الخروج إلى الجنة!
| عصام داري
في لحظة قاسية، أليمة، حزينة، نشعر أن كل الأبواب قد أغلقت في وجوهنا، وينسكب الحزن شلالات في النفوس والأرواح، ونظن أن النهاية اقتربت، عندها نرى أن الموت يستوي بالحياة، وتخترق الكآبة كياننا وتتوقف عجلة الزمن.
ننسى أيام الفرح التي مرت علينا، ولحظات العشق التي عشناها بشغف وحبور، والسهرات السحرية التي شكلت محطات حلوة في دربنا الطويل.
لكننا في تلك اللحظة نفسها تقرع جرس ذاكرتنا قصة منسية، أو لحن ساحر، أو قصيدة سمعناها ذات مساء وتركت خدراً لذيذاً في أنفسنا وذكريات حب أشعلت أياما من أعمارنا.
ذكريات توقظ تلك الأحاسيس التي كانت لنا ثروة وحصاد عمر، وحكاية صارت من الماضي الجميل، والزمن الجميل الذي نتوق إليه ونتحدث عنه مع كل إشراقة شمس وغروبها. هي أحلى ذكريات العمر.
نكتشف أننا قادرون على قتل اليأس، والانتصار على الكآبة الكاسحة، وتحويل الحزن إلى مساحة جديدة لفرح وسعادة، على الرغم من كل الظروف القاسية، والتيارات الجارفة من الأحقاد والكراهية والبغضاء التي تروج لها عقول منغلقة، ومخلوقات مازالت تعيش في زمن الرق ووأد البنات.
نكتشف أن الدنيا حلوة، ولا يعرف طعم هذه الحلاوة إلا من تذوق مرارة وعلقم الحياة. هي حال الدنيا، والنصر يكتب لذوي النفس الطويل وعشاق الحياة وأصحاب القلوب العاشقة والمفعمة بالحب والمحبة.
نحن قادرون على استئصال الكآبة القاتلة من نفوسنا وأرواحنا وعقولنا، وشق طريق الحياة بقوة الحب والمحبة الصافية النقية، والكآبة كما تعلمون، تقود إلى أحد دربين لا ثالث لهما: إما الجنون، وإما الانتحار.
الخروج من أي أزمة نمر فيها يكون أولاً بالاعتراف أننا فعلاً نمر بهذه الأزمة، ومن ثم نبحث عن الترياق الشافي، والعلاج المناسب، الذي يبدأ من أنفسنا أولاً، لأننا الأقدر على معرفة أمراضنا والأدوية الشافية لها.
اغتنام كل لحظة إشراق هو لحظة فارقة في حياتنا نعلن فيها نصرنا على الأحقاد والبغضاء، فالنور سينتصر على الظلمات مهما ادلهم الليل الطويل، هنا ننتصر على ذواتنا والأنانية الرخيصة التي تسيطر على مساحة كبيرة من نفوسنا.
أزماتنا في معظمها من صنعنا نحن، من الأنانية القاتلة، من الجشع المعشش في النفس البشرية، على مستوى الأفراد والدول، لو نتخلى عن ربع أنانيتنا، فربما كنا في حال أفضل، ولما انشغلت الشعوب والأمم والدول بحروب مدمرة للروح والإنسان، ولإرث الأجداد من المعالم الحضارية الخالدة، التي لم تعد خالدة عندما امتدت إليها يد الإجرام وراحت تعمل فيها تخريباً!.
لو استبدلنا الحقد بالتسامح، والبغضاء بالحب، والبناء بالتدمير والتخريب، وكل ما هو سلبي بكل ما هو إيجابي، ألم نكن اليوم في رغد العيش، وقمة الفرح والسرور والعطاء.
لكننا نعيش عصر الظلم وانقلاب المفاهيم واغتيال القيم النبيلة، وإعدام الفضيلة والمبادئ الإنسانية!.
رغم كل ما جرى ويجري سنظل عشاقاً للحياة والجمال والفرح، ننشر المحبة في كل مكان، ونزرع الحب في النفوس، ولن نيئس، وها نحن نبدأ رحلة الخروج من الظلام إلى النور، ومن الجحيم إلى الجنة.