ثقافة وفن

الموت يغيّب الفنان القدير بسام لطفي والفنانون يودعونه … لم يدرس التمثيل أكاديمياً لكنه اكتسب الخبرة وصقل موهبته من خلال تجربته مع جيل الرواد

| سارة سلامة- تصوير: مصطفى سالم

شيّعت الأوساط الفنية بعد ظهر أمس، الفنان الكبير الراحل بسام لطفي، وانطلق موكب التشييع من مشفى الأسد الجامعي إلى جامع لالا باشا حيث صلي على جثمانه الطاهر قبل أن يوارى الثرى في مقبرة الدحداح، وبعد رحلة فنية طويلة قدم خلالها أكثر من 100 عمل في الدراما، ويعتبر من أشهر الأصوات الإذاعية عبر ما قدمه في برنامج «حكم العدالة» على مدار 30 عاماً، ولطفي المولود في مدينة طولكرم الفلسطينية عام 1940 ثم انتقل مع أسرته إلى سورية بعد نكبة 1948- يعتبر واحداً من الرعيل الأول للدراما السورية ومن المساهمين في تأسيسها، إذ شارك في تأسيس نقابة المهن التمثيلية في سورية؛ وهو ما جعل البعض يطلق عليه لقب «عميد الدراما السورية»، خاصة أنه قدم خلال مشواره عدداً كبيراً من أهم الأعمال وأشهرها: «يوميات مدير عام»، «نهاية رجل شجاع»، «إخوة التراب»، «التغريبة الفلسطينية».

أسس مؤسسات فنية

تلقى بسام لطفي تعليمه الابتدائي في مدارس طولكرم وكان والده معلماً، لكن عند نشوب حرب 1948، وصل جيش الإنقاذ العربي من سورية إلى فلسطين؛ حيث شهدت مدينته طولكرم العديد من المعارك، وشاركت وقتها والدته في تأسيس مستشفى مع نساء مدينتها وتطوعت بطهي الطعام للجرحى والجنود. وعند انسحاب جيش الإنقاذ، انتقلت العائلة إلى سورية على أمل العودة إلى فلسطين مرة أخرى.

وبعد سنوات، بدأ بسام لطفي نشاطه الفني والمسرحي في دمشق عام 1957، وأسهم في تأسيس عدد من المؤسسات الفنية السورية، منها نادي الشباب العربي والمسرح القومي السوري، والمسرح العسكري السوري، والمسرح الوطني الفلسطيني.

العديد من الأعمال

وخلال مشوار امتد لسنوات طويلة، قدم بسام لطفي نحو 109 أعمال، وكان آخرها ظهوره ضيف شرف في مسلسل «حارس القدس» عام 2020، وضيف شرف في «باب الحارة» الجزء العاشر عام 2019، ومن أعماله أيضاً «شوارع الشام العتيقة»، و«شبابيك»، و«قاع المدينة»، و«الحوت»، و«ولادة من الخاصرة»، وقدم شخصية عبد الله بن الزبير في مسلسل «فارس بني مروان» و«أحلام كبيرة».

وفي السينما، قدم فيلم «دمشق –حلب»، و«زهرة حلب»، و«دمشق مع حبي»، و«رجال تحت الشمس».

ويُعد بسام لطفي من جيل الممثلين السوريين الأوائل الذين ساهموا في تأسيس الدراما السورية، وشارك في عشرات الأعمال والمسلسلات التي حققت شهرة عربية واسعة، أبرزها «يوميات مدير عام»، و«نهاية رجل شجاع»، و«إخوة التراب»، و«التغريبة الفلسطينية».

ويعتبر الراحل من الجيل المؤسس للدراما السورية ومن أبرز نجومها عبر مسيرة فنية امتدت عشرات السنين جسد خلالها العديد من الأدوار التمثيلية في المسرح والإذاعة والتلفزيون والسينما تاركاً بصمة فارقة في تاريخ الفن السوري.

مشاركات متنوعة

كما تنوعت تجربته الفنية بين أعمال السينما والمسرح والتلفزيون والإذاعة، فكان فيلم «زهرة المدينة» إخراج محمد شاهين أول عمل سينمائي شارك فيه على الرغم من أنه لم يدرس التمثيل أكاديمياً، لكنه اكتسب الخبرة وصقل موهبته من خلال تجربته مع جيل الرواد منذ بداية عمله مع المؤسسة العامة للسينما وبعد ذلك عمل مع المخرج خالد حمادة في فيلم «السكين» الذي يتحدث عن قصة للأديب غسان كنفاني بالتعاون مع الفنان الراحل رفيق سبيعي.

ولعب لطفي أحد أدوار البطولة في رائعة المخرج المصري الكبير توفيق صالح «المخدوعون» والتي تعد من أهم أفلام مؤسسة السينما، وحاز خمس جوائز في عدة مهرجانات إضافة إلى مشاركته في العديد من الأفلام السينمائية منها «الاتجاه المعاكس» لمروان حداد و«دمشق مع حبي» للمخرج محمد عبد العزيز و«فانية وتتبدد» لنجدة أنزور و«دمشق حلب» لباسل الخطيب.

وشارك في العديد من الأعمال المسرحية خلال فترة عمله بالمسرح الوطني الفلسطيني في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي على اعتبار أن المواضيع الوطنية كانت تتصدر قائمة العروض آنذاك وكان الهدف منها تقديم ثقافة مسرحية.

وكان له حضور خاص في الدراما السورية منذ انطلاقتها فشارك في العديد من الأعمال مثل «حكايا الليل» للراحلين محمد الماغوط وغسان جبري عام 1972 مروراً بـ  «دائرة النار» و «أبو كامل» و«نهاية رجل شجاع» و«يوميات مدير عام» و«صقر قريش» و«جرن الشاويش» وغيرها الكثير.

ولم يتوقف الفنان الراحل لطفي عن العمل والإبداع يوماً على الرغم من سنوات عمره التي تجاوزت الثمانين تاركاً مسيرة فنية حافلة بالعديد من الأعمال الدرامية والمسرحية والإذاعية والسينمائية حصد من خلالها العديد من الجوائز.

النجوم في وداعه

ومن بين النجوم الذين ودعوا بسام لطفي، سلاف فواخرجي التي كتبت عبر حسابها الشخصي على موقع فيسبوك: «الرحمة والسلام لروح الفنان القدير والدافئ بسام لطفي، خالص العزاء لعائلته العزيزة وأصدقائه ومحبيه». بينما نشرت أمل عرفة صورة للراحل وعلقت عليها بكلمات:«الفنان الكبير بسام لطفي في ذمة الله عاش كالنسمة ورحل كالنسمة البقاء لله».

بدورها عبرت شكران مرتجى عن حزنها الشديد لرحيل بسام لطفي وكتبت: «إنا لله وإنا إليه راجعون، الفنان الكبير الأستاذ بسام لطفي رحمة الله عليك عزؤانا لعائلته ولمحبيه قامة فنية أخرى تغادرنا». أما رنا شميس فودعت النجم الذي رحل بعد أيام من وفاة أنطوانيت نجيب وكتبت: «الله يرحم أرواحكن.. شو كنتو غاليين عالقلب.. الأستاذ القديربسام لطفي، السيدة القديرة أنطوانيت نجيب».

ونعاه أيمن زيدان بصورة نشرها له عبر حسابه الشخصي وتعليق كتب فيه: «الفنان الخلوق والرجل الطيب ..بسام لطفي ..لروحك الرحمة».

بينما استعاد مصطفى الخاني ذكرياته معه في منشور كتب فيه: «العم الغالي والأستاذ الكبير بسام لطفي ألف رحمة لروحك الطيبة، عزائي لإياس وفراس والخالة أم فراس وكل محبينك، خسارتنا كبيرة اليوم برحيل أحد أطيب الأشخاص في الوسط الفني، ورحيل أحد أوائل مؤسسي التلفزيون السوري والمسرح القومي ومؤسسة السينما والإذاعة السوريّة ومؤسس في نقابة الفنانين (رقم بطاقته ١)».

وأضاف: «الله يرحمك يارب، كنت أباً وأستاذاً لنا جميعاً، ستبقى حياً في قلوبنا، وخالداً في ذاكرة الأجيال، لقد تنوعت تجربته الفنية بين أعمال السينما والمسرح والتلفزيون والإذاعة، سأعيد نشر ما كتبته عنك منذ ثلاث سنوات، لأني لن أنسى سعادتك الكبيرة عندما قرأته ولن أنسى ماقلته لي، الحمد للـه بعد في ناس بتتذكر».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن