواطنين سوريين يواجهون الإرهاب، كما يدعم مجموعات أخرى.
ووصف الرئيس الأسد أن التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن في سورية بـ«الوهمي والافتراضي»، لكنه قال: «إذا كانوا مستعدين، وجديين ومخلصين في مكافحة الإرهاب، فإننا نرحب بأي بلد في العالم وبكل جهد سياسي يهدف إلى ذلك».
وأوضح أن الروس يحمون سورية والعراق والمنطقة بل أوروبا أيضاً من التهديدات الإرهابية بعد توسع التنظيمات الإرهابية بعد إطلاق التحالف الدولي لضرباته في صيف عام 2014.
وإذ أعلن أن سورية ستستخدم أي وسيلة متاحة لحماية مجالها الجوي، نافياً امتلاكها حتى الآن لمنظومة الدفاع الجوي الروسية «إس 300»، بين أن الأولوية بالنسبة للحكومة السورية «الآن» تتمثل في «محاربة الإرهابيين على الأرض».
وفي مقابلة مع صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية، شكك الرئيس الأسد في امتلاك لندن «الإرادة والرؤية» اللازمتين لمحاربة الإرهاب وهزيمته. وقال: «نعرف أن بريطانيا وفرنسا شكلتا رأس الحربة في دعم الإرهابيين في سورية، منذ بداية الصراع. كما نعرف أنهم لا يمتلكون الإرادة». وقارن بين النتائج التي حققها كل من التحالف الدولي والعملية الروسية ضد الإرهاب في سورية، مبيناً أن الأول لم يحقق شيء واكتفى بـ«جرح سرطان الإرهاب الذي ينبغي استئصاله بشكل نهائي»، في حين أدت الثانية إلى «انكماش» التنظيمات الإرهابية، ليخلص إلى القول: إن «مشاركتهم (البريطانيين والفرنسيين) لن تحقّق أي نتيجة»، فضلاً عن أنها «ضارة وغير قانونية». و«ستشكّل دعماً للإرهاب على غرار ما حدث بعد شروع التحالف في عملياته قبل أكثر من سنة».
ورأى الرئيس الأسد أنه لا فروق بين تنظيمي جبهة النصرة وداعش، «(فـ)الأول ينتمي إلى القاعدة، والثاني أيضاً ينتمي إلى القاعدة. لا اختلاف بينهما إلا في الاسم، وربما في بعض التفاصيل الثانوية»، مبيناً أن المشكلة مع هذه التنظيمات تتعلق بـ«الأيديولوجيا الوهّابية الظلامية المنحرفة» التي تعتنقها.
وجاء رد الرئيس الأسد قاسياً على سؤال بشأن ما قاله كاميرون أمام مجلس العموم لتوسيع الضربات الجوية البريطانية إلى سورية، عن وجود (70) ألف مقاتل ينتمون إلى «المعارضة المعتدلة» يمكن للغرب التعاون معهم في محاربة داعش. وقال الرئيس الأسد: «سأكون صريحاً ومباشراً حول هذه المسألة. هذه حلقة جديدة في مسلسل ديفيد كاميرون الهزلي. وهذا أمر غير مقبول. أين هؤلاء؟ أين هؤلاء الـ70 ألف معتدل الذين يتحدث عنهم؟». وأعاد إلى الأذهان أن المسؤولين الروس يسألون منذ بدؤوا عمليتهم في سورية قبل شهرين «أين أولئك المعتدلون؟»، مبيناً أن أحداً «لم يجبهم» حتى الآن. واستطرد شارحاً «منذ بداية الصراع في سورية، لم يكن هناك أي مقاتلين معتدلين. جميعهم متطرّفون»، مبيناً أن إطلاق الوصف المعتدل عليهم أشبه، بوصف الإرهابيين الذين نفذوا هجمات باريس الأخيرة، واعتدوا على مجلة «تشارلي إيبدو»، وقبلها بنحو عقد هجمات بريطانيا وإسبانيا، إضافة إلى منفذي أحداث «11-9» بـ«المعارضة المعتدلة».
وبيّن أن «الأكراد يقاتلون الإرهابيين إلى جانب الجيش السوري وفي نفس المناطق»، مبيناً أنهم «يتلقون الدعم بشكل رئيسي من الجيش السوري» رداً على سؤال حول تلقيهم الأسلحة من أميركا، وأضاف: «أرسلنا لهم (الأكراد) الأسلحة لأنهم مواطنون سوريون، ولأنهم يريدون محاربة الإرهاب، كما نفعل مع العديد من الجماعات الأخرى».
واعتبر الرئيس الأسد، أن التحالف الدولي «سيفشل» في هزيمة الإرهاب، لافتاً إلى أن «الواقع يدل على ذلك». وقال «لا يمكن إلحاق الهزيمة بداعش من خلال الضربات الجوية، (من) دون التعاون مع القوات على الأرض. لا يمكن إلحاق الهزيمة به دون مشاركة الحكومة والناس بشكل عام».
ورداً على سؤال بشأن رد سورية على استمرار التحالف الدولي في رفض التنسيق مع الجيش العربي السوري، قلل الرئيس الأسد من شأن التحالف واصفاً إياه بـ«الوهميّ والافتراضي» وأضاف «بما أن الوهم لا وجود له، فإننا لا نضيع الوقت في مناقشة ما قبل وما بعد».
وشدد على أن دمشق لن تطلب من الدول الغربية «التعاون» في محاربة الإرهاب، لأنها (دمشق) «واقعية» وتدرك «أنهم لن يفعلوا ولا يمتلكون الإرادة لفعل ذلك»، لكنه قال «إذا كانوا مستعدين، وجديين ومخلصين في مكافحة الإرهاب، فإننا نرحب بأي بلد في العالم وبكل جهد سياسي يهدف إلى ذلك.. نريد تسوية الوضع في سورية ومنع المزيد من سفك الدماء».
وشدد على أن استمرار المجموعات المسلحة في تلقي «دعم غير محدود» من الدول الغربية ومختلف البلدان في المنطقة، «هو ما يجعل المشكلة تطول وتطول، ويجعلها أكثر تعقيداً واستعصاءً على الحل. وهذا يعني أن مُهمتنا ستتحقق لكن بثمن باهظ سيدفعه السوريون في المحصلة»، وألقى المسؤولية عن مقتل أكثر من 200 ألف شخص على عاتق الدول التي توفر الدعم التنظيمات الإرهابية.
وبالنسبة لدور موسكو في مساعدة سورية لمواجهة الأزمة، قال الرئيس الأسد: «الدور الروسي مهم جداً، وقد كان له أثر كبير في الساحتين العسكرية والسياسية في سورية. لكن القول: إنه دون هذا الدور، فإن الحكومة أو الدولة كانت ستنهار، أمرٌ افتراضي». وأكد أن «الدعم الروسي للشعب السوري والحكومة السورية لعب منذ البداية، إلى جانب الدعم القوي والراسخ لإيران، دوراً مهماً جداً في صمود الدولة السورية في محاربتها للإرهاب».
ولفت الرئيس الأسد إلى أن الروس رأوا في توسع «النصرة» وداعش في سورية والعراق على الرغم من إطلاق التحالف الغربي لعملياته قبل عام، «تهديداً لسورية والعراق، والمنطقة بشكل عام، وكذلك لروسيا وباقي أنحاء العالم»، وأضاف «نستطيع أن نرى ذلك كواقع مُعاش في أوروبا اليوم». وتابع «إذا قرأتِ وحلّلتِ ما حدث في باريس مؤخراً، وفي حادثة تشارلي إيبدو، ليس كحوادث منفصلة، ستدركين أن ثمة أمراً مهمّاً جداً.. كم من الخلايا الإرهابية يوجد الآن في أوروبا؟ كم من المتطرّفين صدّرتم من أوروبا إلى سورية؟ هنا يكمن الخطر. يكمن الخطر في وجود حاضنة. ويستطيع الروس رؤية ذلك بوضوح».
وخلص إلى أن الروس «يريدون حماية سورية والعراق والمنطقة، وأنفسهم، بل وحماية أوروبا»، ومضى مؤكداً: «لا أُبالغ حين أقول: إن الروس يحمون أوروبا اليوم».
ورداً عما إذا كان يعتقد بالحاجة إلى قوات برية روسية إلى جانب الضربات التي ينفذها سلاح الجو الروسي، قال الرئيس الأسد «لا، هذا ليس وارداً حتى الآن»، ومضى موضحاً: «ليس هناك أي قوات برية باستثناء الطواقم التي يرسلونها مع قواتهم العسكرية وطائراتهم لحراسة القواعد الجوية، وهذا أمرٌ طبيعي. ليس لديهم أي قوات برية تقاتل مع القوات السورية على الإطلاق».
وتابع: «لم تناقش (مع روسيا) بعد» خطط لتدخل روسي بري، وأضاف «لا أعتقد أننا بحاجة لذلك الآن، لأن الأمور تسير بالاتجاه الصحيح. قد يتم التفكير بذلك مع مرور الوقت أو تحت ظروف مختلفة، لكن في الوقت الراهن، لم تتم مناقشة ذلك».
ورداً على سؤال عما إذا كانت سورية ستستخدم منظومة «إس 300» الروسية للدفاع الجوي، في حال حصلت عليها، لتحمي أجواءها وتبعث للتحالف برسالة مفادها: عليكم التعامل معنا بشكل مباشر، أو التنسيق معنا على الأرض، قال الرئيس الأسد: «هذا من حقنا، وينبغي أن يكون من المتوقّع أن نمنع أي طائرة من انتهاك مجالنا الجوي. هذا أمر قانوني بالمطلق. سنستخدم أي وسيلة متاحة لحماية مجالنا الجوي». وإذ بين أن سورية «لا تمتلك منظومة «أس 300 حتى الآن»، شدد على أنها ستستخدم «جميع الأنظمة الدفاعية التي ستحصل عليها» لحماية أجوائها، لكنه بين أن «المسألة مسألة أولويات» وأن الأولوية بالنسبة للحكومة السورية «الآن» تتمثل في «محاربة الإرهابيين على الأرض»، الذين وصفهم بـ«الخطر الأكبر». وأضاف قائلاً: «نحن حريصون بالطبع على حماية مجالنا الجوي ومنع التدخل الخارجي في شؤوننا الداخلية، سواء كان ذلك عسكرياً أو غير ذلك. لكن الأولوية الآن هي لإلحاق الهزيمة بالإرهابيين. وبهزيمة الإرهابيين، وبعضهم سوريون، نستطيع المضي أبعد من ذلك وحماية البلد كله من الأجانب».
وأكد الرئيس الأسد عدم وجود «مستحيل» في السياسة، وذلك في معرض رده على سؤال افتراضي بشأن دعوة الرياض له من أجل إجراء نقاشات جادة حول مستقبل سورية، لكنه ربط حصول اجتماع مع السعوديين بحدوث «تغيير» في سياسة السعودية حيال سورية، ودعمهم للإرهاب.
وقلل من أهمية مؤتمر المعارضة المزمع عقده في الرياض، قائلاً: إنه «لن يغيّر شيئاً على الأرض (و) لا يشكّل حدثاً مفصلياً يمكن مناقشته». وأشار إلى أن السعوديين يدعمون الإرهاب بشكل مباشر وصريح وعلني.. قبل الاجتماع وبعده، تقدّم السعودية الدعم للإرهابيين، وستستمر في تقديمه».
وفيما يتعلق بإعلان فيينا، شدد على أن البند الأكثر أهمية هو أن على السوريين أن يجتمعوا لمناقشة مستقبل سورية، وأضاف «كل ما عدا ذلك ثانوي»، ووصف اجتماع فيينا بأنه «لا يعدو كونه اجتماعاً لإعلان النوايا، وليس العملية الفعلية التي تتمثل في الجلوس إلى الطاولة ومناقشة المستقبل»، وخلص إلى أن «المسألة لا تتعلق بالنتائج الناجمة عن فيينا، بل بما نستطيع نحن كسوريين أن نحقّقه عندما نجتمع».
ورداً على سؤال حول تصريحات وزير الخارجية جون كيري التي قال فيها إنه قد يكون من الممكن أن تتعاون الحكومة السورية وقوات المعارضة ضد مقاتلي داعش من دون أن يكون الرئيس الأسد قد ترك السلطة أولاً وتصريحات وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، بأنه لم يعد يعتقد أن رحيل الرئيس الأسد ضروري قبل أي عملية انتقال سياسي في سورية، قال الرئيس الأسد: «إذا كان السياق يتعلق بتسوية الصراع في سورية، ليس هناك علاقة بين الانتخابات المبكرة وإنهاء الصراع»، مؤكداً أن إنهاء الصراع يمكن أن يحدث فقط من خلال محاربة الإرهاب وإيقاف الأنظمة الغربية والإقليمية لدعمها للإرهابيين.
وأوضح، أنه «سيتم إجراء الانتخابات المبكرة فقط كجزء من حوار شامل حول المستقبل بين مختلف القوى السياسية ومجموعات المجتمع المدني في سورية»، مضيفاً: «هكذا، فإن الأمر لا يتعلق بإرادة الرئيس، بل بإرادة الشعب السوري بتبني عملية سياسية معينة».
وتابع: «إذا تم الاتفاق على مثل هذه العملية، من حقي، كأي مواطن سوري آخر، أن أترشح؛ وسيستند قراري حينذاك إلى قدرتي على الوفاء بالتزاماتي وعلى إذا ما كنت أتمتع أو لا أتمتع بتأييد الشعب السوري. في كل الأحوال، لا يزال الوقت مبكراً لذلك، فكما تعلمين، لم يتم الاتفاق على مثل تلك العملية بعد».
ورداً على سؤال حول خشية معارضين في الخارج ممن يرفضون حمل السلاح، العودة إلى سورية لأنهم سيعتقلون حالما يصلون إليها، أجاب الرئيس الأسد: «لقد قلنا بوضوح إنه عندما يكون هناك اجتماع في سورية يرغبون بحضوره، فإننا نضمن ألا يتم اعتقالهم أو احتجازهم. لقد قلنا ذلك مراراً. ليس لدينا مشكلة في هذا الصدد».
وأوضح أن الحكومة لديها «قنوات مباشرة مع بعض مجموعات المعارضة، لكن مجموعات أخرى لا تستطيع التواصل معنا لأن الحكومات التي تسيطر عليها لا تسمح لها بذلك»، وكرر «انفتاح الحكومة على كل الأطراف السلمية في المعارضة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن