الأولى

فرنسا الرسمية تتراجع!!

| المحرر السياسي

في تصريح لافت وتراجع صريح، قال وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس أمس إن بلاده لم تعد تعتبر رحيل الرئيس بشار الأسد شرطاً قبل بدء مرحلة «الانتقال السياسي»، لتأتي هذه التصريحات الرسمية قبل أيام من انعقاد «مؤتمر الرياض للمعارضة» وبعد أيام من بدء التنسيق العسكري الفرنسي الروسي لمكافحة داعش، وبعد سنوات من التعنت وتجاهل الواقع والمطالبة برحيل الرئيس الأسد قبل أي تسوية سياسية.
فابيوس الذي أنهى فترة عمله في الخارجية الفرنسية ويستعد لمغادرة مقر الوزارة في «الكي دورسيه» إلى المجلس الدستوري خلال الأسابيع القادمة، بات فجأة أكثر واقعية وأكثر عقلانية، ولعل حاجة فرنسا لروسيا وللجيش العربي السوري من أجل القضاء على داعش الذي سبب واحدة من أكبر الكوارث الإرهابية داخل فرنسا راح ضحيتها 130 مواطناً فرنسياً في عملية لم تشهد لها أوروبا مثيلاً منذ نشأتها، هي من دفعت فابيوس وستدفع بغيره إلى استدارة في المواقف تجاه دمشق مع استعدادات عسكرية استثنائية روسية وأوروبية في البحر المتوسط تمهيداً لشن هجوم شامل على داعش فوق الأراضي السورية بالتعاون مع دمشق والجيش السوري الذي أثبت أنه الجيش الوحيد القادر على استئصال إرهاب داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية الممولة خليجياً وتركياً وكانت مدعومة من دول كفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية.
تشير الإحصاءات والأرقام المسربة إلى أن فرنسا قصفت داعش بـ680 قنبلة ذكية تزن كل واحدة منها 250 كيلوغراماً، ونتيجة هذا القصف اضطرت وزارة الدفاع الفرنسية إلى تثبيت طلبية من المصنعين الأميركيين للحصول على مزيد من هذه القنابل التي تستخدمها الطائرات الفرنسية في قصفها للتنظيم الإرهابي، الأمر الذي يظهر ضعف الإمكانات الفرنسية في هذه الحرب وصعوبة تمويلها، وهو ما يدفعها تلقائياً للتعاون مع موسكو والجيش الروسي وقريباً مع الجيش السوري التزاماً بوعدها للشعب الفرنسي بتدمير داعش والقضاء عليه نهائياً ثأراً لضحايا انفجارات باريس.
تصريحات فابيوس هي بداية الاستدارة، وستكتمل مع تعيين وزير خارجية جديد في الشهر الأول من العام القادم بعد أن تتخلص فرنسا من حقد فابيوس الشخصي تجاه سورية، ودبلوماسيته التي أدت في النتيجة إلى نمو الإرهاب دولياً ولم تحقق أياً من أهداف فرنسا لا في سورية ولا في ليبيا ولا مصر ولا العراق، ولا حتى في إيران التي سارع فابيوس إلى التقرب منها بحثاً عن العقود بعد أن كان أحد ألد أعدائها والمعطل الرئيس لمفاوضاتها النووية.
إن كل ما حققته فرنسا في السنوات الخمس الأخيرة كان أن رهنت سياستها للدول المؤسسة والممولة للإرهاب كالسعودية وقطر، فحصلت على فتات من عقود بعد وعود بالحصول على عشرات المليارات من الدولارات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن