ثقافة وفن

قصر الخورنق مربد الشعر العربي

| د. رحيم هادي الشمخي

يعد قصر الخورنق الذي شيده (النعمان بن امرئ القيس) عام 399م من ملوك (المناذرة) واحداً من أشهر قصور دولة المناذرة في العراق، وتروى في أسباب بنائه روايات بعض الإخباريين، حيث أوكل الملك النعمان المهمة إلى مهندس (رومي) يقال له (سنمار)، واستغرق العمل به عشرين عاماً، يتكون من 20 قاعة للشعر والفن والموسيقا، وأحواض للسباحة وقلاع حربية، وكانت نهاية بناء القصر بمقتل المهندس الذي بناه من قبل الملك النعمان حتى لا يوشي بأسرار خفايا بنائه، وهكذا أصبح المثل العربي (جزاء سنمار).

وتناقل ذلك الشعر العربي فقد ذكر في أبيات تُنسب إلى (عبد العزى ابن امرئ القيس الكلبي حول (جزاء سنمار).

جزاني جزاه اللـه شر جزائه
جزاء سنمار وما كان ذا ذنب
سوى رصّه البنيان عشرين حجة
يعلُ عليه بالقراميد والسكب
فلما رأى البنيان تم سحوقه
وأضَ كمثل الطود الشامخ الصعب
فقال اقذفوا بالعلج من فوق برجه
فهذا لعمر اللـه من أعجب الخطب

قصر الخورنق يعد مفخرة تاريخية عربية، فهذا القصر بناه عرب الحيرة اللخميون، متحدّين جبروت دولة فارس قبل الإسلام، في عهد (النعمان بن المنذر بن ماء السماء) ملك شاعر، قصده الشعراء والأدباء من كل حدب وصوب، وكان كريماً شجاعاً حكيماً، استطاع أن يحافظ على الهوية العربية من الضياع نتيجة لغزو الروم والفرس لبلاد العرب، إلى جانب ذلك فهذا القصر (الخورنق) يعكس جانباً مهماً من واقع الحضارة العربية الشامخ في عصر ما قبل الإسلام، فهو كما قيل عنه قصر عظيم، لم ترَ عين العرب مثله، فعدّ من غرائب الدهر ومن القصور الفخمة، إذ يتألف بناؤه من عدة طوابق، ويعكس لنا هذا الجانب ما توصل إليه الحيريون من علم ودراية في مجال الهندسة المعمارية، وذكر المؤرخون أن قصر الخورنق يعد مكاناً للراحة والاستمتاع لملوك الحيرة بما يوفره من هدوء وسكينة، فروي أن (النعمان بن امرئ القيس 390- 418م) أشرف ذات مرة من قصر الخورنق على النجف وما يليه من بساتين فأعجبه ما رأى في البر من الخضرة والنور والأنهار وفي الفرات من الفلاحين.

وفي مملكة الحيرة تغنى شقراؤها بقصر الخورنق.. إذ يقول الأسود بن يعفر النهشلي:

أهل الخورنق والسدير وبارق
والقصر ذو الشرفات من سنداد

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن