رياضة

السوبر الأوروبي بعبق ذكريات النهائي الأجمل على مستوى الأندية … فرانكفورت في ظهوره الأول يحلم بكسر التقاليد .. الريال على مرمى لقب من معادلة البرشا وميلان

| خالد عرنوس

هي مباراة واحدة إلا أنها تحمل لقباً رسمياً قارياً، إنها مباراة كأس السوبر الأوروبية التي يفتتح بها الموسم القاري رسمياً، وجرت العادة أن تقام في النصف الأول من شهر آب (أغسطس) من كل عام وتجمع بطل دوري الأبطال مع بطل اليوروباليغ، واليوم سيكون الملعب الأولمبي في هلسنكي العاصمة الفنلندية مسرحاً لها وهي المرة الأولى التي يستضيف فيها هذا الملعب مباراة نهائية على مستوى القارة العجوز، ويلتقي فيها ريال مدريد زعيم القارة العجوز مع إينتراخت فرانكفورت الذي يخوض هذه المسابقة للمرة الأولى بذكريات اللقاء التاريخي بين الفريقين في نهائي أوروبا للأندية البطلة قبل 62 عاماً وهي رابع مواجهة إسبانية – ألمانية فيها حيث يسعى ريال للظفر باللقب الذي سيعادل به كبيري هذه المسابقة في حين يحلم فرانكفورت بمفاجأة الجميع وكتابة اسمه في سجلات البطولة كثالث إنجازاته على مستوى البطولات القارية وردّ ثأر تاريخي من الفريق الملكي، ويقود المباراة الحكم الإنكليزي مايكل أوليفير الذي يبلغ من العمر 37 عاماً ولم يسبق له قيادة أي مباراة نهائية في المسابقات الأوروبية، على حين أدار نهائي كأس المحترفين في بلاده 2016 ونهائي كأس الاتحاد 2018 و2021.

حكاية كل عام

لعبت الصحافة الرياضية دوراً كبيراً في مسيرة البطولات الكروية وخاصة القارة الأوروبية، فها هي كانت وراء إقامة كأس الأمم الأوروبية بفكرة هنري دولوني وقبلها كانت صحيفة الإيكيب الفرنسية وراء إنشاء أهم مسابقة قارية على مستوى الأندية (دوري الأبطال) ومن هولندا جاءت فكرة إقامة مسابقة كأس السوبر الأوروبية، ففي عام 1972 وعند تتويج أياكس بطلاً لكأس أوروبا أبطال الدوري للمرة الثانية وكان قبلها فينيورد الهولندي كذلك توج بطلاً لأوروبا عام 1970 طرح الصحفي أنتوني ويتكامب فكرة مواجهة بين بطلي هذه المسابقة وكأس الكؤوس الأوروبية لتحديد البطل المطلق للقارة العجوز، وبالفعل أقيمت النسخة الأولى من المسابقة برعاية صحيفة تلغراف التي يعمل لديها ويتكامب وجمعت فريقي أياكس وغلاسكو رينجرز ولاقت الفكرة استحساناً من الاتحاد الأوروبي (يويفا) الذي أقرها وأشرف عليها منذ العام التالي، وأقيمت المسابقة بنظام مباراتي الذهاب والإياب حتى عام 1997 مع إقامتها من مباراة واحدة في مرات استثنائية لأسباب عديدة، وفي 1998 باتت تقام من مباراة واحدة تقام مطلع كل موسم وفي عام 2000 استعيض عن بطل كأس الكؤوس التي ألغيت في الموسم السابق ببطل كأس الاتحاد الأوروبي (اليوروباليغ حالياً) ومازالت حتى الآن.

أبطال

46 نسخة من المسابقة أقيمت حتى اليوم منها بمباراة واحدة أو مباراتين ويتصدر فريقا برشلونة الإسباني وميلان الإيطالي لائحة المتوجين بها حيث بلغ مجموعها 24 نادياً بواقع 5 مرات لكل منهما مع فارق أن البرشا خاضها في 9 مناسبات على حين اكتفى الروزنييري بسبع مشاركات، فتوج الكاتالوني بطلاً أعوام 1992 و1997 و2009 و2011 و2015، أما ميلان فقد توج أعوام 1989 و1990 و1994 و2003 و2007، ويليهما ريال مدريد بأربعة ألقاب أعوام 2002 و2014 و2016 و2017، وتوج ليفربول كذلك أربع مرات أعوام 1977 و2001 و2005 و2019 والفارق مع الملكي أن الأخير لعب في 7 مناسبات مقابل 4 للريدز.

وجاء أتلتيكو مدريد بالمركز الخامس برصيد 3 ألقاب أعوام 2010 و2012 و2018 وثلاثتها ممثلاً لليوروباليغ كحالة استثنائية بين كل الأندية التي سبقته، وفاز 6 أندية باللقب مرتين وهي: تشيلسي الإنكليزي وبايرن ميونيخ الألماني وأياكس الهولندي وأندرلخت البلجيكي ويوفنتوس الإيطالي وفالنسيا الإسباني، مقابل 13 نادياً فاز بالكأس مرة واحدة وهي: مان يونايتد ونوتنغهام فوريست وأستون فيلا (إنكلترا) وميشلين البلجيكي وإشبيلية الإسباني ودينامو كييف الأوكراني وبورتو البرتغالي وبارما ولازيو الإيطاليان وإبردين الاسكتلندي وستيوا بوخارست الروماني وغلطة سراي التركي وزينيت الروسي.

وتوج 26 فريقاً باللقب ممثلة عن دوري الأبطال مقابل 12 بطلاً لكأس الكؤوس و8 أبطال للدوري الأوروبي، وتتقدم الأندية الإسبانية الركب بالمجموع العام بواقع 15 لقباً مقابل 9 ألقاب لإنكلترا ومثلها لإيطاليا يليها أندية بلجيكا بثلاثة ألقاب مقابل لقبين لأندية ألمانيا وهولندا ولقب يتيم لأندية البرتغال وروسيا والاتحاد السوفييتي واسكتلندا ورومانيا.

وقد تواجه الإسبان مع الألمان ثلاث مرات ففاز برشلونة على بريمن (1/1 و2/1) في نسخة 1992 وبرشلونة على دورتموند (2/صفر و1/1) وفاز بايرن ميونيخ على إشبيلية 2/1 بالتمديد في نسخة 2020.

قصص ومفاجآت

في النسخة الأولى المعتمدة للمسابقة والتي كانت تقام بطريقة الذهاب والإياب تقدم ميلان بهدف لكنه بعد أسبوع واحد انهار إياباً وخسر بالستة التي تناوب على تسجيلها ستة لاعبين لتبقى أكبر نتيجة حتى الآن، وإن كان ليفربول عادلها بفوزه على هامبورغ الألماني في نسخة 1977 بعدما تعادلا ذهاباً 1/1 وسجل تيري مكدرموت نصفا ليكون صاحب الهاتريك الأول والذي بقي وحيداً حتى سجل الكولومبي رادوميل فالكاو ثلاثية ضمن فوز أتلتيكو مدريد على تشيلسي الإنكليزي 4/1، علماً أن يوفنتوس فاز على سان جيرمان بنتيجة 6/1 عام 1996 ويومها فاز بنتيجة قياسية ذهاباً وإياباً بمجموع 9/2.

ومن النتائج اللافتة فوز أستون فيلا على برشلونة 3/صفر بعد وقت إضافي في نسخة 1982 بعد تبادلهما الفوز بهدف ومن المفاجآت كان خسارة بايرن ميونيخ لنسختي 1975 و1976 أمام فريقي دينامو كييف السوفييتي (أيامها) وأندرلخت البلجيكي على التوالي ولم يكن وقع فوز نوتنغهام فوريست على برشلونة 1979 أقل وقعاً على الرغم من أن برشلونة لم يكن في أحسن حالاته في تلك الحقبة، ولا ننسى فوز بارما على ميلان في 1993 بعد التمديد إثر تبادلهما الفوز بهدف قبل أن يفوز بارما بهدفين، وفاجأ تشيلسي ريال مدريد في أول نسخة رسمية من مباراة واحدة، ثم لازيو على مان يونايتد في العام التالي ثم غلطة سراي على ريال مدريد في نسخة عام 2000.

وقسا إشبيلية على مواطنه برشلونة في نسخة 2006 بثلاثية نظيفة وباغت زينيت الروسي مان يونايتد وغلبه بهدف 2008، ودخل فوز أتلتيكو مدريد على إنتر ميلانو 2010 ثم على تشيلسي من باب المفاجأة نظراً للأسماء الثقيلة التي ضمها الفريقان في العامين المذكورين وهما المفاجأتان الأخيرتان تقريباً في المسابقة.

ومن المباريات الجميلة والخالدة في السوبر خسارة إشبيلية مرتين متتاليتين أمام مواطنيه برشلونة وريال مدريد عامي 2015 و2016 وقد امتدت المباراتان إلى أوقات إضافية بعدما انتهى الوقت الأصلي للمواجهة الأولى بالتعادل 4/4 قبل أن يحسم البرشا الأمر بهدف خامس في التمديد، أما اللقاء الثاني فقد انتهى بالتعادل 2/2 قبل أن يفوز الريال بهدف ثالث في الدقيقة 119 وكان الريال سجل التعادل في الدقيقة الثالثة من الوقت بدل الضائع.

تمديد وذهبي

وإذا كان التعادل قاد المتباريين إلى التمديد مرتين أيام الذهاب والإياب فإن 10 مباريات لم تحسم في الوقت الأصلي منذ إقرار المباراة الواحدة، فانتهى اللقاء الأول بهدف ذهبي لمصلحة غلطة سراي على حساب ريال مدريد وسجل يومها البرازيلي جارديل هدفي الفوز (2/1) للفريق التركي، وانتهت ثلاث مباريات بركلات الترجيح كان تشيلسي الإنكليزي القاسم المشترك فيها فخسر أمام بايرن ميونيخ 2013 بنتيجة 4/5 بعد التعادل 2/2، وبالنتيجة ذاتها تعادل مع ليفربول في 2019 قبل أن تبتسم ركلات الترجيح للريدز بنتيجة 5/4، وفي نسخة العام الماضي توج على حساب فياريال 6/5 بعد التعادل 1/1، وقد اضطر الفريقان المتباريان إلى خوض الأوقات الإضافية في النسخ الأربع الأخيرة.

كفة راجحة

في مباراة الليلة لا يمكن مقارنة الفريقين تاريخياً ولا حتى حاضراً، فمع كامل الاحترام لإينتراخت فرانكفورت إلا أن لاعبيه لا يمكن مقارنتهم بكتيبة الإيطالي كارلو أنشيلوتي التي ستدخل المباراة، ففي حراسة المرمى هناك المبدع كورتوا الذي كان وراء تتويج الفريق الملكي باللقب الأوروبي وهناك كارفاخال وميندي وآلابا وفالفيردي و(الجديد) روديغير وكروس ومودريتش وكاسيميرو وميليتاو وأسينسيو ولوكاس فاسكيز والمتألقان بنزيمة وفينيسيوس ورودريغو وكامافينغا والصفقة الجديدة أوريلين شوامني الذي كلف النادي أكثر من 80 مليون يورو.

على الجهة المقابلة يحرس مرمى فرانكفورت الحارس الألماني البديل كيفن تراب ويعول المدرب أوليفير غلاسنر على عدد من النجوم المغمورين أمثال الكولومبي رافاييل بوري والبرزيلي توتا (لوكاس ميلو) والصربي فيليب كوسيتش والكرواتي سمولسيتش والبرتغالي أريليو بوتا والمالير المامي توريه واليابانيان هاسيبي وكامادا والسويسري جبريل سو والفرنسي كولو مواني والأرجنتيني لوكاس ألاريو إضافة إلى الألمان كريستوفر لينز وديانت راماج وفريد أليدو والعائد إلى بلاده ماريو غوتزه.

أحلام ممكنة

على أرض الملعب يأمل تراب أن يشكل الفوز على الريال بداية لتاريخ مشرق للنادي الألماني ومثله عدد من رفاقه الذين تعاهدوا على تقديم ما بوسعهم أمام زعيم القارة، وعلى الرغم من الخسارة القاسية أمام البايرن في افتتاح البوندسليغا والتي يخشى عشاقه من تكرارها في هلسنكي إلا أن الألمان عازمون على تبييض الصفحة وخاصة أنهم خاضوا تجربة رائعة أمام برشلونة وفازوا عليه في نيوكامب في طريقهم إلى لقب اليوروباليغ، وإذا كان إينتراخت خسر رسمياً في البروفة الأخيرة قبل السوبر فإن الريال اكتفى ببعض الوديات علماً أنه سيفتتح الليغا الأحد بلقاء ألميريا.

يذكر أن الفريقين تقابلا مرة واحدة رسمياً لكنها كانت تاريخية بكل المقاييس، فقد جمعهما نهائي دوري الأبطال (كأس أوروبا للأندية البطلة) عام 1960 وانتهى بنتيجة قياسية بفوز الريال 7/3، ويبقى النهائي الخالد للمسابقة وشهد النتيجة الأعلى والنهائي الأكثر غزارة تهديفية والنهائي الأكثر جماهيرية حيث حضره ما يزيد على 127 ألف متفرج حسب الإحصاء الرسمي، وسجل أهداف الريال دي ستيفانو (3) وبوشكاش (4) ليبقى الوحيد الذي يسجل سوبر هاتريك في مباراة نهائية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن