قضايا وآراء

إسرائيل بين نارين

| هديل علي

إلى الواجهة الساخنة يعود ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وسلطات الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، وتتسارع تلك الخطوات بيد الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين بضغط مزدوج إسرائيلي من طرف وأميركي غربي من طرف آخر.

الطرف الإسرائيلي الذي يرى أسس مصالحه تتكسر على امتداد جغرافي كبير يمتد من طهران التي تكاد أن تنجز اتفاقاً نووياً مع الأطراف المعنية وتحقق نصراً دبلوماسياً جديداً يضاف إلى سجلاتها، ومنها إلى بيروت التي تفرض معادلات محور المقاومة وطنياً لبنانياً وإستراتيجياً إقليمياً، وصولا إلى عمق القرار السياسي في تل أبيب الذي لم يعد يحظى بثقة شارعه بعد فرض إرادة تعاكس مصالحه الاستعمارية.

أما الطرف الأميركي الغربي فإن ضغوطه تهدف للإسراع بإنجاز اتفاقية ترسيم الحدود والشروع باستخراج غاز المتوسط، باعتباره الحل الأمثل والبديل الأوفر حظاً للغاز الروسي مهما كلف الأمر من وقت، وخاصة أن الشتاء الأوروبي القادم سيكون قاسياً بعد قطع مصادر الطاقة الروسية ولن يقبل به الأوروبيون الذين قد يشذون عن الطوق الأميركي.

بين نارين تُرغم إسرائيل على المضي، فلا خيار أمامها، وخاصة أن المقاومة اللبنانية مصرة على عدم المساومة على حقوق لبنان في النفط والغاز المتوسطي، فهي رسمت المعادلة إما الحرب أو الاستخراج لمصادر الطاقة كل في حدوده الإقليمية، بعد خروج واشنطن من لعبة الخطوط الحمراء التي تضعها حول قضايا استخراج الطاقة الأحفورية شرق المتوسط.

«التعايش مع إيران نووية»، عبارة بات يرددها إعلام العدو كتحضير للرأي العام في الداخل الصهيوني، ونسف كل التهديدات التي أطلقها يوماً قادته ضد طهران، وخاصة أن واشنطن ماضية في إنجاز الاتفاق النووي الإيراني، ليتساءل محللون سياسيون ماذا استفادت إسرائيل من كل اعتداءاتها على نقاط محددة تابعة لمحور المقاومة على كامل جغرافيته؟ طبعاً لن تنال إلا الفشل، يقابله نصر محقق لمحور المقاومة سيناله بالصبر الإستراتيجي أمام سياسة الضغوط الاقتصادية القصوى الأميركية والأوروبية، وهي ضغوط اعترف بها مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر، خلال ندوة في «معهد واشنطن» عشية الانتخابات النيابية اللبنانية التي جرت في أيار، وتحدّث حينها عن العقوبات التي فرضتها واشنطن على لبنان والتي زامنتها عمداً مع قيام وكالات التصنيف الائتماني بخفض التصنيف، بهدف شل الاقتصاد اللبناني وإحداث خلخلة أمنية لأسباب اقتصادية معيشية، وجرّ بيروت لتنازل كامل عن الحقوق النفطية المتوسطية، ومن ثم استحواذ واشنطن وتل أبيب على حصة لبنان.

القناة الرابعة في إعلام العدو قالت إن إسرائيل قدمت من خلال الوسطاء عرضاً جديداً للبنان لحل أزمة ترسيم الحدود البحرية، مبينة أنها أكدت للوسطاء أنها لن تتنازل في مسألة منصة كاريش، التي بدأت بتشغيلها في الآونة الأخيرة لاستخراج النفط والغاز.

والمنطقة المتنازع عليها هي منطقة بحرية تبلغ مساحتها 860 كيلومتراً مربعاً، وهي غنية بالنفط والغاز، وبحسب مصادر إعلامية فإن لبنان ينتظر عودة المبعوث الأميركي آموس هوكوشتاين، حاملاً الجواب الإسرائيلي بخصوص ترسيم الحدود وفق الخط 23 وحقل قانا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن