سورية تشارك بقمة التعليم في نيويورك … وزير التربية: خلاصة تجربتنا في التعليم خلال الحرب والكوارث … الشغري: المناهج السورية تحقق 95 بالمئة من مبادئ الأمم المتحدة واليونسكو في التعليم
| محمود الصالح
كشف وزير التربية دارم طباع للوطن أن سورية ستشارك في قمة تحويل التعليم التي ستقام في نيويورك في أيلول القادم، في إطار منظمة الأمم المتحدة في قمتها السابعة والسبعين، حيث وجهت الدعوة إلى سورية للمشاركة في هذه القمة، وأنه تم تكليف وزارة التربية بإعداد وثيقة العمل السورية التي ستشارك فيها سورية، وأنه سوف يتم توقيع على الالتزام بالتحول في التعلم لغاية الـ2030.
وأكد الوزير خلال ورشة التشاور الوطني حول قمة تحويل التعليم اليومين الماضين، الذي حضر جزءاً من جلستها الأولى أن الورشة حصيلة عمل أشهر عدة انطلاقاً من أن التعليم حاجة أساسية، مبيناً أن الوثيقة السورية تقدم خلاصة تجربتها في التعليم خلال الحرب والكوارث، وثمرة عملها الوثيق مع المنظمات الدولية.
وأضاف طباع لدينا التزام وطني، ووضعنا مسودة وزعت على الوزارات المعنية صاحبة العلاقة، وأرسلت للإدارات المركزية ومديري التربية لكون الالتزام شعبياً، فضلاً عن أننا بعد قمة التعليم ملتزمون بالتحول في التعليم، مبيناً أهمية إنجاز الورقة لإرسالها إلى نيويورك لتوزع على الدول للاستفادة من التجربة السورية، متمنياً للورشة الوصول إلى نهاية المشاورات الوطنية.
كما تحدث الوزير طباع عن أبرز البنود التي تضمنتها وثيقة الالتزام الوطني المتعلقة بتنمية المهارات وتشجيع الإبداع والانتقال بالتعليم من الجانب التقليدي إلى التفاعلي، ودور المجتمع في تعزيز قيم التعاون والتواصل والتعاطف وتفهم الآخر، مؤكداً أن الوصول لمدرسة آمنة وصحية ستبني إنساناً ومواطناً قادراً على تحقيق الحياة التي يحلم بها، ثم الوصول إلى مجتمع آمن وصحي، ويتمتع بالاحترام للوصول إلى كوكب بعيد عن الحروب والإرهاب.
مدير التخطيط والتعاون الدولي في وزارة التربية غسان الشغري أكد في حديث لـ«الوطن» أن تحويل التعليم هو الانتقال من المعلم الذي يكون محور العملية التعليمية إلى الطالب الذي يصبح محور العملية التعليمية، وهو الانتقال من المتعلم التقليدي الذي يتلقى تلقيناً إلى المتعلم المبدع في الأفكار والتفكير النقدي والمهارات القياسية ومهارات التعاون وهي مهارات القرن الحادي والعشرين، ويهدف تحويل التعليم إلى بناء المتعلم القادم المختلف عن المتعلم في الوقت الحالي، وهو المتعلم المبدع في التفكير في إيجاد حلول لمشاكل المجتمع، والانتقال والانفتاح والتواصل والاستفادة من التجارب والتكييف مع كل ما هو جديد، بمعنى أن نتعلم كيف نتعلم. وأضاف: إننا في المرحلة القادمة يجب أن نقدم للمتعلم أدوات التعلم ليقوم باستخدامها والبحث من خلالها وإيجاد الحلول لكل ما يعترضه في جميع جوانب الحياة، والتعلم الذاتي هو جزء من عملية تحويل التعليم، وكذلك تنمية روح المبادرة والعمل في إطار الفريق والتشاركية في العمل وفي شتى مجالات الحياة، كما أن تحويل التعليم يهدف الوصول إلى التعلم الذي يمكن أن يتم تقويمه في كل مرحلة من مراحله والوقوف على الإيجابيات وتنميتها وتعزيزها، والسلبيات لتلافيها.
وبين الشغري أن هذه القمة التي تعقد في الشهر القادم هي محطة مهمة لمراجعة الخطوات السابقة في التعليم وخصوصاً بعد مرحلة كورونا، واعتبار المعلم محفزاً للأفكار والتجارب، وتعزيز مبادرة مشروع الطالب الذي يقدمه في كل مرحلة دراسية ويعبر عن القدرات التي يمتلكها كل شخص.
وكشف أنه ستتم إعادة النظر في منهجية التفكير للمتعلم، وهذا ما يتم العمل عليه في كل العالم، وسورية جزء من هذا العالم وقد استطاعت من خلال مناهجها التربوية الحديثة أن تحقق أكثر من 95 بالمئة من مبادئ الأمم المتحدة واليونسكو في مجال التعليم. وكانت اليونسكو قد أرسلت إلى كل دول العالم ورقة عامة حيث ستقوم كل دولة بتضمين ورقتها الوطنية الخطوات المحددة، والإجراءات والواقع الوطني لكل دولة في هذا الإطار وبشكل خاص في فيما يتعلق بالإجراءات المتعلقة بمواجهة وباء كورونا ومنعكسات هذا الوباء على قطاع التعليم الوطني، مشيراً إلى أن سورية اتخذت إجراءات في هذا الإطار، حيث لم تتأثر سورية كثيراً بهذا الوباء لا في الجانب الصحي ولا التعليمي.
وبيّن الشغري أن من أهداف عملية تحويل التعليم هو العمل على تحقيق التنمية المستدامة، والاهتمام بالطفولة المبكرة، والتعلم مدى الحياة، وربط التعليم بسوق العمل، وفي كل هذه الجوانب استطاعت سورية أن تقطع أشواطاً طويلة سبقت فيها الكثير من دول العالم.
نائب ممثل اليونيسيف في سورية غادة كجه جي أكدت الحرص على العمل التشاركي لتعزيز المهارات الشابة للدخول إلى سوق العمل بما يسهم في النمو الاقتصادي، مشيدة بدور الوزارة مع الشركاء للحد من تأثير الأزمة وجائحة كورونا، وإنجازها تأسيس قواعد التعلم الحديثة لتعويض الفاقد التعليمي، وأضافت إن هذا الاجتماع هو لتحليل موضوعي لقطاع التعليم في سورية، واستخدام عدسة تنظر بالإنصاف والمساواة للجميع وصولاً إلى الالتزام الوطني لمعالجة التحديات، وتوفير فرص متساوية في التعلم للجميع ولاسيما للفتيات والمراهقين وذوي الإعاقة.
الأمين العام للجنة الوطنية لليونسكو الدكتور نضال حسن استعرض الخطوات التي قام بها الجانب الوطني تحضيراً للقمة، لافتاً إلى المشاركة في مشاورة إقليمية حول قمة التعليم للمنطقة العربية وغرب آسيا بتاريخ ٣١ أيار ٢٠٢٢م، والقمة التمهيدية الوزارية الرفيعة المستوى خلال الفترة من ٢٨-٣٠حزيران/٢٠٢٢، وتنظيم ورشة عمل وطنية بالشراكة مع المنظمات الدولية يومي ٢٤-٢٥ حزيران ٢٠٢٢ لضمان التشبيك بين القطاعات، ودراسة متطلبات التحول في التعليم، وإعداد الوثيقة الوطنية لقمة التعليم، وإطلاق المشاورات الوطنية لتحضير الوثيقة الوطنية بعد تشكيل اللجان الفرعية في اللجنة الرئيسة، وتكليف الاتحاد الوطني لطلبة سورية واتحاد شبيبة الثورة تقديم مقترحاتهم حول متطلبات الشباب من التعليم، وتضمينها في الورقة الوطنية لقمة التعليم، مشيراً إلى الجهود المبذولة الآن لتحضير بيان الالتزام الوطني بالقمة وإرساله في الوقت المحدد.
وتضمن عمل مجموعات ورشة العمل وضع نقاط تتعلق بتحديد التحديات والمشكلات والإجراءات التي وضعت للمعالجة وما نفذ منها، والاحتياجات المستقبلية المطلوبة لتحسين التعليم وتطويره، وذلك في مجالات الالتزام بمعالجة الاستبعاد التعليمي، وتحويل مهنة التدريس، وتجديد المناهج وطرائق التدريس، وتوجيه التحول الرقمي نحو التعلم العادل والمنصف، وتمويل التعليم، وإدارة التعليم باعتباره منفعة عامة، إضافة إلى مناقشات تتعلق بالأسباب التي دعت لتحويل التعليم ومدى الاستجابة المتعلقة بكوفيد ١٩، حيث يهدف بيان الالتزام الوطني الذي سيقدم إلى قمة تحويل التعليم، والذي نوقشت مسودته ضمن مشاورات وطنية استمرت أشهراً شارك فيها مختلف الوزارات والمؤسسات والقطاعات المعنية إلى عكس رؤية المجتمع كله لما يجب أن يبدو عليه تحول أنظمة التعليم على المستوى الوطني وما أدوات التغيير الرئيسة التي يمكن أن تحقق تلك الرؤية.
وقدم عدد من مديري التربية في المحافظات آراءهم حول الوثيقة السورية والالتزام الوطني المتعلق بتحويل التعليم، حيث قال مدير تربية حمص وليد مرعي: إن ما يتضمنه بيان الالتزام الوطني من شرح دقيق حول التعليم في الجمهورية العربية السورية يتسم بالواقعية، كما يعكس اهتمام الحكومة بالجوانب والمفاصل الدقيقة المتعلقة بالعملية التعليمية، ويشير إلى الخطوات العلمية المدروسة التي اعتمدتها وزارة التربية في الأساليب التربوية التحويلية وبناء المناهج المطورة، ونأمل جميعاً تحقيق الهدف المنشود من هذه القمة وتوفير الموارد العادلة لتحقيق المهمة الأساسية للتعليم».
مدير تربية اللاذقية عمران أبو خليل اقترح الإشارة إلى التزام سورية بمبدأ إلزامية التعليم لتحقيق محو الأمية، وكذلك الإشارة إلى التزامها باتفاقية حقوق الطفل خلال مراحل التعليم الأولى، وتوفير بيئة التعليم الآمنة، إلى جانب الالتزام بتحقيق الصحة النفسية للمتعلمين، والسعي إلى تحقيق التكيف وتعلم مهارات الحياة ومهارات الاستمتاع والتربية الجمالية (الفنون المختلفة) وصولاً إلى تحقيق أهداف التعلم، مع الإشارة إلى مهارات الحفاظ على البيئة والمحيط الحيوي بمكوناته كافة.
مدير تربية الرقة فراس العلو قال: إن «الأمم تتفاخر فيما بينها بمدى نجاحها وتفوقها في مجالي الصحة والتعليم، فالأولى يكمن فيها استمرار الجنس البشري وتمتعه بمهارات وقدرات عقلية وجسدية ليكون مهيئاً للمضي قدماً في الثانية والارتقاء بها بما ينعكس بالإيجاب على حياة الفرد والمجتمع والنهوض بالدولة اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وثقافياً.
فما ورد في بيان الالتزام الوطني السوري عبّر عن مدى قدرة النظام التعليمي في سورية على مواكبة العصر التقني والثورة المعرفية وذلك من خلال الاهتمام بالمعلم وتمليكه مهارات رقمية وحياتية تجعله في زمرة المعلمين القادرين على مواكبة كل التغيرات العالمية، والتي يعكسها في تطوير متعلميه بما يجعلهم أعضاء فاعلين في أوطانهم ويملكون قيم المواطنة الصالحة.
أما مدير تربية حماة يحيى منجد فأوضح أن «ما تضمنه بيان الالتزام الوطني من شرح دقيق حول التعليم في سورية جاء متكاملاً مع تطور مسيرة التعليم في سورية حيث إن تلك الوثيقة أعطت صورة واضحة عن التربية والتعليم في ظل المتغيرات التي حلت في المنطقة العربية وخاصة في سورية؛ من تطوير المناهج التربوية لتتناسب مع الواقع الجديد، والانتقال من التعليم التقليدي الذي كان فيها المعلم محور العملية التعليمية إلى التحويلي الذي أصبح فيها المتعلم محور العملية التعليمية باستخدام التكنولوجيا المعاصرة بالتقنيات كافة، وركزت الوثيقة على غرس قيم المواطنة المحلية والعربية، وبناء الشخصية بما يخدم التنمية المستدامة وفق رؤية 2030».