الخبر الرئيسي

التصريحات التركية تتوالى ودمشق ملتزمة الصمت.. أبو عبد الله: الحوار مع سورية هو الحل الوحيد … كلام أوغلو يشعل مناطق المرتزقة شمالاً

| سيلفا رزوق

لم يتوقف سيل ردود الأفعال والتحليلات والقراءات السياسية ومعها التحركات الميدانية شمالاً، منذ لحظة إعلان وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو عن الدردشة القصيرة التي جمعته بوزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد بناء على إلحاح الوزير التركي وذلك على هامش قمة دول عدم الانحياز التي أقيمت في بلغراد بتشرين الأول من العام الماضي.

تصريحات أوغلو التي أعلن فيها عن هذا التواصل وبدت كأنها استكمال لتصريحات رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان عقب لقائه نظيره الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي الأسبوع الفائت، والتي أعلن فيها أن الأجهزة الأمنية في بلاده على تواصل مع نظيرتها السورية بخصوص ما سماه «التنظيمات الإرهابية»، لم تلق أي رد فعل رسمي سوري، وقابلت دمشق كل تحركات وتصريحات أنقرة بصمت كامل ولم يخرج عنها أي بيان رسمي ينفي أو يؤكد ما يصدر عن مسؤولي أنقرة.

على الضفة المقابلة خرج مرتزقة النظام التركي في المناطق التي يحتلها في تظاهرات حاشدة، وصدرت بيانات منددة بتصريحات أوغلو، ووصل الأمر في إعزاز إلى حرق العلم التركي، وهو ما استفز السلطات المتحكمة بهؤلاء وأعلن وزير الداخلية التركي سليمان صويلو عن اعتقال منفذي حادثة الحرق، متهماً إياهم في تغريدة له على «تويتر» بممارسة الاستفزاز والتحريض.

الاحتجاجات التي عمت المناطق المحتلة شمالاً كشفت عن حالة الذعر التي أصابت مرتزقة أردوغان جراء إحساسهم بتغير قريب للمعادلات قد يفرضها أي تقارب سوري تركي، الأمر الذي دفع الخارجية التركية لمحاولة تهدئة روع مرتزقتها، حيث سارعت إلى إصدار بيان أكدت فيه: «استمرارها في توفير الحماية المؤقتة لملايين السوريين».

الباحث في الشأن التركي الدكتور بسام أبو عبد اللـه اعتبر في تصريح لـ«الوطن» أن صمت دمشق عن التصريحات التركية المتتابعة حول حصول تواصل معها، هو أنها تريد أن تختبر الأقوال وأن تربط هذه الأقوال بالأفعال، وليس كل تصريح يمكن أن تعلق عليه دمشق، وهذا الأمر يحتاج إلى أفعال والتزامات، وهذا لا يعلن عنه بالإعلام بل يحتاج لعمل معقد خاصة أن الملفات بين البلدين معقدة وهناك احتلال تركي للأراضي السورية وعمل مع جماعات ومرتزقة مرتبطين به.

أبو عبد اللـه لفت إلى أن الدردشة بين وزير الخارجية التركي والوزير المقداد في بلغراد، جاءت بناء على إلحاح أوغلو، حيث أكد الوزير المقداد خلال هذه الدردشة على الموقف السوري المعلن تجاه أنقرة والمرتبط بانسحابها من الأراضي المحتلة، ووقف دعمها للمرتزقة.

أبو عبد اللـه أشار إلى الأسباب التي دفعت تركيا لهذا التحول معتبراً أن الأمر مرتبط بحجم مصالح تركيا مع حلفاء سورية، وقال: «البعض يفسر أن هذه المصالح تجري على حساب سورية وهذا خطأ فادح، فبالنسبة لروسيا أصبح شرق المتوسط جزءاً من العقيدة البحرية الروسية ومصلحتها قيام علاقة بين دمشق وأنقرة، ودمشق مفتاح أساسي في هذا الموضوع، وهذا الأمر ينطبق على إيران ، وبالتالي تطور علاقات تركيا مع هذه الدول مرتبط باكتمال العلاقة مع دمشق».

أبو عبد اللـه أشار إلى الانتخابات التركية القادمة، وشدد على أن ملف اللاجئين السوريين يشكل أحد الملفات الأساسية والحساسة وهو حسب استطلاعات الرأي في تركيا يشكل ثالث ملف يهتم له الأتراك، وحل هذا الملف غير ممكن إلا بالحوار مع دمشق، وهو يحتاج لتعاطٍ رسمي هادئ، ويشكل تحدياً كبيراً للحزب الحاكم حالياً، وأضاف: «مجمل التحولات مرتبطة بحسابات الأمن القومي التركي وهناك مؤسسات تضغط وترى أنه لا إمكانية لإيجاد الحلول لمشاكل تركيا إلا بالحوار مع دمشق، لأن هذا الأمر سيحل الكثير من القضايا لمواجهة المشروع الأميركي الإسرائيلي وهو مشروع الانفصال شمالاً».

أبو عبد اللـه أكد وجود أطراف متضررة من أي تقارب سوري – تركي، وهم مجموعة الفاسدين والمافيات التي نشأت في ظل المخابرات التركية، وهذه المافيات وصل حجم تجارتها بالتهريب وغيره إلى خمسة مليارات دولار، وهناك الأخوان المسلمون وأيضاً مجموعة من الغوغائيين، مشدداً على أن المواطنين السوريين يريدون بإلحاح عودة الدولة السورية للخلاص من هذا الوضع القائم لاسيما وجود التنظيمات الإرهابية من قاعدة وغيرها.

وتوقع أبو عبد اللـه حصول تطورات مهمة في الفترة القادمة، مؤكداً أن العمل جار حالياً، وهذا الملف معقد وليس سهلاً ولكن هذه البوابة يجب أن تفتح وهي بحاجة لقوى حكيمة لمصلحة البلدين والشعبين، معبراً عن اعتقاده بأن أي مناورة لأردوغان لن تبقيه في السلطة، وأضاف: «الحوار مع دمشق هو الحل الوحيد حتى لمشاكل تركيا، والأمور معقدة جداً على الأرض، وهو ما يؤكد الحاجة إلى الهدوء والصبر والعمل بهدوء وصمت».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن