اقتصاد

عقدت اجتماعاً استثنائياً وشكلت فريقاً بحثياً … سابقة خطيرة.. جامعة حلب تحاسب أستاذاً جامعياً حول تصريح صحفي

| فراس القاضي

كانت كل الأمور في جامعة حلب بألف خير، وليس هناك أي مشاكل، ولا شكاوى، ولا يوجد أي معوقات أمام العملية التدريسية، والطلاب كذلك بألف خير، والجميع سعداء، إلى أن أدلى الدكتور في كلية الاقتصاد حسن حزوري برأي أكاديمي لجريدة «الوطن» بعد رفع سعر البنزين، فاستنفرت الجامعة، ومعها مجلس كلية الاقتصاد، وعقد المجلس اجتماعاً استثنائياً ظهر يوم الأحد 21 آب 2022، لمناقشة مضمون رأيه الذي أدلى به للإعلام الذي يطلق عليه صفة «الوطني».

ليس كذلك فقط، بل ارتأى مجلس الكلية تشكيل فريق بحثي لدراسة النقاط الواردة في تصريح د. حزوري، وتقديم تقرير علمي موضوعي يستند إلى معلومات من الجهات صاحبة الشأن بهذا الموضوع.

فتحول صاحب التصريح إلى قضية، وأوضح الدكتور حزوري لـ«الوطن» أن ما جرى هو سابقة، وأن هذه هي المرة الأولى في تاريخ المجالس الجامعية – وبناء على إلحاح وطلب من رئيس جامعة حلب وبكتاب رسمي – يعقد مجلس كلية الاقتصاد اجتماعاً استثنائياً، تم استدعاؤه إليه من دون أن يعلم السبب.

وأضاف: هذه ليست المرة الأولى التي أتعرض فيها لمثل هذه المناكفات، والسبب هو جرأتي في الحديث عن مكامن الخلل وعن الفساد، متمثلاً بما يحث عليه السيد الرئيس بشار الأسد في كل مرة يتحدث فيها عن الإعلام، وما أدليت به حول أسعار البنزين، وكل رقم ذكرته، أنا مسؤول عنه بالحجة والدليل العملي والاقتصادي.

وزود حزوري «الوطن» بالأسئلة والنقاط التي وضعها – كما قالوا – فريق بحثي، والتي كانت حول:

1- إمكانية تباين أسعار النفط والمشتقات النفطية بين مصدر ومصدر آخر، ولاسيما في ظل عدم استقرار سوق الطاقة العالمي والقيود التي تفرض على بعض الدول فيما يتعلق بحجم صادراتها من النفط والمشتقات النفطية.

2- أثر تباين مصادر توريدات النفط والمشتقات النفطية التي يتم توريدها إلى البلد في تكاليف هذه التوريدات.

3- دور تكاليف النقل في تحديد سعر المنتج النهائي في الأسواق المحلية، ولاسيما في ضوء التباين الواسع فيما يتعلق بجغرافية مصادر الطاقة العالمية، بين أسواق قريبة وأسواق بعيدة.

4- أثر طريقة تسديد قيمة التوريدات في أسعار فاتورة التوريدات، بين التسديد نقداً بشكل مباشر، والتسديد الآجل لعدة أشهر أو ربما لسنوات، وشكل انعكاس عدم توافر التمويل النقدي على فاتورة التوريدات والتكاليف، وبالتالي أسعار المبيع في السوق المحلية.

5- أثر تكاليف التأمين على توريدات النفط والمشتقات النفطية، وكذلك على وسائل نقل هذه المادة، ولاسيما في ظل تداول معلومات سابقة حول استهداف نواقل النفط والمشتقات النفطية المتجهة إلى البلد.

وعن هذه النقاط، قال حزوري: إنها أسئلة مصوغة بشكل غير علمي أو منهجي، ومن الواضح أن من وضع الأسئلة هو شخص غير مختص، لأن الإجابة عنها يحتاج إلى معلومات دقيقة، ولجان علمية ومتخصصة، ومعلومات قد تكون غير متاحة حتى لدى الجهات الحكومية المعنية.

وختم حزوري بأنه لن يتوقف عن الإدلاء بالتصريحات للإعلام السوري، وخاصة لصحيفة «الوطن» العريقة والوطنية بامتياز، والتي يصنفها شخصياً بأفضل وسيلة إعلام في سورية.

لو أن ما حــدث كان من قبـل إحـدى الجهـات الحكومية، من وزارة النفط مثلاً، لكان الأمر عادياً، لأنها الجهة المسؤولة عن الموضوع، والتي من الممكن أن تشعر بأن الكلام موجه إليها، أما الغريب، بل الغريب جداً، أن يحدث ما حدث في جامعة، أي في المكان الذي من المفترض أن يكون المعرض الكبير للأفكار والجدالات والنقاشات، وخاصة تلك التي تهدف إلى تصويب الأمور، وخاصة تلك التي تمس حياتنا بشكل يومي، فهذا لا يليق بجامعة لها تاريخها كجامعة حلب.

ونحن في «الوطن»، نؤكد أننا لسنا بصدد الدفاع عما ينشر في صفحاتنا، لأننا نراعي أشد قواعد المهنية فيما ننشر، ولا نغفل الرأي الرسمي الحكومي أبداً في أي موضوع، بل نبني عليه، ونستضيف الخبراء من باب إغناء الحدث وتفنيده، وطرح الحلول الممكنة للوصول إلى الحل الأمثل.

بقي أن نذكر أن ما جرى مع الدكتور حزوري كان بعد أقل من أسبوع على مرور عيد الصحافة السورية، وبعد بيان المعايدة الذي صدر عن رئاسة مجلس الوزراء الذي عايد فيه الصحفيين وتحدث فيه عما قدموه وما يزالون يقدمونه لوطنهم في واحدة من أقسى حروب التاريخ الحديث، وبعد أن شددت رئاسة الحكومة في معايدتها على أن «المعلومة حق من حقوق الصحفيين يتحتم على جميع الوزارات والمؤسسات والجهات العامة تمكين الصحفيين من الحصول عليها بكل يسر وسهولة»، وذلك من أجل «تسليط الضوء على مكامن الخلل إن وجدت»، وطرح الحلول .

نضع ما حصل مع د. حزوري برسم المعنيين لإنهاء هذه الحالة الشاذة والمرفوضة عموماً، على أمل أن يتم تدارك الأمر بالسرعة القصوى.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن