إن تايوان هي تايوان الصينية
| بقلم: ما شيويليانغ - القائم بأعمال السفارة الصينية في سورية
في يوم 2 آب الجاري، زارت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي منطقة تايوان الصينية رغم المعارضة الشديدة وإثارة الموضوع بشكل مهيب من الجانب الصيني، الأمر الذي يخالف بشكل خطير مبدأ الصين الواحدة وما ورد في البيانات المشتركة الثلاثة بين الصين والولايات المتحدة، ويعتدي بشكل خطير على سيادة الصين وسلامة أراضيها، ويخرب بشكل خطير السلام والاستقرار في مضيق تايوان.
لا توجد في العالم سوى صين واحدة، إن تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الإقليمية الصينية، ويعتبر ذلك المبدأ الأساسي لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وجميع الدول، والتوافق في المجتمع الدولي، والشرط المسبق والأساس السياسي لإقامة وتطوير العلاقات الدبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة. غير أن الجانب الأميركي ادّعى أن «زيارة رئيس مجلس النواب الأميركي لتايوان لها سابقة» رداً على زيارة نانسي بيلوسي والإجراءات المضادة المتخذة من الجانب الصيني، كما قلب الحقيقة واتهم بأن الجانب الصيني أصدر ردود أفعال مفرطة وأثار الأزمة وغير الوضع القائم في مضيق تايوان، إن هذه التصريحات مفعمة بمنطق القرصنة، وأن الحقيقة معروفة لدى الجميع، فالجانب الصيني يتبنىالموقف الواضح إزاء ذلك.
أولاً، يجب على الولايات المتحدة ألا تتوهم الخلط بين الحق والباطل على هواها. إن الحيثيات التاريخية للوضع المتوتر في مضيق تايوان وطبيعته واضحة للغاية. إن الولايات المتحدة هي التي أثارت المشاكل وصنعت الأزمة، ودفعت بتصعيد الموقف باستمرار، ولقد بذل الجانب الصيني أقصى الجهود الدبلوماسية تجنباً لهذه الأزمة المفروضة على الصين، غير أننا لن نسمح بالمساس بالمصالح الجوهرية وعملية نهضة الأمة للصين، ولن نقف مكتوفي الأيدي أمام تصرفات الولايات المتحدة بشأن تحقيق أهدافها السياسية الداخلية وكسب المصالح الأنانية لساستها باستخدام «ورقة تايوان»، ولن نتهاون إزاء إثارة التوتر والمواجهة والانقسام في هذه المنطقة. وإذا أراد الجانب الأميركي حل المشكلة، فلا بد له من العودة إلى مبدأ الصين الواحدة وأساس البيانات المشتركة الثلاثة بين الصين والولايات المتحدة.
ثانياً، إن المزاعم حول تغيير الجانب الصيني للوضع القائم في مضيق تايوان بشكل أحادي الجانب محض افتراء، لم تكن تايوان دولة، ولا توجد إلا صين واحدة، ينتمي جانبا المضيق إلى صين واحدة، يعد كل ذلك الوضع القائم لتايوان منذ القدم إلى الحاضر، وأكد بيان إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة في عام 1978 أن حكومة جمهورية الصين الشعبية هي الحكومة الشرعية الوحيدة التي تمثل الصين، وأن تايوان جزء من الأراضي الصينية، هذا هو الوضع القائم الذي لم يتغير على مدى عشرات السنين في مضيق تايوان، غير أن هذا الوضع القائم تكسر، لم يكن المدمر الصين بل الولايات المتحدة وقوة استقلال تايوان.
ثالثاً، إن المزاعم بأن زيارة رئيس مجلس النواب الأميركي لتايوان لها سابقة، لا تعني أن الولايات المتحدة قد غيرت سياستها بشأن الصين الواحدة، وأن الجانب الصيني أصدر ردود أفعال مفرطة.
إن تايوان هي تايوان الصينية، غير أن الولايات المتحدة تدخلت في مسألة تايوان وهددت الصين باستخدامها مراراً وتكراراً، وكانت زيارة رئيس مجلس النواب الأميركي السابق نيوت جينجريتش إلى تايوان خطأً شنيعاً، حينما أعربت الحكومة الصينية عن رفضها القاطع لذلك، لا يحق للولايات المتحدة ولا تملك الأهلية لارتكاب الخطأ نفسه، ولا يجوز اتخاذ الخطأ في الماضي كحجة لتكراره. وتجاهل الجانب الأميركي هذه المرة إثارة الموضوع والرفض القاطع من الجانب الصيني، وأصر على ترتيب زيارة نانسي بيلوسي إلى تايوان، فمن الطبيعي أن يرد الجانب الصيني على ذلك رداً حازماً، إن موقفنا مشروع ومعقول ويتفق مع القانون، وإن إجراءاتنا ثابتة وقوية ومناسبة، وإن تدريباتنا العسكرية مفتوحة وشفافة ومهنية تتفق مع القانون المحلي والقانون الدولي والأعراف الدولية. وفي وجه انتهاك سيادة الصين وأمنها وسلامة أراضيها، تقف الصين ضد التضليل والشياطين، ولن تتنازل أبداً في المسائل التي تخص السيادة وسلامة الأراضي.
رابعاً، ادعى الجانب الأميركي أن الصين لاقت إدانة المجتمع الدولي، غير أنه تجاهل حقيقة وهي أن الأصوات الداعمة للجانب الصيني أقوى بكثير من الأصوات الداعمة للجانب الأميركي على الساحة الدولية، ومنذ زيارة نانسي بيلوسي لتايوان، قد أطلق ما يزيد على 160 دولة الأصوات العادلة حول التمسك بمبدأ الصين الواحدة، يعكس ذلك التوافق الدولي غير القابل للتحريف. وقال الموسيقي البريطاني المشهور روجر ووترز في مقابلته مع قناة «سي إن إن» الأميركية قبل أيام: إن «تايوان جزء من الصين، إذا كنت لا تعلم هذه النقطة، يدل ذلك على محدودية معرفتك، فاقرأ». إن زيارة نانسي بيلوسي هذه كشفت لشعوب العالم أن الولايات المتحدة هي المدمر الأكبر للسلام والاستقرار على الصعيد الإقليمي والدولي، إذ قامت الولايات المتحدة بالعمليات العسكرية وقتل المدنيين في أنحاء العالم، ويجب أن يستنكرها الجميع، وإن التصرفات الأميركية سواء كانت في أفغانستان أم العراق أو ليبيا أو سورية قد جعلتها متسمرة على عمود العار في التاريخ البشري.
خامساً، شبهت الولايات المتحدة مسألة تايوان بالأزمة الأوكرانية. إذ ظهرت الأزمة الأوكرانية بسبب تصعيد الولايات المتحدة للموقف، غير أنها لم تستفد من الدروس، بل ربطت المسائل المتعلقة بتايوان بالأزمة الأوكرانية، في الحقيقة إن مسألة تايوان والأزمة الأوكرانية لهما اختلاف جذري، ولا وجه للمقارنة بين الأمرين. لا نقبل المطالبة باحترام سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها من ناحية، والدوس على الخط الأحمر للصين وانتهاك سيادة الصين وسلامة أراضيها من ناحية أخرى. إن تايوان هي تايوان الصينية، لا يحق لأي دولة أن تكون حاكماً في مسألة تايوان.
منذ زيارة نانسي بيلوسي إلى تايوان، أصدرت وزارة الخارجية والمغتربين السورية وحزب البعث العربي الاشتراكي البيان العلني الذي أكد مجدداً التمسك بمبدأ الصين الواحدة، وأدان انتهاك الولايات المتحدة لسيادة الصين وسلامة أراضيها، كما تلقت المستشارة الخاصة في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان المقابلة المشتركة من قبل الصحفيين الصينيين، حيث انتقدت التصرفات الاستفزازية الأميركية بشأن تساهلها مع زيارة نانسي بيلوسي إلى تايوان. وأعرب الجانب الصيني عن التقدير العالي والشكر لذلك، ويرى أن ذلك يجسد الصداقة في كل الأجواء بين الصين وسورية. إذ تواجه الصين وسورية تحديات متشابهة في الحفاظ على السيادة، وسلامة الأراضي.
ويحرص الجانب الصيني على بذل جهود مشتركة مع سورية، لمواصلة تعزيز التنسيق والتعاون، والحفاظ على المصالح المشتركة، ومعارضة التدخل في الشؤون الداخلية، وتنفيذ المبادئ الأساسية في العلاقات الدولية، وقد أثبت التاريخ والحقائق أن التصرفات الرجعية للولايات المتحدة ومحاولة تايوان للاستقلال لن تغير أبداً التوافق الدولي حول الصين الواحدة، ولن تغير أبداً التوجه التاريخي العام للعودة الحتمية لتايوان إلى الوطن الأم.