من دفتر الوطن

حديث حشاش معاصر

| عصام داري

منذ سنوات كتبت في مجلة «الشهر» زاوية عنوانها (حديث حشاش)، وهي أصلاً ملطوشة من مجلة (المضحك المبكي) التي كانت تصدر بين الثلاثينيات والستينيات من القرن العشرين الماضي لصاحبها حبيب كحالة، وكانت المجلة الساخرة الأولى في الوطن العربي.

«الزميل» حبيب كحالة منحنا فرصة ذهبية لنكتب ما نشاء بلا خوف ولا رهبة لأن من يكتب هو الحشاش، وليس على الحشاش حرج، فنستطيع انتقاد ما نراه وتراه الجماهير فعلاً نشازاً أو فاسداً أو ظالماً، ونحن لا نعرف الظلم والحمد لله!

سأبدأ من رسم كاريكاتوري للزميل عبد الهادي الشماع نشرته «الوطن» منذ أيام، وهو لمواطن يخاطب مسؤولاً قائلاً: إذا سكر ما في، كيف بدو يكون بكرا أحلى؟!

والله يا صديقي عبد معك حق، فسؤالك وجيه ربما لم يخطر على بال الحكومة المبجلة، ولم يخطر على بال وزارة حماية المستهلك، لكنني أملك الحل الترقيعي، فعليك أن تستعيض عن السكر بالسكرين والحياة حلوة.

الوزارة آنفة الذكر رفعت سعر السكر لأسباب ذكرتها سابقاً منها أنها حريصة على صحة المواطن كي لا يصاب بمرض السكري! ورفعت أسعار البنزين لأسباب وطنية وقومية وإنسانية كثيرة، وهي عندها الجواب عن أي سؤال، وتابعوا صفحة السيد الوزير فستجدون كل الحلول وأجوبة عن أي سؤال.

فوزارة حماية المستهلك تسعى إلى تقليل هدر الرواتب والأجور في أمور ليست ضرورية بالمرة، فلماذا يذهب الناس إلى قراهم ومدنهم النائية، أليس في سبيل مشاهدة الأهل والأصدقاء، فأنت تستطيع فعل ذلك وأنت في بيتك، فما عليك إلا أن تفتح الماسنجر أو الواتس أو السكايب حتى تتابع أهلك في بيوتهم ومزارعهم وتشاهد شجرة الليمون والحيطان التي لها آذان ومن دون آذان أيضاً، وتذهب إلى النبعة التي عرفتها في طفولتك، والحارة والجيران!

حتى يمكن لمعظم الموظفين عدم الذهاب إلى أعمالهم التي سينجزونها في بيوتهم بشكل أفضل، ونكتفي ببعض الموظفين الذين تحتاجهم الوزارة أو المديرية بشكل كبير، وأنا أرسل زاويتي في الوطن عن طريق الماسينجر، وبهذا نوفر المواصلات ونخفف من إهدار البنزين والكهرباء لأن الموظفين لن يضطروا لصنع الشاي والقهوة على السخانات في مقر العمل كما يحصل غالباً، وحتى اليوم.

صحيح أن أجور الاتصالات والنت ارتفعت، لكنها تظل أرخص من غيرها وهي الحل حالياً، كذلك نملك الحلول للمشاكل الأخرى، كأزمة المحروقات وارتفاع أسعار الخضار والفواكه: (واللي ماعوش ما يلزموش)، كما يقول الأشقاء المصريون، ولكن نحن لا نسمع نصائح السادة المسؤولين وخاصة أن علينا أن نأكل البندورة في موسمها وليس في الشتاء عندما يكون سعرها مرتفعاً، اليوم سمعنا النصيحة لكن سعر البندورة مازال مرتفعاً فالكيلو بألف وخمسمئة ليرة فهل ننتظر حتى الشتاء فربما يتراجع قليلاً؟.

وبما أننا نتحدث عن البندورة والخضار نسأل الإخوة المواطنين عما إذا كان في بيوتهم قطرميزات فيها شيء اسمه «المكدوس» وهو باذنجان يحشى بالجوز والفليفلة وثوم ويغمر بسائل صنع بلدي اسمه زيت الزيتون الذي يسكن في الطوابق العليا من بنايات الأسعار-النار؟!

هذا المخلوق، أي المكدوس، صار من فلكلورنا لا أكثر لأن العين لم تعد بصيرة وبقيت الأيد قصيرة تتناسب مع الراتب المطعون بكرامته وهيبته، فالراتب لم يعد «على قد بساطك»، بل «على قد بلاطك» ونكبة حياتك.. وحياتك!

كلامي لم ينته بعد، لكن المكان المخصص لزاويتي لم يعد يتسع لوافد جديد، ورحم اللـه عدنان بوظو.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن