شؤون محلية

القمة العالمية والتعليم السوري

| ميشيل خياط

أنجزت وزارة التربية مؤخراً، الورقة السورية لقمة التحول في التعليم، التي ستعقد في مبنى الأمم المتحدة في نيويورك في شهر أيلول القادم.

وبغض النظر عن تلك القمة وماذا سنستفيد منها، فإنها قد حفزت على إنجاز صورة شديدة الوضوح، شفافة وجريئة، عن واقعنا التربوي التعليمي، في زمن الحرب وقد دامت 12سنة حتى الآن.

ولعل هذه الصور تتيح تشخيصاً دقيقاً لاحتياجاتنا في أهم مرفق من مرافق الحياة العامة.

لفتت تلك الورقة إلى كثير من المعطيات الرقمية، ولاسيما تلك التي نجمت عن الحرب، كتدمير الإرهابيين لـ8400 مدرسة، وحرمان 2.4 طفل من التعلم، أي ما يقرب من نصف عدد الأطفال السوريين داخل وخارج سورية، من عمر (5-17سنة) وهو 5.52 ملايين طفل. بالمقارنة مع نسبة التحاق في التعليم الابتدائي 98 بالمئة قبل الحرب.

ولاحظت الورقة، أنه بسبب الحرب والحصار الاقتصادي، انخفض الإنفاق على التعليم من 14.67 بالمئة في العام 2010 إلى 5.74 بالمئة في العام 2021، وعلى الرغم من ذلك كله، جرى تدريب آلاف المعلمين وتم اعتماد المنهاج (ب) بالتعاون مع اليونيسيف، وهو يتيح اكتساب صفين ابتدائيين في سنة واحدة، وعبرت سنوات جائحة كورونا، من دون إصابات بين التلاميذ والطلاب وسط عقامة ممتازة للصفوف وقاعات الامتحان والحمامات بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية.

لقد وصلت نسبة النجاح في الشهادة الثانوية العامة، الفرع العلمي هذا العام إلى 66.57 بالمئة وتعد ممتازة مع نسب سابقة، ما يشكل ربحاً كبيراً من منظور اقتصاديات التعليم (استنادا إلى حوار سابق مع الدكتور عبد الحكيم حماد معاون وزير التربية)، وهو ذو باع طويل في التوثيق الإحصائي الذي يميز وزارة التربية، بدأب قلّ نظيره.

إن نسب النجاح العالية ربح مباشر، على حين أن الأرباح غير المباشرة أهم وأعظم، وفي زمن تحول التعليم، تبرز مسألة التعليم المهني والتقني، وهي ضرورة سورية ماسة، في مرحلة إعادة الإعمار.

ومن أجل هذا التعليم وانتشاره أكثر، ولاسيما بعد إصدار السيد الرئيس بشار الأسد القانونين 38و39، وهما يحولان المدارس والمعاهد المهنية والتقنية إلى مراكز إنتاجية، لعلنا بحاجة إلى قمة سورية، تحشد كل الجهات المعنية والنخب الأسروية والطلابية والمدرسين والمدربين، لتأجيج حماسة السعي نحو تطبيق هذين القانونين.

إن الموقف الإيجابي منهما، يحظى بأهمية بالغة، ولعل كلمة مفيدة من كل مدرس ومدرسة ومدرب ومدربة وهم بعشرات الألوف، تشجع وتحفز على الإقبال بحماسة على العمل الإنتاجي واستفادة المصانع العامة والخاصة من مهارات المدربين والطلاب والناس في الأحياء القريبة من تلك المدارس والمعاهد من الورش المتطورة فيها للصيانة، بأجور رحيمة.

لقد كشفت الورقة التربوية السورية أن تكاليف تعليم طالب المهني التقني هي: (517189) ليرة سورية في السنة حسب أرقام العام 2021، بالمقارنة مع (85764) ليرة سورية لطالب الثانوية العامة.

وإذا كانت هذه المقارنة تضيء كم هو محظوظ طالب التعليم التقني المهني، فإنها في الوقت ذاته، تلح على ضرورة تفعيل القانونين 38 و39 والبدء على نطاق واسع بالارتقاء إلى تمويل جزء من نفقات هذا التعليم الباهظة، وتحقيق دخل شهري مرتفع للطلاب والمدربين والمدرسين والإداريين. (يقدر د. م. محمود بني المرجة معاون وزير التربية أن يصل دخل الطالب في المدرسة المهنية التقنية إلى 200 ألف ليرة سورية في الشهر)، ولعل ذلك سيحفز الأجيال اللاحقة على التهافت على التعليم المهني التقني، وهذا في مصلحة الشباب ومستقبلهم المشرق بلا بطالة وفي مصلحة إعادة بناء سورية أجمل وأفضل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن