من دفتر الوطن

افرح يا قلبي..!

| عصام داري

أي قرار حكومي لا يصدر من دون دراسة تراعي المواطن ومصلحته بالأساس، وإلا فسيكون قراراً غير محمود العواقب.

ولكل قرار تفسير «منطقي» جداً عند المعنيين، لكن المواطن بطبعة «نرفوز» وعصبي ولا يتحلى بسعة الصدر والعياذ بالله.

يعني يا سادة يا كرام عندما ترفع وزارة حماية المستهلك (جميلة هذه التسمية يجب أن ينال مبتكرها وساماً) عندما ترفع سعر السكر على سبيل المثال فهي تعتمد على أسس متينة، فكل مواطن لديه أصدقاء أحلى من السكر والعسل، ويكفي أن يستعين بهؤلاء كي يغني مع سيد مكاوي «أوقاتي بتحلو معاك» أو يسمع صباح وهي تقول بدلع «زي العسل على قلبي هواك».

والحمد لله جميع السوريين لديهم عشيقات «زي العسل» لذا ما علينا إلا أن نطلب من الصبايا العسل تحريك العصير أو الشاي أو القهوة بأصابعهن حتى نحصل على الحلاوة المرجوة، والشيء نفسه نلجأ إليه عند صنع المعمول والبرازق والمبرومة وكل الحلويات من الهريسة إلى «البسبوسة» و.. بس «بوسة» للمخترع الذي لفت انتباهنا إلى ما نملكه من عسل وسكر طبيعي لدى الجميع كميات كبيرة منه!.

ثم لا تنسوا أن تناول السكريات والحلويات ومشتقاتها يؤدي إلى الإصابة بمرض السكري الخطير جداً الذي قد يؤدي إلى الوفاة إضافة إلى العديد من النتائج المؤذية للصحة كالعمى على سبيل المثال.

أما عن ارتفاع سعر مادة البنزين فإن هناك العديد من المبررات عند أصحاب القرار، منها أن سعر البنزين عندنا أرخص منه في دول الاتحاد الأوروبي ورفع سعره يجعل تهريبه إلى فرنسا وبريطانيا وبلجيكا وإسبانيا أمراً صعباً إن لم يكن مستحيلاً وهكذا نقضي على ظاهرة التهريب!.

ثم إن رفع سعر البنزين سيخفف من حالات الانتحار على غرار ما حصل في تونس مع الشاب محمد البوعزيزي الذي أضرم النار في نفسه وتوفي إثر ذلك، لذا فإننا حريصون على حياة مواطنينا لأن رفع سعر البنزين سيجعل كل من يحاول الانتحار يفكر ألف مرة قبل الإقدام على ذلك، لأنه لا يستطيع توفير لوازم هذا الانتحار.

ثم إن هذا القرار من شأنه أن يسهم في صيانة صحة المواطن، وهو كذلك يحصن الأسرة ويقوي الروابط الأسرية بشكل كبير، والأسرة كما تعلمون هي نواة المجتمع، فعندما تكون هذه الأسرة سليمة ومتماسكة يكون المجتمع قوياً وقادراً على مواجهة كل الصعاب!.

فمن جهة يشجع ارتفاع البنزين المواطنين على المشي، وتعرفون الفوائد الكبيرة للمشي وإذا كنتم تجهلون ذلك فعليكم سؤال وزارة حماية المستهلك والأطباء وخبراء الرياضة والتنمية البشرية والأمراض العصبية!.

ومن جهة ثانية فإن القرار يجعل أفراد الأسرة يلتزمون بيوتهم في أغلب الأوقات ولا يخرجون منها إلا «للشديد الأوي»، ويغنون مع وديع الصافي وصباح «يا بيتي يا بويتاتي» ويستمعون إلى نصيحة فيروز التي تقول «خليك بالبيت».

وما دمنا دخلنا إلى عالم الأغاني فهناك عدة أغان تصلح لحالنا منها أغنية فريد الأطرش: الحياة حلوة بس نفهمها، وأغنية ليلى مراد أيضاً الحياة حلوة.

الحياة حلوة بس نفهمها، وللأسف لم نفهمها ولا القرارات التي تأتينا تحت جنح الليل، التي تجعلنا نأوي إلى فراشنا ونحن في غاية السعادة بانتظار المزيد من القرارات التي تجعل حياتنا رحلة متواصلة من السعادة والفرح، وافرح يا قلبي!.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن