اقتصاد

ملف بروائح غير مريحة … أملاك الدولة المستأجرة لماذا لم ترتفع أجورها؟

| جلنار العلي

لا يزال ملف أملاك الدولة غير المستثمرة أو تلك المؤجرة بأسعار قليلة جداً لا تناسب القيم الرائجة للعقارات، عالقاً رغم العديد من التصريحات الحكومية السابقة التي أكدت أنه سيتم العمل على معالجته، وكان آخرها تصريح وزير المالية كنان ياغي أمام مجلس الشعب في شهر أيلول من عام 2021، بأنه توجد عشرات الآلاف من الأصول الخاصة المملوكة للدولة تؤجر أو تستثمر بأبخس الأثمان، ومنها محال موجودة وسط العاصمة دمشق تؤجر بـ5 آلاف ليرة سنوياً، على الرغم من أن قيم إيجاراتها الحقيقية تصل إلى مئات الملايين.

وحول الإجراءات الحكومية الخاصة بالجهات العامة التي ترغب بطرح أملاكها للاستثمار، كشف مدير عام هيئة الاستثمار السورية مدين علي دياب في تصريح لـ «الوطن» أن الهيئة أصدرت قراراً في نيسان الماضي بموجب قانون الاستثمار الجديد رقم 18 الذي نص على وضع نظام خاص لاستخدام العقارات المملوكة للدولة والجهات العامة بغرض استثمارها بالمشاريع الخاصة بالقانون بهدف تحديد أسس وضوابط ومعايير استخدام هذه العقارات والاستثمار الأمثل لها وفق أحكام القانون الجديد وتعليماته التنفيذية.

وبيّن دياب أن هذا القرار يطبّق على أملاك الدولة الخاصة والعقار المملوك للوحدة الإدارية والجهة العامة التي ترغب بطرحه للاستثمار مع القطاع الخاص أو من يخضع لقانون التشاركية، لافتاً إلى أنه تم تحديد أشكال التخصيص بموجب هذا القرار إما بشكل انتفاع أو تأجير أو مشاركة، حيث تحدد طريقة استخدام العقار باتفاق طرفي العقد، مضيفاً: «وفيما يخص الأسس وضوابط استخدام العقار يجب أن يكون ضمن الخريطة الاستثمارية للجهة العامة، بحيث يحدد حجم المشروع الاستثماري وأهميته وطبيعة نشاط المشروع وعوائده وإجازة الاستثمار والطبيعة القانونية للعقار وموقعه وقيمته الرائجة».

ولفت إلى أن طرق التخصيص ستكون إما عن طريق تقديم المستثمر طلباً لتخصيصه بعقار لإقامة مشروع أو أن تطرح الهيئة الفرص الاستثمارية الواردة ضمن الخريطة الاستثمارية للعقارات المحددة بموجب القرار، ليتم الإعلان عنه بعد استكمال الإجراءات القانونية ودراسة الفرص، إضافة إلى العقارات التي تطرحها وزارة السياحة للاستثمار السياحي وفق آلية معينة تم إقرارها في المجلس الأعلى للاستثمار، مشيراً إلى أن مدة الاستثمار تحددها الجهة المالكة وفق العقد الذي يجب أن يكون متوافقاً مع أحكام قانون الاستثمار، مؤكداً أنه لا يشترط بالمستثمر أن يكون سوري الجنسية.

وبيّن دياب أن الهيئة تقوم الآن بإعداد البرنامج التنفيذي لتحديد الخريطة الاستثمارية، إضافة إلى استكمال كل البيانات والعقارات، حيث تم تشكيل فريق وطني من كل الجهات العامة لدراسة الفرص ومدى ملاءمتها للاحتياجات لعرضها على مجلس إدارة الهيئة والمجلس الأعلى للاستثمار، للاعتماد بشكل نهائي والقيام بالإجراءات القانونية.

وفي هذا السياق، يرى الأستاذ الجامعي في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور شفيق عربش في تصريح لـ«الوطن» أن هذا الملف تفوح منه روائح غير مريحة، حيث إن الحكومة أقرت أكثر من مرة بأنها تحاول معالجة هذا الملف ولكن يبدو أن الدواء غير نافع، لافتاً إلى أن الكثير من الأجور لا تزال رمزية حيث لم تستفد الدولة من تعديل قانون الإيجار 2001، وبقيت الإيجارات القديمة ذاتها، ولم تعالج العقارات التي تملكها وتؤجرها ولا العقارات المستأجرة من قبلها، وبذلك هناك عشرات مليارات الليرات الضائعة على الخزينة من جراء سوء إدارة هذا الملف، معتقداً بوجود تواطؤ بين الجهات المالكة للعقارات والمستأجرين لمصلحة الفساد الذي نخر كل مفاصل الحياة.

واعتبر الأستاذ الجامعي أن الجهات المعنية ليست لديها نية في معالجة الأملاك القديمة المؤجرة، والدليل على ذلك صالات السورية للتجارة المستثمرة من القطاع الخاص، والتي خلقتها الحكومة مجدداً، متابعاً: «كما يوجد الكثير من أملاك الدولة غير المستثمرة بشكل نهائي، فمثلاً يوجد في الطابق الأرضي لفرع دمشق لمؤسسة التجارة الخارجية 19 محلاً مغلقاً من أملاك الدولة من دون أي فائدة منها، إذا يوجد هناك سوء باستخدام عقارات الدولة وتحديد بدلات الإيجار في آن واحد».

وفي سياق آخر، طرح عربش سؤالاً عما إذا كانت الحكومة ترغب بإيجاد حل حقيقي وجذري لأي ملف يمس حياة المواطن؟ مجيباً بأن الجواب بالطبع لا، لأن هذه الحكومة بجميع أعضائها عندما تتحدث بالمشكلات الاقتصادية والسلع الحياتية تفكر في أنها المتحكم الوحيد بإنتاج وتسويق السلع الأساسية، ما يجعل قراراتها متعسفة بحق المواطن الذي لا حول له ولا قوة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن