ثقافة وفن

يجب تكثيف القضايا الكبيرة بشكل فني إبداعي … أسامة الروماني لـ «الوطن»: «أماني» صرخة مشروعة في وجه ما يتعرض له الطفل

| هلا شكنتنا

دائماً ما تكون نتائج الأزمات والحروب صعبة جداً، حيث تؤثر مخلفاتها على المجتمع وأفراده وقيمه، ولاشك أن الطفل الصغير, ومن هذا المنطلق الإنساني قرر المخرج محمد سمير طحان أن يقوم بكتابة الفيلم القصير «أماني»الذي انتهى من إخراجه قبل عدة أيام، والذي اتخذ من موضوع «عمالة الأطفال» قصة جوهرية للفيلم.

وفي تصريح خاص لـ«الوطن» أوضح المخرج «محمد سمير طحان»: بأن قصة الفيلم تتحدث عن فكرة الأمان والأماني التي تأتي من الأمان ومجموع الأمنيات، حيث يمثل الطفل في هذا الفيلم شريحة من الأطفال الذين يعانون غياب الأمان وفقدان الأماني بسبب ظروف الحياة القاسية، ويكون «كريم» في هذا الفيلم هو طفل يتيم، ويرغمه زوج والدته على ترك المدرسة والعمل معه على جمع النفايات من حاويات القمامة، كما أكد طحان بأن «كريم» هو طفل محب للقراءة وشغوف ولديه خيال خصب ويحب القصص وتأليفها، إضافة إلى حبه للمسرح والغناء والدمى، ليرى نفسه فجأة في واقع لا يشبهه ويفتقد معايير الإنسانية وفق قوله.

عمالة الأطفال موضوع كبير

أما عن تطرقه في فيلم «أماني» لموضوع عمالة الأطفال وما سبب اتجاهه نحو هذه الفكرة، أكد المخرج السوري قائلاً: «عمالة الأطفال هو موضوع كبير جداً، وفي السينما عندما نتحدث عن الأفلام الروائية والقصيرة بشكل خاص، يجب علينا أن نكثف قضايا كبيرة بطريقة فنية إبداعية تختزلها بطريقة تكون قريبة من الناس وغير مباشرة وغير فجة، لتجذب المشاهدين لهذه القضية وتحفزهم وتجشعهم على التفكير فيها وإيجاد حلول لها، حقيقة عمالة الأطفال هي مشكلة كبيرة ونحن اليوم في سورية نعاني منها وخاصة عمالة الأطفال في جمع النفايات وتحويلها، حيث أصبحت أعدادهم كبيرة جداً، ونشاهدهم بشوارع دمشق بكثرة، كما قمنا بتصوير المشاهد في أماكن حقيقية لنكون أقرب للواقع وتحديداً منطقة الزبلطاني، إضافة إلى تصويرنا للأطفال الذين يعملون في مكب النفايات، وكيف يعيشون في ظروف غير إنسانية ليلتقطوا قوت يومهم، لذلك الاهتمام بهذه الشريحة مهم للغاية.

أكثر من رسالة

أما الرسالة التي يريد أن يقوم بإيصالها المخرج من خلال فيلم «أماني»، فقد أكد المخرج محمد طحان قائلاً: «حقيقة الفيلم يحمل عدة رسائل منها الانتباه لموضوع عمالة الأطفال، ولموضوع تعنيف النساء، والأسرة السورية، والمخدرات، والالتفات إلى المواهب ودعمها ورعايتها، وهنالك قضية مهمة جداً سوف نختم فيها الفيلم ويوجد بها إدانة موجهة لشريحة تدعي بأنها طبقة مثقفة تنويرية تأخذ على عاتقها بأنها تنير المجتمع بكتاباتها، وهذه الإدانة هي حول ممارسة هذه الطبقة لدورها بشكل تنظيري بعيد عن الواقع، ولا تمارس حقيقة جوهر ما يجب أن تقوم به من حيث مد يد المساعدة والمساندة لهؤلاء الأطفال.

محظوظ بالتعاون الفني في هذا الفيلم

أما عن تعاونه مع الممثل «أسامة الروماني» وعودته للمشاركة السينمائية بعد غياب طويل، أوضح المخرج قائلاً:»لقد كنت محظوظاً في هذا الفيلم من خلال تعاون قامات فنية مهمة، وذلك من خلال تبنيهم لرسالة وأفكار الفيلم، والطريقة التي عرضت بها هذه القضايا، المعتمدة على قيمة فنية تحترم ذائقة وعقلية المشاهد، واقترابي من عالم الأطفال، كما قدمت الواقع الصعب الذي نعيشه من خلال وجهة نظر الطفل، والفيلم موجه بشكل أساسي لجميع الفئات والشرائح العمرية، وكل مشاهد سيرى الموضوع من وجهة نظره، وأعتقد أن الرسائل ستصله بطريقة سلسلة بعيدة عن التعقيد والمباشرة من خلال قصة صغيرة شائقة.

شرفني في مشاركته

كما أضاف المخرج طحان قائلاً: «أما بالنسبة لتعاوني مع القدير أسامة الروماني فقد تشجع وتحمس لفكرة الفيلم، وتبنى هذا العمل وأراد أن يكون شريكاً به، وقد شرفني بوجوده وخاصة بعد غيابه عن السينما لسنوات طويلة، وبالتأكيد هو قامة فنية سورية نفتخر بها، وتعلمت منه الكثير على الصعيدين الإنساني والفني، وكان له أيضاً اقتراح لنهاية مؤثرة في الفيلم، حيث أضافت الكثير للعمل وفتحت له آفاقاً أوسع وأرحب، كما أن الفنان الكبير «جمال العلي» كان في منتهى الحرفية والمهنية، حيث التصق بالدور ولم يكن لديه أي محظورات وخاصة خلال التصوير في مكب النفايات، كما أن الطفل «حمود أبو حسون» الذي قدم دور البطولة من خلال شخصية «كريم» هو طفل موهوب ومبدع، إضافة إلى والد الطفل الأستاذ عادل أبو حسون الذي كان له دور كبير في تدريب الطفل على أداء الشخصية، حيث جلسنا مع بعضنا وقمنا بعدة بروفات لنصل للشكل النهائي للشخصية، إضافة إلى عقد بروفات مع الممثلين ليكون هنالك تناغم وانسجام بينهم، وكل ذلك ساعد على أن تكون عمليات التصوير سلسة من دون وجود عوائق حقيقية، والعقبات التي واجهت عملنا هي الحرارة الشديدة».

وهذا موعد العرض

وعن تعامله مع المؤسسة العامة للسينما وموعد عرض الفيلم أوضح المخرج محمد سمير طحان قائلاً: «التعاون مع المؤسسة العامة للسينما في هذه التجربة الاحترافية كان جيداً، حيث حاولت المؤسسة تقديم كل ما يلزم لنجاح عملية التصوير سواء من ناحية مواقع التصوير والمستلزمات من كادر فني وفنانين، وأعتقد بأنني وفقت لحد كبير في عمليات التصوير، واقتربت لحد كبير لما يوجد في ذهني وما أنوي أن أصل إليه من نتيجة في هذا الفيلم، أما بالنسبة لموعد عرض الفيلم فنحن حالياً في صدد العمليات الفنية للفيلم والتي تتطلب وقتاً، وإذا كان يوجد في هذا العام مهرجان للأفلام القصيرة فسوف يكون الفيلم حاضراً للعرض، أما في حال عدم وجوده فسوف أسعى ليكون للفيلم عرض خاص».

الدور حساس جداً

كما تواصلت «الوطن» مع الممثل القدير «أسامة الرومامي» الذي تحدث لنا عن مشاركته ضمن فيلم «أماني» بعد غياب خمسة وأربعين عاماً عن السينما، قائلاً: تحدث سابقاً المخرج سمير طحان عن الشخصية المفصلية في الفيلم، حيث يقف حائراً ويسأل نفسه في البداية عن رغبته في أن يكون شخصاً فعالاً في إنقاذ طفلة يعتقد بأنها تتعرض للتعنيف، وأنا سأقوم بتجسيد شخصية الكاتب الذي يصدف الطفل في مكان ما، حيث يتمحور دوري حول الشخص الذي يجعل أحلام هذا الطفل تنفتح على واقع مغاير تماماً لمكان هذا الطفل، ولم يكن يتوقع هذا الطفل أن يصل إلى هذا المكان، فالدور حساس جداً، وطريقة المخرج والمؤلف محمد سمير طحان في تقديم الفيلم تحمل الكثير من الحرفية، وهذا السبب الذي جعلني أشارك في الفيلم وكنت سعيداً في هذه التجربة والشخصية».

نحلم بالخلاص

وعن رأيه باتجاه السينما نحو القضايا التي تتعلق بعمالة الأطفال، التي ازدادت بسبب الأزمة السورية حيث أوضح الروماني قائلاً: «الطفل بشكل عام تأزمت حياته ومستقبله وسوف يتأثر بسبب واقع الأزمة التي نعيشها، وهذا الفيلم هو إحدى المحاولات لتسليط الضوء على دور مهم للجهات الرسمية والخاصة والأفراد للنظر للمستقبل لأنه ملك هؤلاء الأطفال، وإذا لم نرعَ تماماً بداية أحلامهم التي ستكون بمنزلة السلم الذي سيكونون عليه فيما بعد، بالتأكيد سنتعرض لأزمة كبيرة في المستقبل، ونحن ما نعيشه الآن ونتحمله هو الأمل بالخلاص والوصول إلى نهاية سعيدة في سورية جميلة كما نهوى وكما نحب، وأعتقد بأن هنالك معنى مجازياً لعنوان الفيلم «أماني» وهي أماني الجميع، وهذه الأماني بحاجة لجهد ملموس لتخليص الطفولة من كل ما يعيقهم لتأمين حياة صحية وشريفة وآمنة لمستقبلهم، وهذا الفيلم هو صرخة مشروعة في وجه كل ما يتعرض له الأطفال، وأتمنى أن ترافقها صرخات أخرى، وأعتذر عن التعبير، كنت أتمنى أن تكون همسات لكن على ما يبدو أصبح مجتمعنا محتاجاً لصرخات، لأننا أصبحنا بحاجة لكي يكون لدينا وعي بأنه يقع على عاتقنا واجب كبير نحو الطفولة لأن هؤلاء الأطفال هم الصناع والمستقبل لسورية».

السينما تلهمنا

كما أضاف القدير أسامة الروماني في نهاية حديثه، قائلاً: «السينما دائماً هي الضمير المعبر عن أفكار مبدعين يعيشون بيننا، ويستشرفون أشياء ويحاولون ترجمتها من خلال صور مرئية أمام الشاشة التي تستطيع تحريك المشاعر، فالمؤلفون والمخرجون يعلمون دورهم في الحياة ويقدمونه ليس عن طريق الندوات والخطابات والمهرجانات والتعليقات المباشرة، حيث باتوا يقدمون هذه الأفكار من خلال شاشة وفن عبر عشرات السنين، وكان لهم دور مهم وكبير ليس في تغيير وجهة النظر فحسب، بل عندما يلهموننا بما يجب علينا تقدمته».

في النهاية يذكر أن الفيلم القصير «أماني» من تأليف وكتابة «محمد سمير طحان» وإنتاج المؤسسة العامة للسينما، وبطولة كل من «أسامة الروماني، نجاح مختار، صباح السالم، مادونا حنا، مضر عساف، والطفل حمود أبو حسون، إضافة إلى الطفلتين أليسار نعمان وروسيل إبراهيم».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن